كيف تفاعل "الفضاء الأزرق" مع
نكبة 1948؟
الإثنين، 23 أيار، 2016
تغريدة على "تويتر"، منشور على
"فيس بوك"، صورة في "انستغرام"، رسالة عبر "تليجرام"
و"واتس أب"، كل هذا الفضاء الأزرق عبر الإنترنت باتت تصبغه التفاعلية الموسمية
مع الأحداث الواقعة عبر العالم، فكيف كان دوره هذه المرة في الذكرى الثامنة والستين
لإحياء النكبة الفلسطينية عام 1948م؟.
صورة البروفايل
المنسق العام للحملة الدولية للحفاظ على
الهوية الفلسطينية (انتماء) ياسر قدورة، لفت إلى أن (انتماء) سعت للعام الثالث على
التوالي إلى تعميم صور من تصميم فريق تابع لها لدفع مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي
لاستخدامها كصور شخصية تذكر من يتصفح حساباتهم بذكرى النكبة.
وقال قدورة لصحيفة "فلسطين":
"حملة انتماء بدأت عملها في عام 2010 وواكبت منذ ذلك الوقت العمل الالكتروني بكل
تفاصيله، لكنها منذ ثلاثة أعوام ضمّت لعملها الالكتروني فكرة تغيير صورة الحساب الشخصي
بصورة تحكي قصة النكبة كنوع من مواكبة التطور العصري".
ونوه إلى أن أكثر مستخدمي وسائل التواصل
الاجتماعي هم فئة الشباب، وهي وسيلة لجعلهم يكسرون المثل الذي يتشدق به الاحتلال الإسرائيلي
بأن "الكبار يموتون والصغار ينسون"، فالصغار أصبحوا شبابًا يعرفون قضيتهم
وينشرونها ولو بأضعف الإيمان بتغيير صورة حساباتهم الشخصية.
وأشار قدورة إلى أن بعض اللاجئين الفلسطينيين
في بعض الدول الأجنبية لا يمكنهم إحياء فعاليات ذكرى النكبة بنفس الاحتفالات والمسيرات
التي يمكن لغيرهم في دول أخرى عربية أو أجنبية إحياؤها، فيأتي الحل الالكتروني ليخفف
عنهم ويجعلهم في بوتقة الحدث.
وأوضح أن حملة (انتماء) هذا العام سعت لإطلاق
تطبيق إلكتروني يمكن للمستخدم نفسه تعبئته وفق البيانات الخاصة به باسم قريته بعد دراسة
نتائج تقييم الحملة لعملها في العام السابق، متابعًا: "العام الماضي صدّرنا صورا
جاهزة التصميم ولم تكن تحوي كافة المدن والبلدات والقرى المهجرة التي حاول الاحتلال
الإسرائيلي محوها بتغيير أسمائها من العربية إلى العبرية".
وشدد قدورة على أن مضمون الصورة يخضع لدراسة
دقيقة بهدف ليس فقط إحياء اسم القرية، وإنما لوضع رموز تدلل على القضية الفلسطينية
مثل الكوفية والعلم، خاتمًا حديثه بالإشارة إلى أن (انتماء) تؤكد في حملتها الالكترونية
على حق العودة لكن ليس بأي بديل، وإنما أن يعود كل فلسطيني إلى بلدته التي هجر منها.
التفاعل بالأرقام
من جهته، بيَّن الكاتب الصحفي المختص في
متابعة وسائل التواصل الاجتماعي معاذ العامودي أن الوسم الأكثر تداولا لهذا العام كان
يحمل عنوان "#نكبة68".
وقال: "إن مناطق التغريد الأبرز هي:
فلسطين، السعودية، مصر، ماليزيا، إندونيسيا، إسبانيا، السويد"، بينما60% من التغريدات
جاءت من الذكور و40% من الإناث، وبالنسبة للمحتوى فقط كانت 51.9% من المحتوى تغريدات
أصلية، و46.5% من المحتوى إعادة تغريد وهي نسبة عالية تدلل على اهتمام المتابعين بإعادة
نشر التغريدات ومحتواها".
ولفت إلى أنه من أبرز المؤسسات الإعلامية
التي غردت: شبكة قدس الإخبارية، وكالة شهاب، المركز الفلسطيني للإعلام، خرابيش، نبض
غزة، الرسالة نت، قدس برس، فلسطين بوست.
وأشار العامودي إلى أن نسبة كبيرة من التغريدات
جاءت من الأجهزة التي تعمل على نظام آندرويد 34.1% تليها الأجهزة المكتبية ديسك توب
29.5% في حين أن الذين يستخدمون أجهزة آيفون كانت نسبتهم 24%، مضيفًا: "وجود أجهزة
"الديسك توب" يدلل أن هناك مؤسسات رسمية دخلت على خط التغريد بقوة".
