قتيلان و32 جريحاً بينهم 3 عسكريين أثناء تشييع قاسم في «البارد»
التوتر طاول البداوي وعين الحلوة والرشيدية.. والجيش ينبّه من الاستغلال السياسي
الثلاثاء، 19 حزيران، 2012
عكار – رضوان يعقوب:
صيدا – ثريا حسن زعيتر:
توتر الوضع الأمني في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين بشكل كبير، خلال تشييع جثمان الفتى أحمد قاسم (16 سنة) من أمام مسجد القدس عقب صلاة عصر أمس، لدفنه في مقبرة خالد بن الوليد.
وأكدت مصادر مطلعة لـ «اللواء» أن «بعض العناصر التي كانت تشارك في التشيع، من أقرباء قاسم استغل الوضع المتوتر، ورموا قنابل مولوتوف على مركز للجيش اللبناني في موقع صامد قرب مدارس الأونروا سابقا.
وأدى التعرض للجيش الى احتراق آلية عسكرية، فرد الجيش بالقنابل الدخانية والرصاص المطاطي، ما أدى الى إصابات بين المهاجمين الذين تعرضوا للجيش في موقع صامد، نقلوا على أثرها الى «مستشفى الهلال» في المخيم، فيما تحدثت مصادر طبية عن سقوط قتيل يدعى محيي الدين لوباني وأكثر من 20 جريحاً، واستقدم الجيش تعزيزات إضافية الى داخل المخيم في محاولة لضبط الوضع المتفجر.
ووقع الإشكال بحضور ممثل «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان فتحي ابو العردات ومسؤول «الجبهة الديمقراطية» علي فيصل ومسؤول «الجبهة الشعبية» مروان عبد العال، فيما كان السفير الفلسطيني أشرف دبور غادر قبل وقوع الحادثة بفترة قصيرة.
وقطع أهالي مخيم البداوي الطرق الداخلية في المخيم احتجاجا على الإشكال في «البارد»، فيما سجلت إجراءات مكثفة للجيش في البداوي - دير عمار.
وكما في البداوي كذلك في صيدا، حيث أفيد عن قيام بعض الشباب الفلسطيني، من داخل مخيم عين الحلوة، بالتقدم باتجاه حاجر الجيش اللبناني في محيط المخيم، ورشق عناصره بالحجارة، وأضرموا النار على مقربة منه، الأمر الذي دفع عناصر الجيش لإطلاق النار في الهواء، مما انعكس سلبا داخل المخيم الذي يشهد توترا.
وسقط قتيل في مخيم عين الحلوة يدعى خالد يوسف بعد الاشكال مع الجيش اللبناني ، حيث تبين أنه أصيب برصاصة في معدته أدت إلى وفاته.
ودعت القيادات الإسلاميّة والوطنيّة في مخيّم عين الحلوة الى اعتصام، سرعان ما تحوّل الى مسيرة شاجبة مستنكرة لما حصل في مخيّم نهر البارد.
وكذلك دعت كافة القوى الإسلامية والوطنيّة الى الإضراب العام اليوم (الثلاثاء) تضامناً مع أهالي نهر البارد واستنكاراً لما تعرّضوا له.
وكان أمير «الحركة الإسلامية المجاهدة» الشيخ جمال خطّاب، طالب بـ«سحب كافّة الظاهر المسلحة من قبل الجيش اللبناني داخل مخيم نهر البارد، وإنهاء الحصار المفروض على أهالي المخيم وتوقيف الأذونات المسبقة للدخول إليه.»
وطالب خطّاب أيضا بـ«إجراء تحقيق شفاف لمحاسبة الذين أطلقوا النار على المدنيين العزل بأسرع وقت ممكن، والتعويض على ذوي الشهداء والجرحى.»
وفي مخيم الرشيدية حاول عدد من الشبان الغاضبين التقدم بمسيرة شبابية حاشدة باتجاه حاجز الجيش اللبناني عند مدخل المخيم، الأمر الذي وتر الوضع وخلق حالة استنفار في صفوف الجيش، سرعان ما تم التوصل مع القوى الفلسطينية داخل المخيم وعملت على تهدئة الوضع.
