القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

فلسطينيو لبنان يتذكرون: نكبة لا تفصل بين جيلين

فلسطينيو لبنان يتذكرون: نكبة لا تفصل بين جيلين

/cms/assets/Gallery/986/101868.jpg

الخميس، 16 أيار، 2013

«يوم النكبة لا يُنسى»، كرّر أبو عرب كلماته وهو منهمك في عرض «خرائطه» ولافتاته على الأرض، وتثبيتها بالحصى. وضعها في الباحة المجاورة لمخيم مار الياس، حيث أقيم أمس حفل لمناسبة الذكرى الخامسة والستين للنكبة. معلوماتٌ لتذكير المشاركين بحدود فلسطين، عدد مدنها وأنهرها. لافتاتٌ أشبه بحصة تاريخ وجغرافيا، لكنها ليست فعلاً كذلك. ما يقصده الرجل، الذي هجّر من مدينته رام الله في العام 1948 في الثالثة من عمره، هو توريث الأجيال الجديدة القضية الفلسطينية وقصة اغتصاب الأرض.

في الذكرى، موسيقى «وين عَ رام الله»، وأعلام فلسطينية، وكوفيات زيّنت أعناق المشاركين. تُصّر زينب، وهي امرأة ثلاثينية من قرية الخالصة، على ارتداء الزي التراثي الفلسطيني في يوم النكبة لتأكيد هويتها. «نحن هنا، لم نرَ فلسطين، لكنّنا عرفناها من روايات الأهل. ومصرّون على توريث القضية للأجيال اللاحقة»، تقول وهي تشير بإصبعها إلى الأطفال في الباحة: «إسألي أي طفل، مهما كان سنه، يخبرك عن بلدته في فلسطين».

تتقدّم حوراء، وهي طفلة عمرها عشر سنوات، لتشارك في الحديث. «أنا حوراء من جبّ يوسف في فلسطين، قضاء حيفا»، تعرّف عن نفسها بجرأة. كل ما تعرفه عن بلدتها أنها جميلة. فقد حدثتها جدتها مريم عن منزلهم في جب يوسف الذي كان محاطاً بحديقة، وعن أساطير تتحدث عن وجود الكثير من الذهب تحت البيت. «بصراحة ما شفت فلسطين»، تلفظ عبارتها ببراءة. وتتابع وهي تنظر إلى أمها كي تتأكد من أنها تقول الكلام المناسب: «أنا هون عشان فلسطين، وعشان العودة».

أما ليلى التي تركت عكا في الثامنة من العمر، لا تزال تذكر جيداً بيتها المفتوح على البحر والقلعة القريبة منه. ترسم ابتسامة تُبرز تجاعيد وجهها الهادئ.

«تعبت من البكاء على النكبة، ويمكن ما شوف فلسطين قبل ما موت. بس كنت أتمنـــى موت قربها»، تُعبّر عن مشاعرها حين سارت على أقدامها في مسيرة العودة في أيار 2012 ووقفــــت مع الشبــــان أمــــام الشريط الشائك في مارون الراس.

في الحفل، ألقيت كلمات عدة أعادت تأكيد مسلمات القضية وأحقية العودة إلى الأرض. البعضُ كان يُصغي، والبعض الآخر يتحدّث ويأخذ الصور التذكارية. تفاعل أحدهم مع أحد الخطابات التي تحدثت عن دور الدول العربية وإنهاء حال الانقسام، محركاً يديه استهجاناً، «ملايين الجيوش العربية لقمع شعوبهم، عن أي دور تتــــحدثون؟». فيما اكتــــفت إحداهن بالسؤال «بعدهم عم يخطبوا!؟».

ولكن الكلمة التي أثرت أكثر بالمشاركين، كانت كلمة عائلات «شهداء العودة»، التي ألقتها شقيقة الشهيد محمد أبو شليح. ذكّرت شريفة بأسماء الذين سقطوا قبل عامين على سياج مارون الراس على الحدود مع فلســــطين. وسألت: «ماذا أقول إن أردت مخــــاطبة أخي محمد؟»، لتجيب بنبرة لا تخلو من التشاؤم: «المخيمات لا زالت محاصرة والمعابر على مداخلـــها تزداد شبهاً بمعابر غزة. الفقر يشتد والانقســـام بات في كل بيت. الاشتباكات العبـــثية والقنابل المارقة والرصاص الفوضوي صار أســـوأ. وما زالــــت المهرجانات الكثيرة والكلمات السياسية والخطـــب الرنانة تُثير فينا الملل».

مواقف

كانت أولى الكلمات في الحفل لممثل «حملة مسيرة العودة» عبد الملك سكرية، الذي أكد «العودة الى حيفا وما بعد حيفا والى الزيتون الذي ما زال ينتظرنا». وقال: «نحن نؤمن أن لا حرية ولا ثورة ولا استقلال ولا وحدة ولا عدالة من دون تحرير فلسطين وعودة ابنائها اليها»، معتبراً أنّ «شهر أيار لم يعد شهر النكبة بل شهر العودة وشهر انتصار المقاومة في لبنان».

بعدها تحدث أمين سر «حركة فتح» في لبنان فتحي أبو العردات باسم «منظمة التحرير الفلسطينية»، فحيا «شهداء وجرحى حملة مسيرة العودة الذين سقطوا قبل عامين على سياج فلسطين في جنوب لبنان».

وحيا كذلك، «الأسرى في معتقلات العدو»، مؤكداً «رفض المنظمة أي تبادل للأراضي يؤدي إلى تكريس الاحتلال.

فلا عودة إلى المفاوضات إلا بدولة فلسطين وعاصـــمتها القــــدس وحـــق اللاجئين بالعودة وإطلاق الأسرى».

بدوره، استنكر ممثل حركة «الجهاد الاسلامي» في لبــنان أبو عماد الرفاعي «التخاذل العربي والتآمر على قضية شعبــــنا الفلسطيني العادلة». وأكد أن «خيار المقــــاومة هو السبيل لتحرير فلسطين»، لافــــتاً إلى «التنازلات التي تقدمها جامعة الدول العربية باسم فلسطين».

ورأى عضو المكتب السياسي في «حزب الله» حسن حب الله أن «احتلال فلسطين هدفه السيطرة على كامل المنطقة، لكنّ المقاومة في فلسطين وخارجها وضعت حداً للسيطرة الإسرائيلية».

وشدد على أن «يكون يوم النكبة هو يوم العودة الى فلسطين». وإذ ذكر بـ«انتصارات المقاومة في لبنان وفلسطين»، ندّد بـ«محاولات الجامعة العربية المتكررة لتشريع الاحتلال».

من جهته، أكد نائب رئيس «دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين» محمد أبو بكر «إرادة الشعب الفلسطيني في الوصول إلى نيل حقوقه في العودة، وإن المصائب لن تنال من عزيمته». وحذّر من «محــــاولات إضعاف دور الأونروا ونقل مسؤولياتها إلى أطراف أخرى».

وفي الختام قدمت فرقة «حنين» الفلسطينية الأغاني الوطنية الفلسطينية.

المصدر: كارول كرباج، السفير