"كي
لا ننسى الأحرار".. بانوراما فلسطينية تحكي واقع الأسرى
الثلاثاء، 28 نيسان، 2015
من رحم المعاناة
يولد الإبداع، ورغم كل ما يواجهه الأسرى من اعتداءات وانتهاكات إلا أن بصماتهم تظهر
معدن هذا الشعب الصامد.. هذا ما تجلى في معرض "كي لا ننسى الأحرار" الذي
تم تنظيمه في نابلس كنشاط يهدف لإبقاء قضية الأسرى حية وراسخة في وجدان أبناء الشعب
الفلسطيني.
ولم يشأ منظمو
المعرض أن يقدموا الجانب المؤلم من حياة الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال فقط، لكن
اختاروا أيضا تسليط الضوء على إبداعهم، ليعطوا صورة أكثر وضوحا لواقع الأسرى.
"أردنا أن
نوصل رسالة بالصورة لما يعانيه الأسير الفلسطيني داخل السجون، وتسليط الضوء على نواب
الشرعية المختطفين"، يقول فؤاد الخفش مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان،
الجهة المنظمة للمعرض.
ويضيف الخفش لـ"المركز
الفلسطيني للإعلام" أن المعرض يهدف إلى إطلاع العالم على ما تصنعه الأسيرة الفلسطينية
داخل الزنزانة، وهي تحيك وترسم العلم الفلسطيني لتوصل رسالة للخارج.
ويحتوي المعرض
الذي يستضيفه مركز أوتار للإبداع الفني والثقافي في نابلس ويستمر حتى مساء الخميس القادم،
على أكثر من خمسين صورة ولوحة فنية تجسد بشكل متسلسل المراحل التي يمر بها الأسير الفلسطيني.
ويقول الخفش:
"هذه اللوحات تجسد مراحل العملية الاعتقالية، ابتداء منذ لحظة الاعتقال، مرورا
بمرحلة التحقيق والمحاكمات العسكرية، وكذلك أساليب وطرق التعذيب المتبعة داخل سجون
الاحتلال، وانتهاء بلحظات الحرية".
كما يضم زاوية
للتعريف بنواب المجلس التشريعي الأسرى في سجون الاحتلال، والذين يصل عددهم حاليا إلى
13 نائبا، بالإضافة لوزير الأسرى السابق وصفي قبها.
بصمة فلسطينية
على طاولة توسطت
إحدى زوايا المعرض، عرضت العشرات من الإكسسوارات والمطرزات التي حاكتها الأسيرات بطول
نفسٍ ولمسة إبداع، لتترك بصمة فلسطينية مميزة.
منار جبارين مركزة
الوحدة الأسرية في مؤسسة يوسف الصديق والتي تشرف على هذه الزاوية، قالت لـ"المركز
الفلسطيني للإعلام" إن أغلب الأسيرات يتعلمن التطريز ويمارسنه.
وتضيف جبارين وهي
أسيرة محرر أمضت 3 سنوات: "عندما اعتقلت لم يكن لدي خبرة أو اهتمام بالتطريز،
ولكن الأسيرات علمنني هذا الفن، وتعلمته على أيديهن وأتقنته فيما بعد".
وبنظرة فاحصة لما
تحتويه هذه الزاوية يتبين أن الأسيرات مهتمات بالتطريز الفلاحي الذي يعبر عن التراث
الفلسطيني، ويصممن الإكسسوارات التي تحمل العلم والألوان التي ترمز للتراث الفلسطيني.
وتوضح جبارين أن
البداية كانت برغبة الأسيرات بتقديم هدية لأهاليهن من صنع أيديهن خلال الزيارة، ثم
تطورت الفكرة لاحقا، وبدأن ينظرن إلى الموضوع من زاوية أخرى، بأن يكون لهن مردود مادي
يعود عليهن من صنع أيديهن، لما له من أثر كبير عليهن.
وتشير إلى أن إدارة
السجون حرمت الأسيرات من كل المواد الخام التي يستخدمنها في التطريز من قبل الأهالي
خلال الزيارة، قبل أن يتقدم مدير الوحدة القانونية في مؤسسة يوسف الصديق المحامي عز
الدين جبارين بطلب لإدارة السجون من أجل إدخال هذه المواد.
وتضيف إنه بعد
طول انتظار، حصل المركز على تصريح بإدخال هذه المواد مرة واحدة كل ثلاثة شهور.
دلالات هامة
المعرض تخلله الكثير
من الرمزيات ذات الدلالة، فقد كان على رأس المشاركين بافتتاحه شيخ الأقصى ورئيس الحركة
الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 1948 رائد صلاح ووالدا الشهيد المهندس يحيى عياش،
وعدد كبير من النواب والشخصيات الاعتبارية في شمال الضفة الغربية والداخل.
وأوضح الخفش أن
حضور الشيخ صلاح وهو أسير محرر، له دلالة كبيرة على وحدة معاناة الشعب الفلسطيني، وكيف
ينظر الاحتلال لأبناء الشعب الفلسطيني على اختلاف أماكن تواجدهم.
وأضاف أن دعوة
والدة العياش لها دلالة هامة باعتبارها أكبر أسيرة محررة سناً، فقد اعتقلها الاحتلال
خلال فترة مطاردة ابنها، بهدف الضغط عليها لكشف مكان تواجده.
الشيخ رائد صلاح
بدوره، وضع قضية الأسرى على رأس الثوابت الفلسطينية، وقال: "هؤلاء الأسرى نعتز
بهم ونضعهم تاجا فوق رؤوسنا، فهم قلب الحياة النابض لمسيرة شعبنا الفلسطيني، ولو ماتت
قضية الأسرى، ماتت قضية فلسطين".
وعبر الشيخ صلاح
عن يقينه بانتصار قضية الأسرى، وقال: "قد يملك الاحتلال سجونا وزنازين وأدوات
قمع وتعذيب، ولكنه مهزوم حتما لأنه على باطل، والأسرى هم المنتصرون لأنهم يحملون الحق
نيابة عن كل الأمة والعالم العربي وكل حرائر الدنيا".
واكد أن ملف الأسرى
سيبقى مفتوحا ما دام الاحتلال قائما، وأن الحل الجذري للأسرى هو زوال الاحتلال، وأضاف:
"نحن نرى ذلك يقينا وقريبا من خلال عيون الأسرى وعيون آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم
وأبنائهم".
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام