قصص لأسرى على موعد مع الحرية اليوم
الثلاثاء، 18 تشرين الأول، 2011
يطوي تنفيذ صفقة تبادل الأسرى اليوم ملفّ عشرات الفلسطينيين الذين قضوا نصف أعمارهم في أسر الاحتلال. سيخرج الكثيرون اليوم إلى الحرية حاملين معهم ذكريات نضال قبل الأسر وخلاله. ذكريات ستعيش معهم، لكنها ستعرف طريقها الى الآخرين بوصفها جزءاً من رواية كفاح شعب من أجل الاستقلال..
رام الله | يخرج 450 أسيراً فلسطينياً اليوم إلى الحرية. من المؤكد أن معظمهم لن يعودوا كما دخلوا، إذ إن بعضهم، بعدما أمضى نصف عمره في الأسر، أضحى يحمل درجة الدكتوراه، أو الماجستير، ومنهم من أصبح شاعراً أو أديباً، فأصدر كتباً ودواوين. لكن، ما لن يتغيّر لدى هؤلاء هو قصّة دخولهمش إلى الأسر بعد تجربة نضالية مع هذا الفصيل أو ذاك. قصة ستبقى ولن تمحى من الذاكرة.
«الأخبار» تسرد حكايا وقصص أسماء أبرز الأسرى من كل الفصائل الفلسطينية، وروايات عمداء الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال:
نائل البرغوثي عميد أسرى فلسطين
هو نائل صالح عبد الله البرغوثي، المكنّى بـ«أبو النور» كما يحب أن ينادى، ولد في 23/10/1957 بقرية كوبر، قرب مدينة رام الله، واعتقل في نيسان عام 1978 قبل أن ينهي دراسته الثانوية العامة في مدرسة الأمير حسن في بيرزيت. حكم عليه بالسجن المؤبد، قضى منها 33 سنة ليصبح أقدم أسير على وجه الأرض.
بعد 12 يوماً على اعتقاله، اعتقل الاحتلال شقيقه الأكبر عمر وابن عمه فخري، وحوكم ثلاثتهم بتهمة قتل ضابط إسرائيلي شمال رام الله، وحرق مصنع زيوت بالداخل المحتل عام 48، وتفجير مقهى في القدس المحتلة. سنوات الأسر الطويل لم تثن نائل عن إتمام دراسته، فحصل على إجازة في التاريخ، إضافة إلى إجادته اللغتين العبرية والانكليزية.
ويعدّ نائل البرغوثي من المقاومين الأوائل للاحتلال الإسرائيلي. وتقول حنان شقيقة البرغوثي: «إن ما يميز نائل هو أنه يتمتع بإيثار عالٍ جداً حين كان معتقلاً وشقيقه عمر، جاءت صفقة التبادل التي أبرمتها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، القيادة العامة، وعرض عليه أن يحرر فيها فرفض وفضّل الإفراج عن عمر حتى يخرج لأولاده وزوجته، وبقي نائل 34 عاماً ليكون الآن على رأس صفقة الوفاء للأحرار مقاوماً محرراً».
يحيى إبراهيم حسن السنوار
يحيى إبراهيم حسن السنوار، وهو يعدّ مؤسس الجهاز الأمني لحركة المقاومة الإسلامية حماس، من مواليد 1962 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، وتعود جذوره الأصلية إلى مجدل عسقلان المحتلة عام 1948.
أنهى يحيى السنوار «أبو إبراهيم»، دراسته الثانوية في مدرسة خان يونس الثانوية للبنين، ليلتحق بعدها لإكمال تعليمه الجامعي في الجامعة الإسلامية بغزة، ليحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية. أسس أبو إبراهيم جهاز الأمن والدعوة (مجد)، التابع لحركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة عام 1985، وبدأ بإعداد ملفات أمنية، وأجرى تحقيقاً مع عدد من العملاء. ومع اندلاع الانتفاضة، بدأت (مجد) فعاليات نشطة بالتنسيق مع الجهاز العسكري للحركة، وكان يطلق عليه حينها (مجاهدو فلسطين).
اعتقل أول مرة عام 1982، وخرج ليعتقل بعد ذلك بأسابيع قليلة ويحكم ستة أشهر حكماً إدارياً في سجن الفارعة لمشاركته في النشاط الإسلامي وبناء الجامعة الإسلامية، وبعد عدة أشهر من الاعتقال، التقى يحيى بالشهيد صلاح شحادة. وبعد التخطيط المتواصل، جاء اختطاف الجنديين آفي سبورتس وإيلان سعدون، العملية التي كانت بداية للعمل الجهادي النوعي.
اعتقلت قوات الاحتلال يحيى إدارياً في 20/1/1988، ثم انتقل للتحقيق وحكم عليه بالسجن أربع مرات مدى الحياة (ثلاثين سنة). نقل في فترة اعتقاله عشرات المرات بين السجون، وقضى غالبيه فترة الاعتقال في العزل الانفرادي.
شقيقه حامد (42 عاماً) يذكر أن يحيى وقف باعتزاز أثناء محاكمته، وقال للقضاة بعدما سألوه، هل أنت نادم أو تطلب الرحمة، قال «أطلب أن تحكموا بإعدامي، ليكون دمي أول دم يراق وليكون شعلة للمجاهدين».
مؤيد عبد الصمد عميد أسرى الشعبية
مؤيد عبد الرحيم أسعد عبد الصمد، من مدينة عنبتا قضاء طولكرم، معتقل منذ 14/6/1987، ومحكوم بالسجن المؤبد وينتمي إلى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وكان قد اعتقل للمرة الأولى في عام 1982 لمدة 3 سنوات ونصف، وقد رفض الاحتلال إدراج اسمه ضمن عمليات التبادل السابقة. وبعد تحرره من تجربته الاعتقالية الأولى، بدأ من جديد بتنظيم المجموعات العسكرية لمقاومة الاحتلال، فاعتقل مرة أخرى وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، قضى منها إلى الآن خمسةً وعشرين عاماً.
«الشيص» (لقبه تشبيهاً بسنارة الصيد) هو كاتب، وله إصدارات عدة، منها ديوان «من وراء الشبك» في عام (2000).
أحمد أبو حصيرة
أحمد عبد الرحمن أبو حصيرة، معروف بكنية (أبو العبد)، ولد في 25/12/1952 وهو من سكان مدينة غزة قرب مسجد العباس. درس أبو حصيرة الابتدائية في مدرسة ذكور الشاطئ، والإعدادية في مدرسة غزة الجديدة، والثانوية في مدرسة فلسطين، وحصل على التوجيهي أدبي بمعدل ممتاز... نشأ وسط عائلة متديّنة مكوّنة من عشرة إخوة (6 ذكور وأربع أخوات) وأصل العائلة من مدينة غزة، وجميعهم من أبناء التنظيمات الإسلامية.
الحدث الأبرز في حياته كان في سنة 1972، عندما استشهد أخوه الذي يكبره جراء إطلاق الاحتلال النار عليه بدم بارد. اعتقل بتاريخ 8/11/1971 على خلفية إلقاء قنابل على سيارة عسكرية، وحكم عشر سنوات، وبعد خروجه من السجن، تم منحه ما يلزم من متطلبات العمل العسكري بقيادة الدكتور الشهيد فتحي الشقاقى (أبو إبراهيم) وكان ضمن أول مجموعة عسكرية للجهاد الإسلامي في فلسطين.
أما أول عمل عسكري له فكان في شهر تشرين الأول 1982، حيث قام بتنفيذ عدة عمليات (إلقاء قنابل يدوية على الجيش) ثم عملية الساحة في سنة 1983، وفي 18/2/1986 اعتقل وكان أول أسير للجهاد الإسلامي في فلسطين، وتم التحقيق معه بأبشع أنواع التعذيب، ومكث في التحقيق والزنازين 130 يوماً على التوالي، وحكم عليه بعدها بـ 35 سنة سجناً.
أياد أبو خيزران
الأسير أياد أبو خيزران دراغمة، ويعدّ عميد أسرى محافظة طوباس، والملقب بـ(أبو كربلاء). نفّذ عملية في مستوطنة «كديما» وهي إحدى المستوطنات القريبة من قلقيلية، حيث قتل مسؤول المستوطنة في أيلول 1991، وفي 3/10/1991 أقدم على قتل جندي من حرس الحدود الإسرائيلي في طولكرم، لكنه أصيب على أثر هذه العملية بـ 11 إصابة في يديه ورجليه. بعد اعتقاله، أجريت له عمليات عدة، لكنه بقي يعاني من بعض شظايا الرصاص في جسمه حتى هذه اللحظة.
على أثر العملية، هُدم بيته في 15/4/1992 الكائن في منطقة راس الفارعة، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة و25 عاماً إضافية، رغم أنه اعتقل سابقاً من 6/3/1989 حتى 15/10/1990 ولم يكن يتجاوز الثامنة عشرة من عمره.
