في"البارد" و"البداوي":
"الكلام لا بيودّي ولا بيجيب"!
الثلاثاء، 24 أيلول، 2013
انه زمن النكبات والهزائم والتهجير المتواصل، هذا ما
يقوله بمرارة أحمد "السبيعني" المتكىء الى عكازه واضعاً نظارتيه
السميكتين حيث انه بالكاد قادر على تبيان الوجوه نتيجة إصابته بمرض السكري الذي
اثر على قدرة النظر لديه.
أحمد قدم من سوريا حيث كان يسكن هو وعائلته المؤلفة من
34 شخصاً، أولاده والأحفاد، في مخيم اليرموك الذي عصفت به تداعيات الأزمة السورية،
فاضطر كما كثر من أبناء المخيم الى الفرار واللجوء الى لبنان لا يبغون الا السلامة
من نار القتل والدمار.
يؤثر أحمد عدم الكلام اذ انه مقتنع بحكمة مفادها ان
" الكلام لا بيودّي ولا بيجيب"، والحال كما هي ظاهرة للعيان بؤس على
بؤس، والمآسي تطارد ابناء الشعب الفلسطيني من مكان الى آخر، ويسجل عتبه على الجميع
وهو مقتنع بأن لا بد من عودة الشعب الفلسطيني الى ارضه لبناء دولته الحرة
والمستقلة.
ومعاناة أحمد هي معاناة الكثيرين من الفلسطينيين الذين
قدموا من المخيمات الفلسطينية في سوريا مع بدء الثورة السورية ولجأوا الى المخيمات
الفلسطينية في لبنان وبخاصة مخيمي البارد والبداوي في شمال لبنان.
وتشير التقارير المستقاة من مراجع فلسطينية موثوقة بأن
المهجرين الفلسطينيين الذين نزحوا من سوريا الى مخيمي الشمال في البارد والبداوي
عددهم يقارب 3000 عائلة اي حوالي الـ 27 الف شخص موزعين: في البارد 1200 عائلة
والبداوي 1650 والباقي في طرابلس ومناطق الجوار.
وجلّهم قد سكن الغرف والمستودعات التي بالكاد تتوافر
فيها شروط الصحة والسلامة العامة تتكدس الأجساد وتحشر فوق بعضها البعض في ظروف
معيشية صعبة للغاية والإتكال فقط على ما تقدمه الهيئات الاغاثية الفلسطينية ووكالة
غوث اللاجئين الفلسطينيين"الاونروا" وما يقدم من هذه المؤسسات لا يفي
الحاجة المطلوبة لأن حجم المعاناة كبير جدا.
سقف الممرات
وأبرز المشكلات في هذا الأمر على ما يقول خالد بوادي هو:
ارتفاع اجور المنازل حيث لا قدرة لهذه العائلات على تأمين ايجار المنزل مما اضطر
معظمهم للسكن كل 4 او 5 عائلات في منزل او كراج صغير ليتقاسموا دفع بدل الايجار
وحتى ان الامور اضطرت سقف ممرات تجمعات السكن في مخيم نهر البارد لاستيعاب
المهجرين من سوريا. ورغم المناشدات والتحركات التي قام بها المهجرون واخرها
الاعتصام الذي نفذه المهجرون في مخيم البداوي امام مكتب الاونروا في المخيم
للمطالبة بتأمين خطة طوارئ شاملة وفي مقدمتها تأمين ايواء لهم او توفير دفع بدل
ايجار وتوفير الاستشفاء الشامل خاصة لأصحاب الأمراض المستعصية المهددين كل يوم
بفقدان حياتهم وتوفير سلة غذائية شهرية ليتمكن المهجرون من العيش.
ويجمع المهجرون الفلسطينيون في مخيمي البارد والبداوي
على ان "الاونروا" لم تقدم سوى مساعدة مالية ثلاث مرات للمهجرين منذ
قدومهم الى لبنان خلال السنتين الماضيتين، وهي لا تقدم في الاستشفاء سوى المعاينة
الطبية في عياداتها، كما ان هناك عدداً من المؤسسات الاجتماعية قدمت مساعدات عينية
للمهجرين، الا انها لا تفي الحاجة المطلوبة ومن ابرز تلك المؤسسات التي وزعت
مساعدات كانت جمعية النجدة الاجتماعية و" نبع" والاتحاد النسائي العربي
و"الصمود ". كذلك وزع الصليب الاحمر الدولي مساعدة لمرة واحدة.
ابو علاء بوادي طالب الاونروا الالتفات الى مطالبهم
المحقة وتسريع تسليم المساعدة المالية التي تأخر تسليمها دون مبرر، حيث لا يجوز ان
تبقى "الاونروا" تتجاهل مطالبنا المحقة في الحياة الكريمة.
الحد الادنى مفقود
مي منصور تسكن في البارد مع عائلتها تؤكد ان
"الحياة صعبة وهناك غلاء فاحش بالاسعار ونكاد لا نستطيع تأمين الحد الادنى من
العيش، حيث لا احد يتتطلع الى معاناتنا ".
اما محمد ابو ناصر فيقول:"نحن في لبنان لم نأت
لنتوطن انما نحن هنا بشكل موقت حتى تهدأ الاحوال في سوريا ونعود الى
مخيماتنا"، وطالب الجهات المعنية بتوفير الايواء للمهجرين ومساعدتهم على
تأمين لقمة العيش والدواء فقط لا غير.
عاطف خليل عضو قيادة الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
والمكلف متابعة قضايا المهجرين في مخيم البارد اكد ان "المطلوب من
"الاونروا" وضع خطة طوارئ شاملة لأبناء شعبنا في مخيمات ومناطق النزوح
داخل سوريا لتعزيز صمودهم وبقائهم هناك لأن المخيمات في سوريا ستبقى بوصلتها
فلسطين والمخيمات لن تكون الا جسر عبور الى فلسطين ".
المصدر: لجنة فلسطينيي سورية في لبنان