وكان السفير دبور قدم على رأس وفد ضم: أبو العردات، واللواء ابو طعان، ورفعت شناعة ووفد رسمي من سفارة دولة فلسطين في لبنان واجب العزاء لعائلة الشهيد احمد القاسم في مخيم البارد.
وأكد السفير دبور خلال لقائه مع أبناء المخيم «ضرورة الحفاظ على جو الأخوة والتهدئة واستمرار العلاقة الطيبة والأخوية بين أبناء المخيم والجيش اللبناني، وعدم السماح بالمس بالعلاقات الأخوية اللبنانية الفلسطينية، بما يحفظ كرامة الإنسان الفلسطيني وعيشه الكريم»، مشدداً على «ضرورة تفويت الفرصة على كل من يحاول ضرب الاستقرار والأمن في لبنان الشقيق وضرورة التحلي بالحكمة والصبر في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به البلد».
ووضع السفير دبور أبناء المخيم في صورة اللقاءات العاجلة والمتواصلة في سفارة فلسطين ومتابعة الرئيس محمود عباس، وكافة قيادات الفصائل الفلسطينية في لبنان منذ اللحظة الأولى للحادث المؤسف، وحرص الجميع وتأكيدهم على الحفاظ على ابناء شعبنا الفلسطيني وأمنه في مخيماته واستقرارها وبالتنسيق مع أشقائنا اللبنانيين».
كما عاد السفير دبور الجرحى في «مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني» في مخيم البداوي متمنياً لهم الشفاء العاجل.
وأضاف السفير دبور: «إن الدماء الفلسطينية أينما سالت فهي قربان لحماية القضية والشعب الفلسطيني»، معتبراً «الحادث الذي حصل يجب ان يكون خطوة باتجاه تصحيح العلاقة بين الجيش اللبناني وأهالي مخيم نهر البارد الذين قدموا الكثير، ولا تجوز معاملتهم بهذه الطريقة التي تخلو من الإنسانية».
وأجرت النائب بهية الحريري من مجدليون سلسلة اتصالات بعدد من القيادات الفلسطينية والمسؤولين الأمنيين والعسكريين اللبنانيين، من اجل العمل على تهدئة الأوضاع في مخيم عين الحلوة ومنطقة التعمير بعد الأحداث التي شهدها مساء الاثنين.
وبقيت الحريري على تواصل دائم مع كل من رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد علي شحرور وقائد الأمن الوطني الفلسطيني اللواء صبحي ابو عرب وقيادتي حركة «فتح» وحركة «حماس» و«لجنة المتابعة الفلسطينية»، وتمنت على الجميع كل من موقعه، «التعاطي بمسؤولية عالية مع ما يجري من تداعيات لأحداث نهر البارد والتحلي بأعلى درجات ضبط النفس منعاً لأي محاولة لاستدراج مخيم عين الحلوة ومحيطه إلى أي تفجير يدفع ثمنه الجميع».
وعلق أمين سر إقليم «حركة فتح» في لبنان رفعت شناعة، في تصريح على إثر لقائه الفصائل الفلسطينية وفاعليات ولفيف من رجال الدين في مسجد التقوى في مخيم نهر البارد، على ما حدث يوم الجمعة الفائت، وقال: «كلنا استنكرنا ما حصل، فالقيادة الفلسطينية كلها قامت بواجبها لمعالجة ما حصل، فلأهالي المخيم مطالبهم، وهناك تراكمات نتيجة المعاناة التي زاد عمرها عن الخمس سنوات، ولكن يجب أن نحدد الهدف الذي نريده بعد هذه الحادثة».
