القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

فلسـطينيو مخيمـات الجنـوب والشـمال متحمّسـون لمسـيرة الأحـد

نقاشــات حــول التبعــات الأمنيــة لتحــرك «يــوم النكســة»
فلسـطينيو مخيمـات الجنـوب والشـمال متحمّسـون لمسـيرة الأحـد
 
الخميس، 02 حزيران، 2011
المصدر: السفير

تعيش المخيمات الفلسطينية في صور وصيدا والشمال حالاً من الحماسة في انتظار مسيرة «يوم النكسة» الأحد المقبل، فيما تجري التحضيرات لها على قدم وساق لتكون المسيرة المرتقبة شبيهة بزحف آلاف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى الشريط الحدودي في 15 أيار الماضي. وفي المقابل، رفعت جرافتان إسرائيليتان معاديتان أمس، سواتر ترابية قبالة بلدة مارون الراس، فيما قامت ورشة اسرائيلية بصيانة الشريط الشائك، وترافق ذلك مع غارات وهمية لطائرات حربية معادية.

حماسة منقطعة النظير لدى الشباب والفتيان، كما لدى الكهول والنساء، للمشاركة في مسيرة الخامس من حزيران باتجاه الجنوب انطلاقاً من مخيم عين الحلوة قرب صيدا (محمد صالح). والجميع في المخيم ينتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر، من أجل الثأر للشهداء وللدماء التي سقطت في مارون الراس في 15 أيار الماضي. وقد أبلغ عدد من الشبان والفتيان ذويهم بتوجههم إلى الجنوب الأحد المقبل للاستشهاد من أجل فلسطين و«لن نعود إلى المخيم إلا شهداء».

وفي المخيم، يرى محمد الجمال (17 سنة) أنه سيتوجه «إلى الشريط الحدودي لنؤكد على حق العودة، ولنقول للجميع ولإسرائيل إن هذه أرضنا، وأنا ناوي أطلع لو شو ما صار حتى لو منعنا من الوصول، المهم ان نقوم بأي شيء يؤكد حقي في أرضي هناك في فلسطين وسوف نعود إليها»، مضيفاً «مش خايفين من اليهود. وانا شاركت في مسيرة 15 أيار، واليوم سجلت اسمي في مسيرة 5 حزيران». أما سهيلة سويد (27 عاما) على أنها ستكون الأحد المقبل «على مشارف وطننا فلسطين، حتى نؤكد للعدو أنه يحتل أرضنا، حتى لو أطلقت إسرائيل النار علينا وقتلونا، وكنت أنا أول شهيدة، وحتى لو قدمنا كل مخيم عين الحلوة شهيداً، المهم أن يعرف العالم أن فلسطين أرضنا، وحق العودة حتمي». بدورها هدى حسين (26 عاماً) أعلنت «أنا بدي أطلع عالشريط الحدودي، لأني بدي أشوف بلادي، ولأقول للعالم حدا بيكون عندو بلد وينساه! ونحن لن ننساك يا فلسطين».

أما سعيد صبحة (63 عاماً)، فيؤكد على أنه «مع استمرار التحرك المنظم، للتأكيد على حق العودة». وقال: «على منظمة التحرير الفلسطينية وكل الفصائل استثمار دماء شهداء مارون الراس، ومن بينهم دم ابني الشهيد من أجل حق العودة إلى فلسطين وليس من أجل أي شيء آخر». وتقول سحر أبو شقرا، شقيقة الشهيد عماد أبو شقرا: «أنا متحمسة كثيرا للطلعة إلى الشريط الحدودي نهار الأحد. وقد قمت بتسجيل اسمي، أنا ومعظم افراد عائلتي، ويا ليت الطلعة اليوم قبل الغد، حتى آخذ بثأر شقيقي من عدونا اسرائيل».

من جهته عضو لجان حق العودة في مخيمات صيدا فؤاد عثمان أكد على أن «الشعب الفلسطيني متحمس جداً، وتم اتخاذ أغلب التحضيرات بما فيها تسجيل الأسماء». أضاف «لكن الجو العام متخفظ وحتى تاريخه لا يوجد موافقة من السلطة اللبنانية على المسيرة. ونحن لن نأخذ أي شيء على عاتقنا وعلى مسؤوليتنا وحدنا. وسوف نلتزم ما تقرره السلطة اللبنانية».