ولفت إلى أشهر الوسوم (الهاشتاقات) المصاحبة
للوسم الأصلي، وهي: "#نكبة68، #عائدون، #قطار_العودة، #فلسطين_تجمعنا، #العودة_حق_كالشمس،
#حتما_سنعود، #ذكرى_النكبة، #باقون، #سنعود، #نكبة_فلسطين، #بالمقاومة_نعود، #حق_العودة".
وشدد العامودي على أن مثل هذه الحملات تزيد
المحتوى الفلسطيني على الانترنت، ومهمة جدًا في زيادة الوعي العالمي لحقوق الفلسطينيين،
فهي تصل بسرعة إلى أي مكان في العالم، وإن كانت – وفق قوله – تحتاج إلى التطوير والتنسيق
بشكل أكبر.
لماذا يغردون؟
الخمسيني جلال الشريف (50 عامًا)، قال عن
مشاركته في إحياء فعاليات الذكرى الـ68 لنكبة 1948م: "هدفي إيصال الرسالة بأن
حق العودة حق أبدي ومشروع، وأننا لن نتنازل عنه مهما كلف ذلك من ثمن"، مشددًا
على أنه مهما كبر إلا أنه سيظل متمسكًا في حقه وفي أرضه حتى تعود له ويعود لها.
وعلق الشريف بقوله لصحيفة "فلسطين":
"لا تبدو المشاركة هذا العام بذات الزخم المعتاد عليه بنشر صور لمفاتيح العودة
والقرى والبلدات الفلسطينية المهجرين منها"، مرجعًا ذلك إلى أنه لا جديد أو تقدم
في حل القضية الفلسطينية.
واستدرك بقوله: "نحن أهل الأرض ومن
الواجب علينا أن نضحي بالمزيد لأجلها، الأرض لنا والقدس لنا، فمزيد من التضحية ومزيد
من الدماء لأجل هذه الأرض التي تربينا فيها".
إقرار أن حق العودة حق أبدي ومشروع، وفق
قول جلال الشريف، تؤكده ابنته العشرينية دعاء الشريف (23 عامًا) بمشاركتها الفاعلة
عبر مواقع التواصل الاجتماعي في ذكرى النكبة، معللة ذلك بقولها: "أهدف لنشر الوعي
وتوعية الشباب والمجتمع الفلسطيني وتذكيرهم بقراهم المحتلة والتي هجروا منها في عام
1948، فعظيم أن يُحيي الشعب الفلسطيني هذه الذكرى في ظل الحصار والقهر الذي يتعرض له
شعبنا من القريب والبعيد ولكن عليه أن يعي أكثر وأن يتذكر في الوقت الذي يتمتع فيه
المحتلون بأرضهم وديارهم ومقدساتهم".
أما مراسل إذاعة صوت الأقصى محمد قريقع
(24 عامًا) قال: شاركت في التغريد لتبصير الشباب الفلسطيني ببلداته وقراه المحتلة عام
1948، في ظل ما تمر به اليوم هذه الفئة من مشاكل وأزمات لشدتها قد تنسيها بعضاً من
حقوقها وثوابتها الوطنية".
بدوره، أوضح الشاب أحمد أبو ناموس (22 عامًا)
أن مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت سلاحًا ماضيًا لمن يحسن استعماله، مضيفًا:
"لكي نواكب التقدم ونحاور عقول الشباب وفتيان فلسطين واجب علينا أن نستخدم التقنية
التي يتداولونها في إيصال الصوت الفلسطيني والمعاناة التي عاشها في ظل الاحتلال الاسرائيلي
وخذلان العرب لهم".
بينما أحمد مصطفى (21 عامًا) لم يكترث قطعاً
لنشر العديد من المنشورات التي تخص النكبة، فالحديث عنها يطول والمراجع عنها كثيرة،
معلقًا بقوله: "اكتفيت فقط بالتنويه بمنشور واحد أوضحت فيه أننا تهجّرنا عام
1948 متوحدين بسبب قرار لعين، لكننا الآن في هجرتنا عام 2016 أصبحنا وما زلنا منقسمين،
فأول ما نستطيع فعله في ذكرى النكبة هو إنهاء الانقسام حتى تكون بذرة وشرارة التحرير
الحقيقية والعودة لأراضينا وتحرير مقدساتنا، فلا مناص من التحرير إن كانت السواعد متّحدة".
المصدر: أسماء صرصور- صحيفة فلسطين