لغة السجون.. مصطلحات لا يفهمها إلا الأسرى
الإثنين، 20
نيسان، 2015
على مدى أكثر من قرن من الزمان، تنقل الفلسطينيون
بين سجون سلطات الاحتلال المتعاقبة على فلسطين، سيما الاحتلالين البريطاني والصهيوني،
وهو ما ولد كلمات ومصطلحات خاصة بالسجون يتناقلها المعتقلون، ويعرف مرادفاتها من خاضوا
مرارة السجون، علما أن نحو 850 ألف فلسطيني دخلوا سجون الاحتلال.
وعادة ما يواجه المعتقلون الجدد في بداية اعتقالهم
نوعا من الغرابة في التعرف على بعض المصطلحات وما تعنيه، وفي كل الأحوال فقد أضحت بحكم
الواقع «لغة السجون».
ففي بداية الاعتقال يخير المعتقل في العيش مع
معتقلي التنظيم الذي يحب، فحماس يسمون «المجاهدون»، وفتح «الإخوة»، والجهاد الإسلامي
«"حجاج»، والجبهات «رفاق».
ويشير معتقلون قضوا فترات في سجون الاحتلال لمراسلنا
إلى كلمات عديدة، فسواعد لدى أسرى حماس تعني ناقل البريد بين الأقسام، بينما تعني
"عاصف" لدى فتح نفس المعنى.
لغة حصرية
وكذلك فإن كلمة «نينجا» ترمز إلى من يقومون بجمع
النفايات وإخراجها صباح كل يوم، وهم مجموعة معتقلين يتناوبون حسب الدور في المسئولية
عن إخراج القمامة.
وأما تسمية السجون فيطلق عليها المعتقلون اسم
«قلاع»، وبالتالي فإنك لست في السجن، وإنما في قلعة حطين وهكذا، وعليه فإن لكل قلعة
أميرا وموجها عاما وأمراء أقسام، وإداريين.
وتشير كلمة «النضالية» في بعض مراحل الحركة الأسيرة
إلى مسئولية «الكانتينا»، وهي بقالة القسم التي تحوي ما يشتريه المعتقلون على حسابهم
الخاص.
وتتعدد المصطلحات لتشمل نواحي الحياة المختلفة،
فـ«البرش» هو السرير الذي ينام عليه المعتقل، و«الفورة» هي الفترة اليومية المخصصة
لخروج المعتقلين إلى الساحة.
وكذلك، فإن بعض المأكولات المألوفة تحمل نفس الاسم،
ولكن المحتوى مختلف بحكم الإمكانيات، فمثلا «الكنافة» داخل السجون هي نتاج عملية طحن
الخبز القديم وتحميصه مع زيت أو زبدة ووضع قطع الجبن مع القطر.
كلمات للتمويه
وأما الغزال؛ ذلك الحيوان الرشيق، فيعني في كلمة
السجن الهاتف النقال، وتعد هذه الكلمة رمزية للتداول، لأن الهواتف النقالة في السجون
ممنوعة ومهربة، وبالتالي لا يصلح تداولها باسمها.
ولا تشير كلمة «كبسولة» في لغة السجون إلى حبة
دواء أو مضاد حيوي، بل هي الرسالة التي تغلف على شكل كبسولة صغيرة مغلفة بطريقة محكمة،
ويبتلعها المعتقل كما حبة الدواء لكي يتمكن من إبعادها عن أنظار جيش الاحتلال عند التفتيش،
ثم يخرجها من جسده مع فضلات الطعام بعد خروجه من السجن وينقلها لصاحب الشأن.
وأما «السكين» تلك الأداة الحادة، فشكلها مختلف
داخل السجون كونه ممنوع اقتناؤها، فيتفنن المعتقلون في تصميمها من بقايا المعلبات أو
مخلفات حديدية.
وتزخر ذاكرة السجون بقائمة طويلة من المصطلحات
التي تحتاج إلى دراسات لتوثيقها، فـ«الشاويش» هو المكلف من قبل الأسرى في القسم للحديث
مع إدارة السجون، حيث إنه لا يسمح بالاتصال المباشر بين المعتقلين وجنود السجن في عرف
الحركة الأسيرة.
ويشير رئيس مركز أحرار لدراسات الأسرى فؤاد الخفش
لمراسلنا، إلى أن «لغة السجون» هي جزء من تاريخ
الحركة الأسيرة التي طورتها عبر عقود من المعاناة، ولكل منها مناسبة خاصة وتاريخ يحكي
حكايتها.
ويضيف: «إن أوجه الحياة المختلفة للأسرى تتطلب
توثيقها بأبحاث علمية ودراسات تؤرخ وفق منهجية علمية لكافة الجوانب الثقافية والأدبية
والحياتية اليومية والمعاناة بكافة أشكالها».
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام