القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

فلسطينيو لبنان.. مخيمات تختصر الشقاء وحرمان من حق العمل


الإثنين، 21 شباط، 2022

على امتداد عمر النكبة الفلسطينية واللاجئون الفلسطينيون في لبنان يتأرجحون على شفا الهاوية بسبب ما ألحقته بهم القوانين والتشريعات اللبنانية.

فاللاجئون يواجهون حرمانا من العمل وعنصرية وتهميشا جعلهم يصارعون لقمة العيش بلا رحمة، دون أن يشفع لهم وطنهم الثاني الذي لجأوا إليه قبل سبعة عقود. وما زاد الطين بلة الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان.

ويحمل اللاجئون في لبنان "الهوية الزرقاء" التي تختصر مشاكلهم وهمومهم.

عوائق تربوية

درس اللاجئ الفلسطيني حسين زيد هندسة الكمبيوتر في جامعة بيروت العربية بين عامي 2005 و2009. وكان دفع القسط الجامعي التحدي الرئيسي في ذلك الوقت، بحسب زيد.

ويتوجه معظم الطلاب الفلسطينيين إلى الجامعات الخاصة، فالمقاعد في الجامعة الحكومية محدودة.

ويلفت زيد إلى صعوبة عمل الفلسطيني في مهنة الهندسة في لبنان. ويقول في حديث إلى "العربي": "التقديم على وظائف والعمل بطريقة رسمية أمر شبه مستحيل، فالخيارات محدودة بين العمل مع شركات خارج لبنان أو العمل في مجالات أخرى".

لذا، يعلم زيد أن العمل الخاص هو الحل الوحيد في ظل العوائق القانونية والأزمة الاقتصادية التي تعيق حصوله على وظيفة.

من جهتها، درست سارة طوزا التمريض في جامعة المقاصد وتخرّجت عام 2019، ولتسديد أقساط الدراسة، استعانت بصندوق خاص يمنح الفلسطينيين قروضًا. لكن سارة انصدمت بالواقع، فهي لا يسمح لها بالعمل في مهنة التمريض في لبنان.

لذا، تعمل طوزا في حضانة أطفال دون أي حقوق سوى راتبها الشهري لأنها فلسطينية، حسب قولها. وتضيف: "انهيار اقتصادي رهيب ونحن نحاول البحث عن عمل في ظل الغلاء، ولولا مساعدات المغتربين لمتنا من الجوع".

قانون العمل اللبناني

في هذا السياق، يشير الرئيس السابق للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني خلدون الشريف إلى أن قانون العمل اللبناني يمنع على أي شخص غير لبناني أن يمارس عددًا كبيرًا من المهن.

ويقول في حديث إلى "العربي": "أن تمنع شخصًا لديه بلده من أن يمارس مهنة معينة في لبنان أمر طبيعي، لكن الفلسطيني فهو مولود ومقيم في لبنان وليس لديه أي مكان يذهب إليه". ويضيف: "الطبيب الفلسطيني ليس لديه أي مكان يعمل فيه".

وقد تأثرت المجتمعات الفلسطينية بالأزمة الاقتصادية التي عصفت بلبنان. ويلفت زيد إلى تفاقم الفقر في المخيمات.

وكان وقع قرار وزير العمل اللبناني مصطفى بيرم بالسماح للاجئين الفلسطينيين بمزاولة المهن الحرة المحصورة على اللبنانيين، بارقة أمل على نفوس الفلسطينيين في ظل الأزمة الاقتصادية.

وبحسب آخر إحصاء، وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان إلى 174422 لاجئ، 56% منهم عاطلون عن العمل و65% منهم يعانون من الفقر.

ورافقت قرار بيرم عاصفة من ردود الأفعال المعارضة من الأوساط السياسية اللبنانية وأبرزهم النقابات المهنية والأحزاب، ما دفع بوزير العمل للخروج بمؤتمر صحافي دون أن يتراجع عن قراره.

من هنا، يرى الشريف قرار بيرم متسرعًا، ويقول: "إن كل قرار يخص الفلسطينيين يجب أن يقوم على توافقات، فلو تواصل الوزير مع الفرقاء اللبنانيين ولاسيما الذين ينتمون للمارونية السياسية لكان الوضع أفضل".

ويضيف: "يجب أن تراعى الحساسية السياسية بما يخدم المصلحة الفلسطينية".

من جهته، يعتبر نقيب الصيادلة في لبنان جو سلوم الذي رفض قرار بيرم أن القرار يضر بالقضية الفلسطينية وحق العودة. ويقول: "هو يتماشى عن قصد أو غير قصد مع رغبة العدو الإسرائيلي وهدفه الأساس توطين الفلسطينيين في الأماكن المتواجدين فيها".

كما يلفت سلوم إلى تخمة في عدد المتخرجين من كليات الصيدلة الذين لا يجدون فرص عمل، ما يصعب استيعاب أعداد إضافية.

لا منافسة للعمالة اللبنانية

من جهة أخرى، يرى المحامي زياد عبد الصمد أن حجم الفلسطينيين في سن العمل لا يتعدى الـ40 ألف فلسطيني، يعمل نصفهم، ولا يهددون سوق العمل اللبناني ولا ينافسون اليد العاملة اللبنانية. ويلفت إلى أن "المرسوم أتاح العمل في مجال الخدمات والبناء ومجالات أخرى حيث لا ينافس العمالة اللبنانية".

ويرى عبد الصمد أن قسمًا من اللبنانيين يرفض التوطين لهواجس ديمغرافية. لكنه يلحظ أن الدستور اللبناني يضم مادة تؤكد أن لبنان يعارض توطين الفلسطينيين.

مسار التشريعات اللبنانية

وعام 1962، اعتبرت التشريعات اللبنانية اللاجئين الفلسطينيين فئة من الأجانب في تناقض واضح مع اعتراف الدولة بالفلسطينيين لاجئين. وعام 1964، صدر مرسوم يمنع الأجانب من العمل إلّا بموافقة وزارة العمل.

ولاحقًا، بين عامي 1982 و1983، مُنع اللاجئون من مزاولة ما يقرب من 75 مهنة حتى عام 2005 حيث سمح الوزير الأسبق طراد حمادة بالعمل في المهن اليدوية والمكتبية.

وعام 2010، أصدر المجلس النيابي تعديلات جوهرية على قانوني العمل والضمان الاجتماعي، ولكنها لم تنفذ، حيث لم تصدر لها مراسيم تطبيقية، بحسب عبد الصمد.

وعام 2019، أصدر وزير العمل السابق كميل أبو سليمان خطة لمكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية توقف عمل الفلسطينيين. ورافقت هذا القرار تحركات ومظاهرات ودعوات لفتح باب الهجرة للفلسطينيين، في ظل تراجع تقديمات الأونروا.

السيناريو الأفضل

ويعتبر الشريف أن السيناريو الأفضل هو التوافق اللبناني الفلسطيني على منح الفلسطيني اللبناني جواز سفر فلسطيني حتى يصبح له حق بالعمل مثل أي أجنبي مقيم في لبنان، أي حصوله على إجازة عمل.

ورغم أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ما زالوا يعيشون أهوال الحرمان بسبب الإجراءات اللبنانية الرسمية التي منعت عنهم أبسط الحقوق الإنسانية، وفي الوقت الذي لا زالت فيه المخيمات والتجمعات الفلسطينية فوق الأراضي اللبنانية تغرق في البؤس الذي رافق نشوئها، إلّا أنه لا زالت هناك بارقة أمل تلوح في أفق المخيمات في لبنان.