وقال: «نحن لسنا في حال حرب مع أحد، وما حدث قد حدث، ولكن هناك إجراءات يجب متابعتها مع الحكومة وقيادة الجيش اللبناني، فجميع القوى الوطنية الفلسطينية والإسلامية لا تقبل بالتصعيد مع الجيش اللبناني، لأن قضيتنا أكبر من دخول زواريب السياسية، ونحن كنا متفقين وما زلنا على أننا ضيوف، ولسنا مع طرف ضد آخر في لبنان».
وأكد قائد «الأمن الوطني الفلسطيني» في لبنان اللواء صبحي ابو عرب أن «إشكال مخيم نهر البارد يُعالج، ونجري اتصالات مع الجيش اللبناني»، مشيرا الى أن «الأمور تتجه الى الحل».
وأدانت قيادة حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في لبنان، في بيان «إطلاق النار على اللاجئين الفلسطينيين في مخيم نهر البارد»، معتبرة «أن ما جرى ويجري في المخيم من حراك جماهيري، هو نتيجة السياسات الأمنية الرسمية التي استخدمت ضد أهلنا في المخيم».
وطالبت «حماس»، بـ«رفع الطوق العسكري المفروض حول مخيم نهر البارد منذ خمس سنوات ومن داخله، وعن باقي المخيمات، مما سيؤدي إلى معالجة الأوضاع وتهدئتها ومنع الفتنة وحجب الدماء».
وأعربت «هيئة التنسيق للقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية» عن «تأييدها للمعالجات السريعة التي تمت بين قيادة الجيش وتحالف القوى الفلسطينية لتطويق ذيول حادث المخيم، ومنع حصول أي استغلال رخيص له من قوى متطرفة للاصطياد في المياه العكرة وتحريض أهالي المخيم على الجيش الوطني».
واذ أكدت «دعمها للجيش والحرص على دوره في حماية السلم والاستقرار وصونهما»، دعت الحكومة الى «ضرورة معالجة القضايا الحياتية والإنسانية للفلسطينيين وتخفيف الإجراءات المتعلقة بحرية انتقالهم من دون أن يؤدي ذلك الى التأثير على المهمة الأمنية الوطنية للجيش التي تستهدف حماية أمن اللبنانيين والفلسطينيين على حد سواء».
وفي صيدا عقدت «لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية» في منطقة صيدا في مخيم عين الحلوة اجتماعاً طارئاً في مقر مكتب «الصاعقة»، وذلك لتدارس الأوضاع الأمنية المستجدة الناجمة عن الأحداث المؤسفة في مخيم نهر البارد.
وصدر عن اللجنة بيان تلاه فؤاد عثمان، «أدان فيه استخدام السلاح بحق أهالي مخيم البارد الأعزل من السلاح»، مطالباً بـ«تشكيل لجنة تحقيق قضائية لمحاسبة كل من استخدم السلاح بوجه الأهالي العزل، أسوة بالأحداث المشابهة في بعض المناطق اللبنانية، وإلغاء العمل بالتصاريح العسكرية بالدخول والخروج من وإلى المخيم»، مناشداً كافة القوى والأحزاب اللبنانية «عدم الإصرار على زج الفلسطينيين في التجاذبات اللبنانية الداخلية مما لها من خطورة على المصلحة المشتركة للشعبين الفلسطيني واللبناني».
وأعلن المجتمعون «إننا في الوقت الذي نعتبر فيه الجيش اللبناني جيشاً وطني مقاوماً يحمي السلم الأهلي في لبنان، لن نقبل منه أن يستخدم السلاح بوجه أهلنا في نهر البارد وباقي المخيمات»، داعياً الشعب الفلسطيني في هذه الظروف الصعبة إلى التحلي بالصبر وضبط النفس وعدم الانجرار للإشاعات والفتن وتفويت الفرص الهادفة إلى جر المخيمات الفلسطينية في لبنان إلى آتون الصراعات الداخلية اللبنانية – اللبنانية».
