فلسطينيو لبنان.. وضع إنساني متدهور يدفع نحو "الانفجار"!
الثلاثاء، 28 حزيران، 2011
منذ انتهاء المعارك بين الجيش اللبناني ومجموعة "فتح الإسلام" الأرهابية في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين قبل أربع سنوات، ينتظر ابو علاء لحظة تسلم بيته الجديد، ويعد الساعات والأيام في مسكنه الحديدي المؤقت الذي "يشتعل في الصيف ويتجمد في الشتاء"، على حد تعبيره.
ويقول سمير العلي (ابو علاء 65 عاما) قرب بسطته الخشبية لبيع السكاكر الزهيدة الثمن "الحياة صعبة.. مساكن متلاصقة متزاحمة، هذه البيوت الحديدية لا تليق بالحيوانات، وتنتشر فيها " ملايين " الجرذان الضخمة والذباب بسبب النفايات" المحيطة.
ووضعت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) مساكن مؤقتة هي عبارة عن مستوعبات من الحديد، بتصرف اللاجئين الذين دمرت منازلهم في معارك نهر البارد، في انتظار انتهاء عملية إعمار المخيم التي تجري ببطء شديد منذ انطلاقها العام 2009.
وتوضح هناء حاتم، وهي مدربة اجتماعية من سكان المخيم ان "المساكن متداخلة، لا مكان للعب ولا مكان للدرس ولا للخصوصية الأسرية (...) فإذا أضيف كل هذا إلى البطالة وانعدام الأمل، تكون النتيجة تفاقما في الآفات الاجتماعية وتزايدا في العنف بين أفراد الأسرة الواحدة". وتشير هناء ايضا الى انتشار حالات التوتر النفسي بين سكان المخيم، ويقلقها تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية إضافة الى تردي الحالة التعليمية.
وتقول ان "المدرسة المؤقتة مبنية ايضا من الحديد، وفي بعض الصفوف يوجد أكثر من خمسين تلميذا يعانون من انخفاض الحرارة في الأيام الباردة وارتفاعها في الأيام الدافئة، ما يولد حالات إغماء ونزيف في الأنف بين التلاميذ". وتؤكد مايا مجذوب رئيسة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني المكلفة رسميا ملف العلاقات اللبنانية الفلسطينية، لوكالة فرانس برس ان شهر ايلول المقبل سيشهد تسليم ثلاث مدارس، اضافة الى الجزء المتبقي من "الرزمة الاولى من المنازل التي تستوعب 400 عائلة" من اصل ستة الاف عائلة. وتتم عملية إعادة الإعمار بموجب شراكة بين الدولة اللبنانية ومنظمة التحرير الفلسطينية ووكالة الاونروا، على أساس مخطط "نموذجي" يشمل وجود مخفر لقوى الأمن الداخلي داخل المخيم وقاعدة عسكرية للجيش عند واجهته البحرية والبنى التحتية ونوعية في البناء والطرق.
وهو ما ليس قائما في اي من المخيمات الفلسطينية الاثني عشر التي يقيم فيها حوالي 300 الف الفلسطيني ولا تدخلها القوى الأمنية اللبنانية، وتعاني من ظروف اجتماعية وخدماتية مأسوية. وقسمت عملية إعادة الإعمار الى ثماني رزم. وسلمت الاونروا في شهر نيسان الماضي جزءا من الرزمة الأولى الى أصحابها، وهو كناية عن شقق سكنية ومحال تجارية اعيد بناؤها بشكل مرتب بعيدا عما كانت عليه قبل التدمير من بناء عشوائي وبدائي. وتقول مجذوب "اظن ان الدول المانحة عندما ترى ان اموالها ذهبت في الاتجاه الصحيح، سيكون ذلك حافزا لها على مواصلة التمويل".غير ان الاونروا المكلفة بعملية الاعمار تشكو من نقص التمويل، ما يجعل انتهاء الاعمار في 2012 كما كان مقررا، امرا مستبعدا. وقال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فيليبو غراندي في مؤتمر صحافي عقده في بيروت الجمعة ان الاونروا لا تزال "تحتاج الى 207 ملايين دولار لانهاء اعمار نهر البارد، بينها 80 مليونا بشكل ملح". واندلعت في ايار 2007 معارك عنيفة بين الجيش ومجموعة فتح الإسلام المتطرفة استمرت ثلاثة اشهر وتسببت بمقتل 400 شخص بينهم 168 عسكريا، ونزوح 31 الف شخص، وانتهت بتدمير المخيم وخروج مسلحي الحركة منه واعتقال عدد كبير منهم. على بعد مئات الأمتار من المساكن الحديدية، توجد مساكن أخرى مؤقتة حجرية، يصفها علي رحال بتهكم بانها "المنطقة الراقية"، اذ انها على الأقل تقي قاطنيها من "الحريق والغريق".ويشكو الرجل الستيني المتقاعد من عمله في البناء، من الإجراءات الأمنية المشددة التي تحيط بالمخيم.وما يقوله علي رحال تلميحا، يجاهر به جاره شادي ابو غوش صراحة، وهو ينظر الى الرتيب في الجيش اللبناني الذي يرافق صحافيي وكالة فرانس برس في جولتهم. "الجيش على رأسنا والمخابرات أهل لنا لكن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر الى الأبد".
المصدر: مجموعة مواقع المدى