القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

قضية اللاجئين الفلسطينيين في الخطاب السياسي الأميركي (1948 ـ2011)

قضية اللاجئين الفلسطينيين في الخطاب السياسي الأميركي (1948 ـ2011)

الخميس، 05 أيار 2011
نبيل محمود السهلي - المستقبل

مرَ على نكبة الفلسطينيين الكبرى ثلاثة وستون عاماً، وظلت مسألة اللاجئين الفلسطينيين الأهم في إطار القضية الفلسطينية. وخلال العقود الماضية جرت انعطافات جوهرية في مواقف الإدارات الأميركية إزاء تلك القضية، وبالعودة إلى مواقف بعض رؤساء الولايات المتحدة من القرارات الدولية المتعلقة بقضية اللاجئين الفلسطينيين يمكن معرفة الاتجاه العام لمواقف الإدارات الأميركية ازاء تلك القضية، التي طالت أكثر من 750 ألف فلسطيني ودفعت بهم خارج أرضهم في عام 1948.

وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى ان الرئيس ترومان طالب في يوم 9/5/1949 بضرورة عودة (200- 300) ألف لاجئ فلسطيني الى ديارهم، وذلك عبر رسالة وجهها الى بن غوريون، وقد هدد بان تعيد الولايات المتحدة النظر في موقفها من إسرائيل. لكن في مقابل ذلك ركزت الولايات المتحدة على ضرورة توطين اللاجئين الفلسطينيين عبر نفوذها الكبير في لجنة التوفيق الدولية، وبدأنا نشهد مشاريع وخططا أميركية لتوطين اللاجئين في الدول العربية المضيفة ، ومن بين تلك الخطط، خطة جورج ماك في 25/4/1949 الداعية لتوطين نصف مليون لاجئ في الدول العربية وبتكلفة اجمالية تصل الى (250) مليون دولار تساهم الولايات المتحدة بنصفها. ومن المشاريع الاخرى الهادفة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين، مشروع غوردون كلاب، ومشروع جونستون (1953- 1955)، ومشرع دالاس لعام 1955 القاضي بانهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين عبر استئناف حياة جديدة عن طريق اعادة استقرارهم، من خلال عودتهم الى وطنهم الى الحد الذي يكون ممكناً، او بتوطينهم في البلدان العربية. وفي 2/10/1961 قدم جوزيف جونستون رئيس معهد كار نجيا للسلام مقترحاته حول قضية اللاجئين بعد تكليفه من الرئيس جون كيندي، بان يستشار اللاجئون من أرباب العائلات من قبل الامم المتحدة بعيداً عن الضغط، ويختاروا بين العودة الى فلسطين أوالتعويض، لكنه ربط هذا الاقتراح بقدرة إسرائيل على رفض عودة أي لاجئ للحفاظ على مصالحها الامنية. وفيما بعد أكد الرئيس ليندون جونسون امام الجمعية العامة للامم المتحدة في 19/6/1967 انه يجب حل قضية اللاجئين حلاً عادلا.ثم تراجع الخطاب السياسي الاميركي ازاء قضية اللاجئين الفلسطينيين في عهد الرئيس الاميركي نيكسون، فقد اوضحت البيانات الصادرة عن لقاءات بين وزراء في عهده مع وزراء اسرائيليين بان الولايات المتحدة الاميركية لا تقبل خطط العرب في ما يتعلق بقضية اللاجئين.

ثم قلصت ادارة الرئيس كارتر مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وطريقة حلها الى حد كبير جداً، وقد جاء في الرسالة التي وجهها الرئيس كارتر الى اسرائيل بواسطة الحاخام الاكبر شلومو غورن، بانه يجب ايجاد حل لقضية اللاجئين العرب واليهود وفق شروط. ومنذ مشروع الرئيس الاميركي رونالد ريغان في ايلول من عام 1982 وحتى تبوأ بوش الاب سدة الحكم في الولايات المتحدة الاميركية انصب الخطاب الاميركي ازاء القضية الفلسطينية على ضرورة المزاوجة بين اتفاقيتي كامب ديفيد ومشروع ريغان، وفيما عدا ذلك لا يرد في الأدبيات الأميركية سوى البحث عن حل لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

وخلال عهد بوش استطاعت الإدارة الأميركية عقد مؤتمر مدريد في نهاية عام 1991 بحضور الطرف الإسرائيلي وأطراف عربية ومن بينها الطرف الفلسطيني كجزء من الوفد الأردني، سرعان ما تحول الى وفد مستقل، وفي الثالث عشر من أيلول من عام 1993 وقعت اتفاقات اوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، واجل المفاوضون الفلسطينيون والإسرائيليون قضايا جوهرية: قضية اللاجئين، القدس، المستوطنات، الحدود والسيادة الى مفاوضات الوضع النهائي؟، وخلال الفترة التي تلت تلك الاتفاقات حاولت الولايات المتحدة الأميركية إيهام العالم أنها وسيط نزيه، وقد أسقطت العديد من مشاريع القرارات الدولية التي تدين ممارسات اسرائيل التعسفية. وبعد جمود سياسي في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، مع إصرار إسرائيلي على فرض الشروط من خلال القوة العسكرية، ظهرت الى العلن وثيقة جنيف في تشرين الثاني من عام 2003، وقد ركزت تلك الوثيقة على اختيار المكان الدائم للاجئين عوضا عن التركيز على البيان الصريح للعودة ووفق القرار الدولي رقم 194. وبعد اقل من ستة اشهر على إعلان الوثيقة، وبالتحديد في يوم الأربعاء 14/4/2004.

جرى الانعطاف الكبير في السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، حين أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش الابن صراحة وعلى الملأ التزام الولايات المتحدة الأميركية امن إسرائيل والحفاظ على طابعها كدولة يهودية، وكان ذلك محاولة أميركية لشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم وفق القرار 194، حيث قال "ان الولايات المتحدة تؤكد التزامها ضمان حق إسرائيل في الحفاظ على يهوديتها كدولة، ويجب ان يكون حل اعادة اللاجئين في اطار الدولة الفلسطينية التي ستقام وليس في إسرائيل، بحجة الهاجس الديموغرافي الإسرائيلي المتمثل بالزيادة الطبيعية العالية للفلسطينيين. ومنذ تسلم باراك اوباما سدة الحكم في الولايات المتحدة عاود الخطاب الأميركي تأكيده على أن قضية اللاجئين يجب أن يتم التفاوض بشأنها في إطار قضايا الحل النهائي التي تشمل أيضاً قضايا القدس والمستوطنات والحدود والمياه.