ومن مراسلنا في طرابلس، أن «هيئة التنسيق الإعلامية» عقدت اجتماعاً استثنائياً في مركز «الجماعة الإسلامية» في طرابلس بمشاركة وفد من الفصائل الفلسطينية، ووفد آخر من علماء وخطباء مخيم نهر البارد، وأكد المجتمعون «أن قضية الشعب الفلسطيني هي قضيتنا وأننا نتكافل ونتضامن مع إخواننا الفلسطينيين في كافة المخيمات وفي الداخل والشتات، ونعتبر أن قضية فلسطين والقدس هي القضية المركزية للشعوب العربية، ويهمنا ما يهم المخيم والشعب الفلسطيني».
وطالب المجتمعون ب«إجراء تحقيق عادل وشفاف بالحادثة التي أدت إلى مقتل شاب من المخيم وسقوط عدد من الجرحى وذكروا الحكومة اللبنانية ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني والقوى الداعمة والمانحة على المستوى العربي والإسلامي إلى ضرورة المشاركة في إنهاء أعمال البناء والترميم والإنشاءات المتبقية في المخيم لأن مشكلة الاكتظاظ السكاني والحياة المريرة لعائلات مخيم نهر البارد الذين لا يزال عدد كبير منهم حتى الساعة يقبع في محلات ومخازن وملاجئ وبإنهاء هذه المشكلة مع تأمين الحياة الكريمة لأبناء شعبنا الفلسطيني في مخيم نهر البادر ينتهي الجزء الأكبر منها، واعتبر المجتمعون المساس بأمننا واستقرارنا في طرابلس والشمال يستهدف الشعب اللبناني والفلسطيني على السواء، والمحافظة على السلم الأهلي واستقرارنا الأمني مع التأكيد على دور الجيش والقوى الأمنية اللبنانية هو مقدمة لحل كافة المشكلات ضمن الجو الأخوي والشعبي الذي ينظر إلى إنسانية وحق الشعب الفلسطيني بأن يعيش في لبنان ضمن القانون وتحت سلطته».
واستنكر «مجلس علماء فلسطين» في لبنان، «المجزرة التي سقط فيها شهداء وجرحى عصر أمس أثر تشييع جنازة الشهيد أحمد قاسم».
وطالب المجلس في بيان له، بـ«محاكمة مرتكبي هذه المجزرة ورفع الحصار والإجراءات الأمنية الظالمة بحق أهلنا في مخيم نهر البارد وحسبنا الله ونعم الوكيل».
بيان الجيش
بالمقابل صدر عن قيادة الجيش - مديرية التوجيه البيان الآتي: «في الوقت الذي كانت الاتصالات بين قيادة الجيش والقيادة الفلسطينية في مخيم نهر البارد، تتجه نحو معالجة ذيول وأسباب الإشكال الذي حصل بتاريخ 15/6/2012 على احد حواجز الجيش في المخيم، وفي ما كانت المساعي، وبتوجيهات مباشرة من العماد قائد الجيش، تثمر عن تخفيف الإجراءات العسكرية في المخيم، أقدم بعض المتضررين والمندسين بعد ظهر اليوم (أمس)، على رشق مركز الجيش في موقع صامد في المخيم بالحجارة وبقنابل المولوتوف، ما أدى الى إصابة ثلاثة عسكريين بجروح مختلفة وإحراق آلية عسكرية وجزء من مبنى المركز المذكور، كما حاول بعضهم دخول المركز عنوة، ما دفع بعناصره الى التصدي لهم بأسلحة مكافحة الشغب والقنابل المدخنة والرصاص المطاطي، ثم بإطلاق عيارات نارية بعد إصراراهم على اقتحامه، وقد نجم من ذلك سقوط عدد من الإصابات في صفوف المعتدين».
وأضاف البيان: «إن قيادة الجيش تنبه الإخوة الفلسطينيين بأن لا يكونوا ضحية الاستغلال السياسي من هنا وهناك، وان تحريضهم على الجيش ودفعهم الى مواجهته لا يؤدي الى تنفيذ ما اتفق عليه بين هذه القيادة والفصائل الفلسطينية، لا بل من شأنه ان يلحق اشد الضرر بأمن المخيم ومصلحة أبنائه جميعا».
المصدر: اللواء