وكان المسؤول الفلسطيني في «حركة فتح» اللواء منير المقدح قد أكد على أن «الشعب الفلسطيني سيتحرك عن بكرة أبيه باتجاه الشريط الحدودي في الجنوب، في الخامس من حزيران تحت شعار «الشعب يريد تحقيق العودة إلى الديار الفلسطينية»». وتتركز النقاشات حول من سيتحمل التبعات الأمنية التي قد تحصل لبنانياً، وفلسطينياً، وعربياً، أو الأعباء التي قد تترتب على التظاهرة من توتير أمني لبناني - إسرائيلي، واحتمال سقوط شهداء وجرحى جدد.

ويأخد النقاش أبعاداً مختلفة في أكبر مخيمات لبنان، لكونه يمثل الخزان البشري لأي تحرك شعبي فلسطيني باتجاه الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة. ويتم التداول بمعلومات تردّدت بين الأوساط الفلسطينية، تشير إلى أن «الجيش اللبناني تمنى على مجمل الأطراف والقوى الفلسطينية أن تكون المسيرة مضبوطة وشبه رمزية. وأن الجيش لن يسمح بأن تتفلت الأوضاع الامنية في الجنوب على غرار ما حصل في مسيرة يوم النكبة».

في المقابل، كشفت مصادر لبنانية متابعة أن «هناك خشية لدى قوات اليونيفل من تداعيات الانفجار الذي استهدف الدورية الإيطالية الجمعة الماضي شمالي صيدا، ومن احتمال تكرار ذلك السيناريو في الخامس من حزيران في الجنوب اللبناني». وتؤكد المصادر على أن «قيادة قوات الطوارئ الدولية أعربت عن قلقها وخشيتها من مسيرة الخامس من حزيران أمام الجهات الرسمية السياسية والأمنية الرسمية اللبنانية، خلال الساعات الماضية. وأن اليونيفل متخوفة من يوم الأحد المقبل، ومن انفلات الأمر. وحذرت من احتمال انتقال مندسين بين المتظاهرين في ذلك اليوم إلى الجنوب».

كما يتردد في الأروقة الضيقة في المخيم أن «جهات سياسية لبنانية بارزة في الجنوب، أبلغت من يعنيهم الأمر من فصائل فلسطينية بارزة، بضرورة أخذ الاعتبارات الأمنية واللوجستية والسياسية للجيش ولقوات «اليونيفل» بعين الاعتبار، وعدم زيادة الأعباء الأمنية على الجميع، والقيام بمسيرة شعبية إنما مضبوطة الانفعالات ومحسوبة بدقة وبتحمل المسؤوليات». مخيمات صور تنتظر إشارة الانطلاقوفي صور (حسين سعد) يتأهب فلسطينيو مخيمات المنطقة كذلك للتوجه إلى الحدود الأحد المقبل، مبدين حماسة أكبر من تلك التي أظهروها «يوم النكبة»، الذي تعمد بشهيدين من مخيمي البرج الشمالي والبصّ، إضافة إلى عدد كبير من الجرحى، ما يزالون يعانون من إصاباتهم. ولكن أبناء المخيمات الثلاثة (الرشيدية، والبص، والبرج الشمالي)، والتجمعات الساحلية التي حشدت أكثر من عشرة آلاف مشارك في مسيرة العودة، ما يزالون ينتظرون إشارة الانطلاق من منظمي مسيرة العودة الثانية، التي لم تنجل بعد، نتيجة تداعيات ما حصل في المسيرة الأولى من جهة والتطورات المختلفة على الساحة المحلية من جهة ثانية.

منى (17 عاماً) من مخيم البرج الشمالي، التي كانت قد شاركت في مسيرة العودة إلى مارون الراس، تقول: «سأذهب إلى أي منطقة من الحدود مع فلسطين يتم تحديدها من قبل المنظمين»، لافتة إلى أنه «حتى الآن لم نتبلغ من اللجان في المخيمات بأي قرار حول التوجه إلى الحدود في ذكرى النكسة، من دون أن نعرف الأسباب». وتعتبر منى أن «عامل الخوف قد زال كلياً من نفوسنا، وخاصة بعد المواجهة مع جنود العدو الإسرائيلي، الذين أطلقو النار علينا بدم بارد من خلف الشريط الشائك»، مؤكدة على أن «أرضنا لن تتحرر إلا بدمائنا ومقاومتنا».

