القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

«لاجئ نت» في مخيم البرج الشمالي: الثلاسيميا والفقر والبطالة .. وأشياء أخرى تحاصر المخيم

«لاجئ نت» في مخيم البرج الشمالي

الثلاسيميا والفقر والبطالة .. وأشياء أخرى تحاصر المخيم


تحقيق: محمد السعيد/ خاص– لاجئ نت
الإثنين، 02 آذار، 2015

 

«مخيم الثلاسيميا»، هذا هو الاسم الصحي لمخيم البرج الشمالي الذي يضم نحو 9% من مرضى الثلاسيميا على مستوى لبنان.. من غير أن يلقى العناية اللازمة في العلاج، ولا تقدم «الأونروا» لهؤلاء المرضى ما يكفيهم في العلاج.

يقع مخيم البرج الشمالي إلى الشرق من مدينة صور، وعلى بعد ثلاثة كيلومترات منها، يبلغ عدد سكان المخيم نحو 19500 نسمة مسجلين لدى سجلات «الأونروا».

وقد تم تأسيس المخيم بهدف توفير مساكن من الخيام للاجئين من منطقة الحولة وطبرية في شمال فلسطين في عام 1948. ويضم المخيم أيضاً لاجئين فلسطينيين مهجرين من مخيمات ومناطق أخرى من لبنان. وبدأت «الأونروا» بتقديم خدماتها في المخيم في عام 1955. ويُقدّر عدد العائلات التي لجأت الى هذا المخيم قسراً في بداية اللجوء والنكبة عام 1948 بنحو 2500 عائلة، بعد أن استأجرت هيئة الأمم المتحدة قطعة الأرض من الحكومة اللبنانية في بداية الخمسينيات البالغة مساحتها 134600 متر مربع لإسكان نحو ستة آلاف نسمة.

الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية

يعاني مخيم البرج الشمالي أزمات صحية كبيرة، حيث يعاني الفقر والحرمان كبقية المخيمات في لبنان، وسلسلة الحرمان هذه لا تكاد تنتهي، وهي تطاول مختلف مناحي الحياة فيه، ولعل الجانب الصحي هو الهاجس الأكبر لسكان مخيم برج الشمالي الذين يقفون عاجزين عند أي مشكلة صحية تواجههم، وخاصة أن «الأونروا» لم تقم بواجبها المطلوب تجاههم، ويعرف مخيم برج الشمالي بأنه «مخيم الثلاسيميا».

وقد عانى المخيم بشكل كبير خلال الحرب الأهلية اللبنانية؛ هذا بالإضافة الى العدوان العنصري والحصار المستمر للمخيم حتى وقتنا الحالي، ولا يزال هناك الكثير من العمل المطلوب إنجازه من أجل تحسين البنية التحتية.

يعدّ مخيم البرج الشمالي في لبنان المخيم الأكثر فقراً، وذلك عائد لكون الغالبية العظمى من السكان يعملون في الزراعة والمهن الحرفية، بالإضافة إلى بعض الوظائف الأخرى.

يعمل كثير من سكان المخيم –رجالاً ونساء- في الحقول والبساتين القريبة من المخيم، يتقاضى العامل أجراً يومياً قيمته 12 دولاراً تقريباً. وعمل الزراعة هو عمل موسمي حيث يعمل الشخص حوالى عشرين يوماً فقط في الشهر.

ويعتاش قسم آخر من الناس على مردودات المحال التجارية الصغيرة مثل الأفران والسمانة والسكاكر والخضار وصالونات الحلاقة وغيرها من الحرف. ويعمل قسم آخر سائقي تاكسيات ولكنهم يعملون بشكل غير قانوني، لأن معظم سائقي السيارات لا يستطيعون شراء «نمرة عمومية». ومن اللافت وجود نسبة من الأطفال المتسربين من المدارس، يتوجهون إلى العمل ويزاولون مهناً وحرفاً لا تتلاءم مع طبيعة الأطفال. وقسم آخر يعمل في الوظائف الإدارية، ومجال التدريس في وكالة الأونروا، وهم نسبة قليلة جداً.

