القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

فلسطينيو سوريا.. واقع أليم ومستقبل غامض

فلسطينيو سوريا.. واقع أليم ومستقبل غامض


الإثنين، 06 تموز، 2015

لا يبدو أن السيناريوهات المحتملة في المدى القريب المنظور تعطي أفقا إيجابيا لمستقبل الفلسطينيين داخل سوريا، فسواء استمر الصراع الحالي أم حدث تفكك للدولة السورية إلى كيانات طائفية وعرقية، فإن معاناتهم ستستمر، بالإضافة إلى تراجع أعدادهم.

وفي دراسة لمركز "الزيتونة" علّقت توقف التدهور في وضع فلسطيني سوريا بتوصل الأطراف المتصارعة إلى تسوية سياسية تحافظ على وحدة سوريا.

لكن الدراسة أكدت أيضا أن عودة الوضع الفلسطيني إلى ما كان عليه سيبقى مرتهناً بمجموعة من العوامل المرتبطة بشكل النظام الجديد وقوته واتجاهاته السياسية، وقدرته على التعامل مع الضغوط والإملاءات الخارجية.

واستعرضت الدراسة أوضاع الفلسطينيين في سوريا منذ بداية الأزمة السورية، مؤكدة أن التحرك الفلسطيني اقتصر في البداية على الدور الإنساني. ومع توسُّع رقعة الاحتجاجات، توسع تأثر الفلسطيني وتأثيره، وانقسم الفلسطينيون بين داعم لنظام الرئيس بشار الأسد ومؤيد لمطالب المحتجين، والطرفان كانا مع تحييد الفلسطينيين.

لكن النظام السوري فرض منذ منتصف العام 2013 حصارا خانقا على مخيم اليرموك والمخيمات القريبة منه، كمخيم سبينة والحسينية، كما عانت مخيمات اللاجئين بشكل عام، من عدم توافر أدنى مقومات الحياة.

وتُقدِّر وكالة الأونروا أن نحو270 ألف لاجئ فلسطيني أصبحوا مهجَّرين داخليا في سوريا، وأن أكثر من مئة ألف صاروا مهجرين خارجيا. وأصبحت بعض المخيمات الفلسطينية في سوريا ساحات حرب، وخضع بعضها الآخر لحصار مشدد من قبل الجيش النظامي وفصائل فلسطينية موالية له من جهة، أو لانتهاكات من قبل بعض كتائب وفصائل المعارضة والجيش الحر من جهة أخرى.

وكان التطور الأبرز هو اجتياح تنظيم الدولة الإسلامية لمخيم اليرموك، وهو ما جعل المخيم مهددا بكارثة إنسانية.

لجوء جديد

ودفعت الأحداث في سوريا كثيرين من الفلسطينيين للجوء مجددا خارج سوريا، فقد لجأ نحو 52 ألفاً إلى لبنان، وسط ظروف معيشية صعبة، أبرزها التعامل معهم كسائحين، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات تجعل عملية دخول القادمين من سوريا صعبة.

والحال ليس أفضل في الأردن، إذ يمنع اللاجئ الفلسطيني السوري من دخول الأردن بصورة نظامية، غير أن هناك نحو 11 ألف لاجئ تمكنوا من ذلك.

وفي تركيا ترفض السلطات منح اللاجئ الفلسطيني السوري تأشيرة دخول نظامية، والعدد الإجمالي للموجودين فيها يُقدَّر بـ6000 لاجئ.

كما تعددت الدول الأوروبية التي توجّه إليها اللاجئون الفلسطينيون من سوريا، وقد بلغ مجموع من تمكن منهم من الوصول إلى أوروبا نحو 36 ألفا. وقد توفي كثير من فلسطينيي سوريا غرقا نتيجة محاولاتهم الهجرة إلى أوروبا عبر "قوارب الموت" أو قوارب الهجرة غير النظامية.

سيناريوهات

ووضعت دراسة مركز الزيتونة أربعة سيناريوهات محتملة للوضع في سوريا، يؤثر كلٌّ منها بشكل أو بآخر على فلسطينيي سوريا:

السيناريو الأول: الوصول إلى تسوية سياسية تحافظ على الدولة السورية. وهذا الوضع، وإن كان يحمل استقرارا ظاهرا، فإنه سيمثّل حالة مقلقة للاجئين الفلسطينيين، وقد يجدون أنفسهم ضحايا المناورات السياسية أو الضغوط الخارجية. غير أنه في الوقت نفسه سيمكن الكثير من الفلسطينيين من العودة إلى مساكنهم واستئناف حياتهم المعتادة.

السيناريو الثاني: تفكك سوريا، وقد ينتج عنه قيام دويلات ضعيفة على أساس طائفي أو عرقي. وهنا يُطرح مستقبل وجود اللاجئين الفلسطينيين في هذه الدويلات بقوة، وإعادة تعريفهم كمسلمين سنّة أو كعرب، وإعادة تموضعهم جغرافيا بناء على ذلك.

وتصف الدراسة هذا السيناريو بـ"الخطير"، وقد يدفع الفلسطيني ثمن هذا السيناريو مزيدا من الإيذاء والتهجير أو انتقاصا من حقوقه.

السيناريو الثالث: استمرار حالة الصراع، وهو ما يعني استمرار الأزمة السورية ومعها معاناة اللاجئين الفلسطينيين.

السيناريو الرابع: السيناريو الوحدوي الذي يتجاوز البعد الطائفي والعرقي، ويتمكن من تقديم طرح قوي يستوعب الجميع، وهو ما قد يعطي فرصة انطلاقة جديدة للقضية الفلسطينية.

أما السيناريو المرجح -حسب الدراسة- فيبدو أن أزمة ومعاناة فلسطينيي سوريا ستستمر بين عامين وثلاث على الأقل، حيث يترجح السيناريو الثالث المرتبط باستمرار حالة الصراع وعدم الاستقرار، بانتظار وصول الأطراف الداخلة في الصراع إلى قناعات باتجاه أي من السيناريوهين الأول والثاني. أما السيناريو الرابع فما زالت حظوظه الحالية ضعيفة، لكنها ستأخذ في التزايد البطيء على المدى المنظور.

توصيات

وخلصت دراسة مركز الزيتونة إلى مجموعة من التوصيات، أبرزها:

ضرورة إيجاد مرجعية فلسطينية موحدة تملك رؤية سياسية واحدة للعمل على حماية اللاجئين وتحييدهم. وحفظ حقوق ومكتسبات اللاجئين الفلسطينيين، خاصة في دول الطوق.

وأوصت الدراسة أيضا بالعمل الجاد لإطلاق مؤسسات لرعاية عوائل الشهداء والضحايا الفلسطينيين، وتشكيل فرق عمل حقوقية لمتابعة المعتقلين والمطلوبين والمطاردين، وتفعيل دور الأونروا في دعم اللاجئين وتوفير كافة احتياجاتهم.

يذكر أنه قبيل اندلاع الأحداث في سوريا في ربيع 2011، كان يعيش فيها نحو 560 ألف فلسطيني جُلُّهم من لاجئي 1948، وكان يفترض لهذا العدد أن يصل إلى 630 ألفا في سنة 2015 لولا تطور الأحداث الدامية. ويتمتع الفلسطينيون المقيمون في سوريا منذ منتصف الخمسينيات من القرن الماضي بكافة الحقوق المدنية للمواطن السوري، باستثناء الجنسية وحقّ الانتخاب.

المصدر: السبيل