كشف الحساب الأسود لحكومة التوافق
الأربعاء، 03
حزيران، 2015
ظن الفلسطينيون في مثل هذا اليوم من يونيو المنصرم أن تشكيل حكومة التوافق
سيمثل مركب النجاة من حالة الترهل التي يحياها الوضع الفلسطيني الداخلي، إلا أنه وبعد
مرور أشهرٌ قليلة على بدء الحكومة لأعمالها، ظهرت خيبة الأمل على وجوه الفلسطينيين
جميعا بلا استثناء.
جملة ملفات ساخنة تربعت على طاولة الحكومة، كـ"الإعمار- الاعتقال
السياسي - المعابر- الوضع الاقتصادي - الانتخابات"، إلا أنها فشلت بشكل ذريع في
حل أيّا منها، بل ازدادت سوءً على حالها برغم الدعم المحلي والعربي والدولي لها، وبذلك
يحق للفلسطيني أن يقول :" وكأنك يا أبو زيد ما غزيت".
غزة ضاقت ذرعا من أفعال الحكومة التي زادت آلامها، فالأخيرة لم تكترث لجراحها
التي منيت بها خلال العدوان الأخير على غزة، وأبقت مصير آلاف الموظفين رهن المناكفة
السياسية، بعد أن عملت تحت أمر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
تشكلت الحكومة على أن يستمر عملها لـ6شهور فقط تعمل من خلالها على تحضير
الوضع الداخلي لانتخابات رئاسية وتشريعية، فيما لم تعر هذا الملف أي اهتمام، وانشغلت
في السير على النهج السياسي الذي يمليه عباس على حركة فتح والسلطة الفلسطينية معها.
وجاء العدوان الإسرائيلي على غزة صيف العام الماضي كأول اختبار للحكومة،
وبالفعل.. فشلت في إثبات نفسها في موضع المسؤولية الوطنية، فرئيسها زار غزة بعد انتهاء
العدوان بأسابيع في جولة برتوكوليه لم تدم لأكثر من 24 ساعة، قيل لاحقا أنها كانت بغرض
إثبات السلطة للمجتمعين في مؤتمر إعمار غزة أنهم فارضو السيطرة على غزة.
الفصائل الفلسطينية أصيبت بالملل نتيجة الدعوة المتكررة للحكومة لاستلام
مهامها المنوطة بها في قطاع غزة، ولكن لا حياة لمن تنادي، فالحكومة لم تبدِ أي اهتمام
بأزمات غزة المتراكمة، لتتركها في حالة مزرية يبدو أنها ستطول.
تحذيرٌ تلو الآخر أطلقته مؤسسات المجتمع المدني ووزارات غزة، عدا عن مناشدات
المجتمع الدولي للسلطة بضرورة الاهتمام بالوضع الإنساني والاقتصادي بغزة عبر تفعيل
ملف إعادة الإعمار، ضربت السلطة بجميع ما سبق عرض الحائط.
وهو الأمر الذي اتجه إليه المحلل السياسي طلال عوكل، بقوله إن حكومة التوافق
فاشلة بكل المقاييس؛ لعدم نجاحها في تحقيق أو حتى التقدم في أي من الملفات التي أوكلت
إليها وعلى رأسها الانتخابات وتوحيد المؤسسات الحكومية.
وأشار عوكل إلى أن حساب المنطق بالنظر إلى ميدان عمل الحكومة، يتضح للعيان
أنها لم تكن على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقها من الأطراف الفلسطينية كافة، بما
فيها حركة فتح.
وتسوق حكومة التوافق حججا لتبرير قصورها اتجاه غزة، بأنها لم تفرض سيطرتها
على القطاع، وعدم تسلمها للمعابر الرابطة بين غزة والاحتلال ومصر، إلا أن الواقع يثبت
عكس ذلك بدعوة حماس المتكررة للحكومة بأن تأتي لتسلم زمام الأمور وقيادة دفة العمل
الحكومي في القطاع رزمةً واحدة.
وأكد عوكل أن الذرائع التي تسوقها الحكومة لتقصيرها في حل أزمات غزة غير
مقبولة، مشيرا إلى أن الخطاب التبريري للفشل غير مقبول بشكل مطلق؛ لأن تحميل كل طرف
للآخر المسؤوليات اسطوانة مشروخة في الساحة الفلسطينية.
تكررت زيارات الحكومة لغزة بشكل جماعي وفرادى، إلا أن جميعا لم تسفر عن
أي إنجاز عملي على أرض الواقع، فيما وصفها البعض بأنها "إبر بنج" لتسكين
الحالة المحتقنة بساحة غزة بين الفينة والأخرى، دون حلول جذرية للأزمات التي طفت على
السطح.
وأرجع عوكل حالة التردد التي تتملك
الحكومة؛ لعدم وجود تفويض حقيقي يمنحها القدرة على التحرك في اتجاه تغيير الوضع الحالي
في قطاع غزة بشكل عملي، يؤسس لمرحلة جديدة من المصالحة الفلسطينية.
وأبدى عوكل تخوفه من استمرار حالة الركود الحالية إلى حين من الوقت، إلى
أنه رأى أن حجم التحدي الاسرائيلي سيجبر الأطراف كافة على تجاوز مشكلاتها الداخلية،
ومصالحها الخاصة خلال المرحلة المقبلة.
تخلي الحكومة عن مهامها بغزة، دفع بحركة حماس للمساهمة بشكل فاعل في إدارة
الأزمة الراهنة، بتوفير سلف مالية للموظفين، ودعم الوزارات والمؤسسات الحكومية، برغم
الأزمة المالية الحاصلة لدى الحركة بفعل الحصار المفروض عليها.
ويتساءل المواطن الغزّي إلى متى سيبقى تخلي الحكومة عن مسؤولياتها؟، لتتراوح
الإجابة بين توافر النية الصادقة لدى السلطة الفلسطينية نحو الحفاظ على مخرجات المصالحة،
وتنازل الأطراف كافة في اتجاه المصلحة العليا للشعب الفلسطيني.
المصدر: الرسالة نت