من يسِر داخل أزقة مخيم البرج الشمالي يلاحظ مدى صعوبة العيش والفقر المدقع الذي يعيشه هذا المخيم، حيث تصطف البيوت المتلاصقة التي تميزها رائحة الرطوبة القاسية ويخيم عليها شبح الفقر الذي يطارد السكان ويطبق على صدر الحياة ويضعها في قبضته منذ النكبة وحتى الآن، حيث معدلات البطالة المرتفعة، والشباب التائهون الذين يملأون الأزقة و«قهاوي» وساحات المخيم أسوة ببقية مخيمات لبنان التي حالها ليس بأحسن منه. وأينما تلتفت تجد أطفالاً يبحثون عن الحياة يحاولون انتزاعها من بين الأزقة التي تضيق يوماً بعد يوم مع الزيادة الطبيعية للسكان، وعلى عتبات البيوت التي تدل على أن هناك الكثير من البؤس بداخلها ويتجلى ذلك على وجوه الاهالي الذين يتقاسمون معاً هذا البؤس ونظرات عيونهم تفصح أكثر مما يدلي به اللسان.

جولة واحدة في المخيم تكفي لمعرفة أن الهمّ والحزن يفوقان بكثير عدد سكان المخيم المكتظ، وتكفي للخروج بنتيجة واحدة أن سكان هذا المخيم والفقر توأمان. ويعود ارتفاع مستوى الفقر والبطالة لعدم وجود فرص العمل وسبل العيش الأخرى مفقودة ونتيجة للغلاء الفاحش في لبنان.

من جانبه قال أحد سكان المخيم (م.س) الذي يعيل تسعة افراد– لشبكة أخبار اللاجئين الفلسطينيين «لاجئ نت» إنه ما زال عاطلاً عن العمل منذ أكثر من سنة وإنه بالكاد يستطيع تأمين قوت يومه، ولولا أنه يتقاضى راتباً من حركة فتح لمات من الجوع حسب قوله، وأضاف إنه من الصعب على رجل تجاوز الأربعين عاماً وعنده أطفال أن يبقى من دون عمل، وبانتظار راتبه الشهري الذي ينتظره وهو مبلغ 300 دولار أمريكي، وعند استلامي لهذا المبلغ أكون قد سددت به ديوني لأصحاب الدكاكين ولا أعرف الموعد الذي ساستلم فيه المبلغ المتواضع الذي لا يكفي حتى لشراء السلع الرئيسة بسبب غلاء الأسعار.

وبالقرب من منزله التقيت السيدة (أ.خ)، وهي أم لثلاثة أطفال، وتعاني من مرض السرطان في البنكرياس وابنها يعاني من مرض الأنيميا، وهي في الأربعينات من عمرها، كان الهمّ بادياً على وجهها، وعيناها تشكوان همّها وتحكي قصتها مع الفقر، قالت إن زوجها متعطل عن العمل وهي من تعيل أسرتها من خلال عملها كعاملة نظافة، حيث تتقاضى راتباً شهرياً لا يزيد عن 250 دولاراً، وهو لا يكفي إلا لعدة أيام، وحينها تُضطر للشراء من الدكاكين في المخيم بالدين من أجل إطعام أطفالها.

أما الشاب (ي.ف) الجالس في أحد المقاهي فهو شاب يبلغ من العمر 25 عاماً، ويبحث عن وظيفة لعلها تحقق حلمه الذي انتظره طول هذه السنوات في دراسته بعدما تخرج من الجامعة مهندساً للاتصالات. كان جالساً يدخّن ويحتسي فنجاناً من القهوة واليأس بادٍ على وجهه، وصف الوضع بالكارثي والمأساوي، قائلاً: تبقى مشكلة البطالة التي تواجه شباب المخيم وفرصهم الضائعة في العمل نتيجة القوانين اللبنانية القاسية التي تحرمهم من مزاولة أكثر من 70 مهنة، الأمر الذي يدفع الشباب إلى التوجه إلى الفراغ القاتل ومزاولة عادات سيئة، فتوجّه الكثير من الشباب إلى أبواب السفارات لطلب الهجرة أو لجأوا إلى الهجرة غير الشرعية عبر البحار في قوارب الموت هرباً من الواقع المأساوي، يُلقون بأنفسهم إلى التهلكة في انتحارٍ جماعي بكل ما تحمله الكلمة من معنى معتقدين بأن الجنةَ تنتظرهم في بلاد الغربة، ليجد معظمهم الموت في أعماق البحار.

/cms/assets/Gallery/1623/10952037_867244786676532_1668509412_n (1).jpg

/cms/assets/Gallery/1623/11026437_867244936676517_2094609669_n.jpg


/cms/assets/Gallery/1623/11026627_867244880009856_284761852_n.jpg

/cms/assets/Gallery/1623/10656444_867244963343181_1216537242_n.jpg