يرى ع. ميعاري من مخيم البص، أن «أبناء المخيم الذين قدموا الشهيد محمود سالم في مسيرة العودة، عازمون في الخامس من حزيران على الزحف نحو الحدود، إذا ما توفرت الأجواء بشكل عام، والمرهونة بموافقة السلطات اللبنانية. وقال: «إن موضوع التوجه إلى الحدود ليس بأيدينا. وذلك ما ننتظره من اللجان المنظمة، وبالتأكيد بعد موافقة السلطات اللبنانية وجلاء الأوضاع في دول المنطقة، التي ستشترك في التحرك».

ويلفت محمد الخطيب من مخيم الرشيدية، إلى أن «مسيرة العودة الثانية ضرورية، لتأكيد حقنا في العودة إلى ديارنا المغتصبة من العدو الإسرائيلي»، مشيراً إلى استعداده للتحرك، «ولكننا إلى لم نتلق أي جواب من المعنيين بخصوص التوجه إلى الحدود مع فلسطين».

وتفيد مصادر لـ «السفير» على صلة بالتحرك، بأن «التوجه إلى الحدود الفلسطينية الأحد المقبل أمر قائم من الناحية المبدئية»، مشيرة إلى وجود «أفكار مختلفة تناقش بين المعنيين، ومن بينها مسيرات وتجمعات تمتد على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية، انطلاقاً من الناقورة وحتى الخيام، يمكن أن يشارك فيها نصف عدد المشاركين في مسيرة العودة التي جمعت عشرات الآلاف، كانوا نقلوا بواسطة أكثر من ألف باص من كافة مخيمات لبنان، أو إقامة تجمعات رمزية في عدد من النقاط والبوابات اللبنانية المواجهة للاراضي الفلسطينية»، معتبرة أن «كل تلك الأمور لم تتبلور بعد جراء ارتباطها بموافقة السلطات اللبنانية على التحرك وطبيعته وتفاصيله».

وفي العرقوب (طارق أبو حمدان)، وتحت عنوان «بوابة مزارع شبعا.. بوابة العبور إلى القدس والأقصى»، دعا «تيار المقاومة اللبناني» لاعتصام حاشد عند بركة النقار ظهر الأحد المقبل. وأشار رئيس التيار جميل ضاهر إلى أن «الدعوة لتحرير مزارع شبعا والأراضي اللبنانية المحتلة، هي جزء لا يتجزأ من قضية تحرير الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها فلسطين»، داعياً «الجميع، ومن كافة شرائح المجتمع والقوى اللبنانية والفلسطينية المؤمنة بقضية فلسطين وتحرير الأرض، بالتوجه إلى بوابة العودة إلى فلسطين، بوابة مزارع شبعا، في يوم الاعتصام، فالمشاركة خير تعبير عن رفض الاحتلال والاستعداد لمواجهة العدو الغاصب بأشكال كافة حتى تحرير الأرض».في البارد والبداوي..

سنعيد الكرّةيلملم خير شحرور (21 عاماً من مخيم البارد) جراحه ويتعالى على الإصابة التي لحقت به في 15 أيار الماضي، تحضيراً لجولة جديدة من مواجهة العدو الصهيوني الأحد المقبل، غير آبه بحركته الثقيلة بفعل إصابته في قدمه، متمنياً أن يمن الله عليه إما بالعبور إلى الأرض التي يعشقها، أو أن يضاف إلى قافلة الشهداء التي انطلقت في مارون الراس، والتي برأيه «ستمهد لعودة قربية الى الوطن الأم فلسطين». وشحرور واحد من أبناء مخيمي البداوي والبارد الذين يتطلعون كل يوم إلى ذلك المجسم الذي يحمل صور شهداء مسيرة العودة وفي القلب غصة لو أنهم كانوا من بين صفوفهم.