أكرم منصور
ولد أكرم منصور في 14/6/1960 في مدينة قلقيلية لأسرة فلسطينية متواضعة مكوّنة من 15 فرداً. وبسبب الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، اضطرّ الى ترك المدرسة والعمل مع والده في البناء، وغيره من الأعمال الحرة داخل أراضي الـ 48. في 30/7/1979 نفذ عملية فدائية في تل أبيب، جرى خلالها الاستيلاء على حافلة من محطة الباصات المركزية في تل أبيب، وكانت العملية رداً على الاجتياح الإسرائيلي للبنان. على أثر العملية، اعتقلته قوات الاحتلال، وخضع بعد ذلك لفترة تحقيق طويلة، تعرّض خلالها لكل أشكال التعذيب والعقاب والعزل في سجون طولكرم وبيتح تكفا والجلمة، واستمرت هذه المرحلة ثمانية أشهر، إلى أن تمت محاكمته في محكمة تل أبيب في 16/3/1980 حيث حكم بالسجن المؤبد.
ورغم الحكم، لم تنته رحلة العذاب والمعاناة، فقد احتجز مع المعتقلين اليهود المدنيين والجنائيين حتى عام 1984، ليتم نقله بعد ذلك إلى سجن جنيد في نابلس لمدة أربع سنوات، احتجز خلالها في كثير من الأوقات في الزنازين بتهمة محاولة إقامة تنظيم واتصالات مع المعتقلين الأمنيين، ومكث في سجن جنيد حتى إغلاقه بعد الإفراج عن أول دفعة من المعتقلين في عملية تبادل، حذف اسمه منها لاعتباره ضمن قائمة «الملطّخة أيديهم بالدماء».
مصطفى بدارنة القيادي في الجبهة الديموقراطية
في المحكمة العسكرية الإسرائيلية في عوفر، حكم على مصطفى كامل بدارنة، القيادي المركزي للجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين، بالسجن لمدة 35 عاماً، بينها خمس سنوات مع وقف التنفيذ. الحكم على بدارنة جاء بعدما نسبت له النيابة العسكرية الإسرائيلية تهماً تتصل بقيادته لكتائب المقاومة الوطنية، الجناح العسكري للجبهة الديموقراطية، وادّعت النيابة في سياق الاتهام أن بدارنة كان مكلفاً بقيادة مجموعات عسكرية عملت في محافظتي رام الله والقدس المحتلة، ونفذت عدداً من العمليات ضد عناصر الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، وأنه كان يجند المقاتلين ويوزع عليهم السلاح والمال ويوجههم، بحسب زعمها لضرب الأهداف العسكرية الإسرائيلية.
مصطفى مسلماني
ولد مصطفى مسلماني عام 1964، أقسى الصور وأشدها التي تركت فيه أثراً كبيراً كانت خلال حرب لبنان، وشارك في التحركات والتظاهرات الشعبية في الأراضي المحتلة احتجاجاً على الاجتياح الإسرائيلي للبنان وحصار الثورة الفلسطينية في بيروت عام 1982. كانت نقطة التحول الهامة هي التحاقه بالعمل النقابي عبر نقابة العمال في جنين، باعتبارها عنواناً وحاضناً للنشاط الوطني، ثم انتسب إلى كتلة الوحدة العمالية. تعرض مسلماني للاعتقال عام 1983 لمدة خمس سنوات وأربعين يوماً.
ومع اندلاع الانتفاضة الأولى، شارك بفعالية في تنظيم وقيادة التحركات الوطنية، وهو ما عرّضه للاعتقال مرة ثانية عام 1988، وأمضى في الاعتقال الإداري ستة أشهر، لكن هذا الاعتقال لم يكن نهاية المشوار النضالي في حياته، فواصل انخراطه في تنظيم مجموعات القوى الضاربة، ما أدى إلى اعتقاله مع مجموعة من رفاقه عام 1989.
مخلص أحمد محمد برغال
مخلص أحمد محمد برغال (49 عاماً) من مدينة اللد، محكوم عليه بالسجن المؤبد، بتهمة إلقاء قنبلة باتجاه حافلة جنود، وهو الذي رفض الاحتلال الإسرائيلي الإفراج عنه وشطب اسمه من كل عمليات التبادل كأسرى الداخل والقدس والجولان السوري المحتل. والدته، بعد إعلان إدراج اسمه ضمن صفقة شاليط، قالت «أنا غير مطمئنة لإطلاق سراح ابني ضمن الصفقة. وفي حال خروجه، فإن شعوري لن يوصف بالكلمات، لأننا خلال السنوات التي قضاها ابني داخل السجون الإسرائيلية ذقنا كل أنواع العذاب والمرمرة وعدم الاحترام والتعذيب». ابني، تقول والدة مخلص، لم يتزوج ولم يذق طعم الحياة، ولم ألتقِ به منذ ثلاثة أشهر، إذ إن إدارة السجون عاقبته بعدما حاول تهريب رسالة لي ليعبّر فيها عن مدى اشتياقه لي.
المصدر: الأخبار