فلسطينيون سوريون في المغرب بين محنة اللجوء ومنحة العبور
الثلاثاء، 26
أيار، 2015
الطريق إلى أوروبا وحده المفتوح أمام اللاجئين الفلسطينيين من سورية بعدما
أغلقت جميع الأبواب والمنافذ أمامه، إلا أن ذلك الطريق لم يكن معبداً سهلاً يلجه من
استطاع وكيفما استطاع.
بوابة المغرب إلى إسبانيا منفذ جديد مختلف عن سابقيه، تسلكه عائلات فلسطينية
مهجرة من المخيمات المنكوبة في سورية، منها بدافع البحث عن الأمان الذي أصبح سلعة نادرة
وغالية هناك، ومنها بدافع العلاج من مرض أصابها، ومنها لم تجد المأوى في بلاد العرب
فظنت أن أوروبا ستكون لها المأوى، وهكذا فلكل مهاجر أسبابه ودوافعه.
عشرات العائلات الفلسطينية وصلت إلى المغرب بعدما غادرت سورية وقطعت محطات
عديدة عبر طرق يسيطر عليها المهربون من أبناء تلك البلدان مقابل مبالغ مالية عالية
يدفعها اللاجئ، حالهم في ذلك كحال الكثيرين ممن يقطعون البحار أو الصحاري لتكون المحطة
الأخيرة أوروبا.
تبرر إحدى السيدات (45) عاماً اللواتي وصلن إلى المغرب دوافعها للهجرة
من سورية بكلمات ملؤها الانكسار «والله يا ابني أنا مريضة وعلاجي بألمانيا وطلعنا لهون
(المغرب) على أساس نكمل لإسبانيا ومن إسبانيا لألمانيا».
وتضيف سيدة أخرى جالسة على الحدود الإسبانية المغربية «كل يوم نذهب إلى
الحدود ونشعر بالذل وننتظر من الساعة الرابعة صباحاً حتى ساعات المساء لعلهم يسمحوا
لنا بالعبور إلى الأراضي الإسبانية، لكننا نرجع محملين بمشاعر الإحباط وخيبة الأمل،
إلا أننا نعاود الكرة من جديد في اليوم التالي، ونحن ما زلنا على هذا الحال منذ يوم
الخميس 30 نيسان (أبريل) 2015 ».
تعاني تلك العائلات أوضاعاً إنسانية صعبة بعدما نفد ما كان معها من مال،
فلم تكن الرحلة التي رسمها المهربون في مخيلتها بهذا السوء، ولم تتوقع أن تنتظر كل
هذه المدة لعبور الحدود، فأصبحت تعيش أوضاعاً إنسانية مزرية للغاية، وهو ما عبرت عنه
ربة إحدى العائلات في معرض جوابها عن سؤال لاستكشاف أوضاعها الإنسانية بقولها «بتعرف
إنو نحنا هلاء بالشارع ولحد الآن ما اتغدينا بس الحمدلله الشكوى لغير الله مذلة».
وأردفت بالقول «الأوضاع الإنسانية عدم!!! يعني الناس اليوم ممكن إنها تنام
بغرفة بس بكرة "لا" وممكن تأكل اليوم بس بكرة " لا "».
قد يقول البعض أن هؤلاء المهاجرين قد أخطؤوا أو ضلوا السبيل في رحلتهم
هذه، وقد يحملهم البعض مخالفات قانونية ربما ارتكبوها بعبورهم البلاد من بوابات غير
شرعية، إلا أن ذلك لا يعف أحداً من مسؤولياته على الأقل الإنسانية تجاه هؤلاء اللاجئين
الفارين من أتون أزمة أتت على كل ما يملكون وانتزعت من بعضهم أعز ما لديهم من أبناء
وإخوة وأهل.
فالمسؤولية تقع على كل الأطراف الواجب عليها تفهم حاجة هؤلاء المهاجرين
إلى السفر وتقديم العون والمساعدات الإنسانية وما يلزم للحفاظ على كرامتهم، وكذلك ينبغي
على السلطة الفلسطينية المتمثلة بالسفارة الفلسطينية في الرباط الوقوف على احتياجاتهم
الإنسانية والقانونية.
وبانتقال الولاية القانونية عن اللاجئين الفلسطينيين غير المتواجدين في
مناطق عمل الأونروا إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين فإن ذلك يفرض على الأخيرة
التحرك السريع والعاجل تجاههم لتقديم الحماية بكل أنواعها المنصوص عنها بالاتفاقية
الدولية للاجئين 1951 .
المصدر: شبكة العودة الإخبارية