أمام ذلك الواقع، يشهد مخيما البداوي والبارد (عمر إبراهيم) قبل ثلاثة أيام من موعد إحياء ذكرى النكسة، حماساً واندفاعاً واقداماً قلّ نظيرهم عند شبان تعرفوا بالأمس القريب على عدوهم وشاهدوا بالعين المجردة حدود بلادهم ولامسوا الشريط الشائك الذي يفصلهم عن ارضهم فنزفوا دماء وعرقاً وجهداً، وما زادهم ذلك الا إصراراً لمعاودة الكرّة ولو كان الثمن حياتهم. «لا شيء أغلى عندنا من فلسطين».. عبارة تختزل كل ما يمكن ان يُقال عن الاستعدادات والتحضيرات ليوم الأحد، والتي وإن كانت لم تبدأ بعد على الأرض، إلا أن التحضير النفسي لها انتهى عند معظم الشباب والفتية والفتيات في المخيمين والذين حسموا خيارهم بالمشاركة الكثيفة في ذكرى النكسة على غرار 15 ايار وبدأوا يحضرون ما يصفونه بالمفاجآت المذهلة للعدو الصهيوني مستفيدين من خبرتهم السابقة التي اكتسبوها في مارون الراس ومتحصنين بإيمان مطلق بأن النصر سيكون حليفهم وان الارض لا تتحرر الا بدماء ابنائها.

لا شيء في مخيمي البارد والبداوي يوحي بوجود تحضيرات لذكرى النكسة على عكس ما كان حاصلاً في 15 أيار حيث عمت اللافتات في حينها معظم الطرقات وانشغلت في وقتها مكاتب التنظيمات بتسجيل الاسماء، اما اليوم فالكل ينتظر الضوء الأخضر من المنظمين، ليبدأ تحضيراته، مع وجود قناعة راسخة لدى الجميع بان التحضيرات لهذا اليوم ستكون سهلة لكون الجميع سيحرصون على المشاركة في التنظيم لأن الموضوع بالنسبة لهم تجاوز في بعده الوطني دور الفصائل والقوى في التعبئة، بعدما تحول الى قضية تعني الجميع على حد قول شادي كروم (19 عاما من مخيم البداوي)، الذي أوضح «نحن لسنا بحاجة لمن يدعونا إلى المشاركة، فنحن جاهزون في أي وقت وما عليهم سوى أن يسهلوا وصولنا إلى الحدود، وحينها نعدهم باننا سنخلي لهم في العودة اماكن كثيرة في الباصات، لأنه سيكون في صفوفنا من دخل بإذن الله الى فلسطين او من كتب الله له الشهادة». لكن شادي الذي يستعدّ لخوض امتحان الشهادة الثانوية، عاد وليؤكد «انني في المرة السابقة لم أستطع التقدم الى الشريط الشائك بعدما منعني الجيش اللبناني، ولكن هذه المرة قطعت عهداً على نفسي بأن لا أعود قبل أن أتلمس تراب فلسطين وأقبله ولو كلفني ذلك حياتي».

«سأذهب طبعاً»، رد بديهي تسمعه على لسان كل من تصادفه في طريقك في المخيمين، لكن المفارقة هذه المرة هي في موقف الشباب، الذين تردد بعض منهم في تلبية الدعوة في الذهاب الى مارون الراس، الا انهم اليوم باتوا هم من يبلغ عبر موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، وعن طريق الرسائل القصيرة عبر الهواتف المحمولة، فالدعوة نحن اصحابها والمسألة لا تعني فريقاً دون الآخر ولا تخص جيلاً معيناً، فهي بالنسبة لـ مروان احمد (17 عاما من مخيم البارد) «قضيتنا وواجب على كل فرد فينا ان يبادر الى تحضير نفسه ولا ينتظر دعوة رسمية تصله الى المنزل، فنحن ذاهبون لكي نسترد منازلنا وارضنا ولكي نقول للجميع اننا ضد التوطين والتهجير ومع حق العودة مهما كان الثمن».

لا أحد من هؤلاء الشبان يعنيه المهرجان الذي من المفترض ان يقام في هذه المناسبة، فالجميع يشعر بنشوة النصر بعد مواجهة مارون الراس، ويعتبر ان الذهاب الى الجنوب يعني الى الحدود والى الشريط الشائك، ويؤدي بلا محالة الى مواجهة العدو، ولدى حميد حكمت (25 عاماً من مخيم البداوي) خبرة في ذلك، «فلقد تركت المكان المخصص للمهرجان في مارون الراس والتحقت مع الشبان الذين اندفعوا لمقارعة العدو، وساعدت في نقل الجرحى الى سيارات الإسعاف، «ولكن فليسمحوا لي هذه المرة، فسوف أتخلى عن هذه المهمة، وسأكون في المقدمة، لأنني اشتقت الى فلسطين».