في مخيم شاتيلا.. عشرات العائلات الفلسطينية في مبانٍ آيلة للسقوط
عمر موسى/ خاص لاجئ نت
الثلاثاء، 11 تشرين الأول، 2011
تعيش عائلات فلسطينية حالةً مزمنة من القلق جراء المخاطر التي تحيط بها، إذ تسكن هذه العائلات في شقق داخل أبنية أنشئت بطريقة عشوائية لم يراعِ فيها صانعوها المعايير الهندسية للبناء، وهي مهددة بالسقوط في أية لحظة.
فقد تزايد عدد سكان المخيم بشكل ملحوظ في السنوات العشر الأخيرة، لكن الزيادة في العدد لم تصحبها زيادة طبيعية في البناء. إذ إن أصحاب تلك المنازل عمدوا إلى مضاعفة عدد الطوابق على أسس غير مدروسة، فالبيوت القديمة التي بناها اللاجئون صممت لطابق أرضي أو لطابقين، ولم يؤخذ بالحسبان أن الأبنية ستكون من خمسة أو ستة طوابق تعلو فوقها. لذلك لا يوجد أساسات صلبة ولا أعمدة متينة تحمل أوزان الطوابق بمن فيها.
لمــاذا؟
يقول أبو حسن (مهندس من المخيم، ومطلع على البناء في أيضاً): إن معظم الأبنية هنا لم تُجرَ لها دراسة إنشائية؛ أي دراسة لطبيعة التربة ومدى قدرتها على التحمل، كذلك لم تُبنَ لها قواعد (الشناجات) ولم تغرس أعمدة في باطن الأرض لتثبيت الابنية.
ويلفت ابو حسن إلى أن هناك طوابق عليا لا توجد فيها أعمدة، وهو ما أكده شهود عيان من سكان مخيم شاتيلا، إذ قام المعمرون ببناء جدران وزوايا من الأحجار (الخفان) ومن ثم أنشأوا السقف على تلك الجدران. ويرى أن تلك الأبنية معرضة للسقوط أكثر من غيرها في حال حدوث هزات أو زلازل أو جدار صوت قوي، لأن الاعمدة الموجود في المبنى ضعيفة وصغيرة الحجم بالنسبة إلى سماكة السقف وثقله، مضيفاً أن خلطة الباطون (المونة) غير متينة ونسبة الإسمنت قليلة فيها، ما يجعلها هشة وغير صلبة.
يوضح أحد أصحاب تلك المنازل أنهم فعلوا ذلك لأنهم كانوا مضطرين لإيجاد مسكن يأوي عائلاتهم في وقت لا يستطيعون فيه السكن خارج المخيم بسبب الكلفة العالية للإيجار، حتى من الناحية القانونية يُمنع عليهم التملك في حال كانوا ميسوري الحال. أما داخل المخيم المكتظ بالسكان فلا يوجد مساحات كافيه للبناء.
غياب الإشراف
أما الخلل في البناء فيعود إلى غياب الإشراف من قبل مهندسين أو مختصين في البناء، وهو ما أفسح المجال أمام عمال بناء عاديين يقومون بمهمة البناء من دون مراعة الجوانب العلمية ومعايير البناء. ويقول أبو حسن «كان على الأونروا واللجنة الشعبية أن تعين لجنة مختصة لمتابعة طرق البناء، فكثير من الناس والبنائين لا يأخذون المعايير العلمية بعين الاعتبار».
من جهة أخرى، يؤدي الارتفاع بالمباني الضيقة والقريبة من بعضها إلى حجب أشعة الشمس والنور على المنازل والشقق المجاورة لها، ما يجعلها بيوت غير صحية ومعرضة للرطوبة إضافة إلى العتمة والظلمة التي تُفرض طوال النهار، وبذلك لا يتمكّن سكان البيوت المجاورة من الرؤية إلا بوجود كهرباء على مدار الساعة، وهو ما ليس متوافراً بسبب نظام الكهرباء المقنّن.
مسؤولية من؟
في سياق متصل تشير دارسة ميدانية أقامتها مؤسسة «شاهد» لحقوق الإنسان مطلع العام الجاري، إلى أن 70 منزلاً آيلاً للسقوط بسبب قِدم جدرانها المبنية من الباطون (الإسمنت) وسقوفها من الزنك.
وبالنظر إلى المسؤولية يقول أبو هشام منسق العلاقات العامة والاعلام في «شاهد»، إن المسؤولية مشتركة وتقع أولاً على الدولة اللبنانية التي لم تعطِ اللاجئين مساحات كافية داخل المخيمات وفي ذات الوقت حرمتهم من حق التملك خارجها بقرار وزاري صادر عام 2001. ويعتبر القرار مخالفة للمعاهدات الدولية التي وقّع عليها لبنان وتنصّ على أن لكل فرد حق في التملك واختيار مكان الإقامة.
كذلك يحمّل أبو هشام «الأونروا» قسماً آخر من المسؤولية في ترميم المنازل المتهالكة وتوفير بيوت أخرى لذوي الحاجات الملحة، إذ لم تؤفّر «الأونروا» سوى بيت واحد لرب الأسرة منذ نشأة المخيم، وعندما زاد عدد السكان اضطر الأبناء إلى البناء فوق بيوت أسرهم لتأمين مسكن خاص بعائلاتهم بعد الزواج واستقلالهم عن العائلة الكبيرة. في المقابل، يغطي مشروع ترميم البيوت الذي تبنته «الأونروا» عدداً لا يتجاوز 5% من مجمل تلك البيوت.
ويضيف المنسق إلى أن منظمة التحرير لم تقم أيضاً بأي دور من شأنه أن يضغط على «الأونروا» أو على الدولة باتجاه حل أزمة المساكن داخل المخيمات، باعتبار أن المنظمة هي الجهة الرسمية المعترف بها ممثلاً للفلسطينيين. كما تغيب الحلول البديلة لسكان المخيمات في أخذ مكانها، كالاستئجار خارج المخيمات وفي المدن وذلك بسبب أوضاعهم المادية الصعبة وغلاء بَدَلات الإيجارالتي تعادل أضعاف التكلفة داخل المخيم.
فإلى متى يبقى اللاجئ الفلسطيني بين سندان الدولة والأونروا ومطرقة الفقر والإهمال، يعيش تحت وطأة المفاجآت (المصائب) المتتالية، وغير المفاجئة؟!