في مخيم بلاطة. 40 ألف حكاية ومأساة
الثلاثاء، 11 حزيران، 2013
يعيش أكبر مخيمات الضفة الغربية وهو مخيم بلاطة
شرق نابلس مع أكثر من 40 ألف حكاية ومأساة، فلكل لاجئ في منافي الأرض والذين يتوقون
للعودة مأساته ومصيبته ، وكل لاجئ ما زال يحتفظ بمفاتيح بيته وذكريات الحصاد وقطف الثمار
ينقلها من جيل إلى جيل.
وبعد مرور 65 عاما على نكبة فلسطين وغربة اللاجئين
ما زال اللاجئون الفلسطينيون في مخيم بلاطة ومختلف أماكن تواجدهم في المنافي يذكرون
حجم الفاجعة وآثارها التي مازالت قائمة، ويعرضون أبرز أحداث النكبة وأهم محطاتها يحذوهم
الحنين والشوق للعودة، رغم وجود دولة الاحتلال.
ويبلغ عدد اللاجئين المسجلين في مخيم بلاطة
41672 لاجئا، وأنشئ عام 1950 على مساحة 252 دونما داخل حدود مدينة نابلس، ويتكون من
عدة شرائح سكانية تعود لأصول مختلفة.
الساعة امتدت لـ65 عامًا
اللاجئ محمود حشاش من مخيم بلاطة لا ينسى يوم أن
ترك "طنجرة الطهي" في العباسية إحدى قرى الـ48 على أمل أن يعود بعد أقل من
ساعة وإذا بالساعة تطول 65 عاما حتى الآن. ويقول: "متى نعود لبيارة البرتقال والليمون.
الأمل بالمقاومة التي حررت غزة وطردت المحتل مجبرا ومكرها بفضل بالله".
ويضيف لـ"فلسطين": "كنا نتوقع أن
نعود سريعا إلى منزلنا، ولكن سيطرة اليهود على العباسية واقتحامها وتدمير بعض المنازل
فيها، وقتل بعض المقاومين، وما كنا قد سمعناه عن مجزرة دير ياسين جعلنا نهاجر حتى اللحظة".
أقرب من أي وقت
بدوره يؤكد اللاجئ حسام الطيرواي (60 عاما). أن
العودة باتت أقرب من أي وقت سابق، مضيفًا أن حل قضية اللاجئين يكون بعودتهم إلى منازلهم
وقراهم في الـ48، ولن نقبل بأية حلول تفاوضية حول حقنا المقدس بالعودة".
وتابع: "الاحتلال توقع أن تنسى الأجيال النكبة
حسب مقولتهم الكبار يموتون والصغار ينسون، وكان من المتوقع أن يتحول الفلسطيني إلى
غبار الأرض؛ أي أن نتبدد بعد اقتلاعنا وتشريدنا ولكن ذكرى النكبة الـ65 تحل علينا بقرب
أمل العودة".
لا للتعويض
ويرفض اللاجئ نهيل أحمد من مخيم بلاطة فكرة التعويض
ويقول: "وقت النكبة كان عدد الشعب الفلسطيني مليونا وثلاثمائة ألف، واليوم نحن
حوالي اثني عشر مليونًا والاحتلال لم ينجح في إزاحة الشعب الفلسطيني من التاريخ أو
حتى من الجغرافيا، وكل من يتنازل عن حق العودة ويطرح التعويض فهو خائن".
وحول إمكانية التنازل عن حق العودة يقول الناشط
واللاجئ سليم عبد الله: "حق العودة أكبر من كل المسئولين والمفاوضين وهو إحدى
الأدوات الأبرز في تاريخ الصراع، وحق مقدس وواضح وضوح الشمس، فلا مجال لأحد أن يقفز
عنه أو يتجاوزه لأنه سيخسر تأييد سبعة ملايين لاجئ".
تدمير للهوية الفلسطينية
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبد الستار
قاسم أن أحداث النكبة تشمل عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم
أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية، وطرد
معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو
الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية
من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي.
وأضاف قاسم أن حق العودة حق تاريخي ناتج عن وجود
الفلسطينيين في فلسطين منذ الأزل وارتباطهم بالوطن الضارب في أعماق التاريخ وجذوره.
وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى أنّ حرب الـ48
أدت إلى طرد ما يزيد عن 714 ألف فلسطيني عن أرضهم وبيوتهم، وبذلك عملت على تشتت الشمل
الفلسطيني، حيث توزعت هذه الأعداد الضخمة في داخل الأراضي الفلسطينية (مخيمات للاجئين
في الداخل). أو هجروا إلى الدول المجاورة (الأردن، لبنان، سوريا، مصر).
هدنة تحظر التسليح
ويتابع قاسم: "بعد قرار التقسيم اجتمعت الدول
العربية في القاهرة بين 8 و17 ديسمبر1947م وأعلنت أنّ تقسيم فلسطين غير قانوني وتقرر
أن تضع 10000 بندقية و3000 آلاف متطوع (وهو ما أصبح يعرف بجيش الإنقاذ). بينهم500 فلسطيني
ومبلغ مليون جنيه في تصرف اللجنة العسكرية الفنية، وتدفقت الجيوش العربية من مصر وسوريا
والعراق وإمارة شرق الأردن على فلسطين".
وأضاف: "استمرت المعارك على هذا النحو حتى
تدخلت القوى الدولية وفرضت عليها هدنة تتضمن حظر تزويد أي من أطراف الصراع بالأسلحة
ومحاولة التوصل إلى تسوية سلمية، ولكن العصابات الصهيونية انتهزت الهدنة من أجل إعادة
تجميع صفوفها والحصول على السلاح من الخارج وبخاصة من الدول الكبرى مثل بريطانيا والولايات
المتحدة التي فرضت الهدنة في البداية".
وختم بالقول :"عندما استؤنفت المعارك من جديد
كان للصهاينة اليد العليا واتخذت المعارك مسارا مختلفا وتعرضت القوات العربية لسلسلة
من الهزائم واستطاعت العصابات الصهيونية المسلحة فرض سيطرتها على مساحات واسعة من أراضي
فلسطين التاريخية، وانتهت المعارك بقبول العرب الهدنة الثانية التي كانت اعترافا بالهزيمة
وتدخل حرب فلسطين التاريخ العربي تحت اسم (النكبة).
فلسطين أون لاين