مأساة الطفل ابراهيم في صيدا.. تشيب لها النواصي
البلد | محمد دهشة
يرقد الطفل (إبراهيم. د) في احدى غرف مستشفى صيد الحكومي الجامعي، يصرخ ألما بين جدرانها الاربعة، يتلقى العلاج من حروق وندوب في انحاء مختلفة من جسده الهزيل جراء الضرب المبرح والتعذيب الذي تعرض على يدي ذويه المفترضين والذي وصفه وزير الشؤون الاجتماعية وائل ابو فاعور بانه "تشيب لا النواصي من كثرة الوحشية".. قبل ان يتقدم بدعوى متخذاُ صفة الادعاء الشخصي كوزير للشؤون الاجتماعية وبصفته رئيسا للمجلس الأعلى للطفولة.
وحكاية الطفل ابراهيم الذي يقطن في منطقة "السكة" الفقيرة بين منطقتي تعمير صيدا ومخيم عين الحلوة مع ذوين مفترضين، تضافرت كل الاسباب لتجعل صدى عذابه يخرج من بين بيت معدم الى العلن من كثرة العذاب والصراخ لتكشف حقائق كثيرة واخرى ما زالت قيد البحث، أدمعت عيني كل من سمع بها او شاهدها، بعدما تحولت الى قضية رأي عام بإمتياز بعدما وضع الوزير ابو فاعور والقضاء اللبناني والقوى الامنية اليد على القضية سريعا، لتبدأ فك ألغازها واسرارها التي تتوالى فصولا وتحمل مع كل فصل منها مأساة جديدة، اولا انه مكتوم القيد، ثانيا نزاع على الابوة مع عدم اثبات للأبوة وحتى الأمومة حتى اللحظة غير مثبتة، ورابعا الطفل أمي يحتاج الى رعاية وايواء ودعم نفسي اجتماعي وحماية نتيجة الخوف الذي يعيشه لمجرد رؤيته اي شخص لا يعرفه.
الام والابن
وعلمت "صدى البلد"، انه جرى توقيف والدي الطفل المفترضين (غادة.ق) و(محمد شاكر.د) فكشفت التحقيقات ان محمد ليس والده بل زوج الام المفترضة غادة وفق نتائج فحص ال "DNA" له، ما دفع الى اجراء فحص آخر لغادة للتأكد من انها الام الحقيقية لابراهيم ولم تظهر النتيجة بعد.
ووفق ما تسرب على لسان غادة انها تزوجت من محمد قبل سنوات ولم تتمكن من تنفيذ عقد الزواج في الدوائر الحكومية وبعد ذلك سجن الاب لخمسة سنوات وعندما خرج من السجن اصبح مطلوبا داخل مخيم عين الحلوة وقد عرض عليها شقيقها ان يسجل الطفل باسمه لكنها لم توافق على ذلك وبالتالي لم تستطع استخراج اوراق ثبوتية للطفل ابراهيم حتى الان.
بينما روى الطفل ابراهيم سابقا ان "أمي ظنت ان احدا قام بضربي.. وهي دائما تقول لي عندما يضربك احدا أضربه ولا تقبل ان يضربك احد... فضربتني.. بينما محمد (زوج الام) قام بضربه وهو الذي قام بوشمه وهو بعمر ثلاثة سنوات، موضحا ان الحروق البالغة في رجليه بفعل الماء الساخن في الحمام الذي كان محمد يحضره لغسل اغطية السرير..".
وقد تحولت حكاية ابراهيم الى قضية رأي عام بعدما تم نقله من مستشفى الهمشري الى مستشفى الحكومي الجامعي في صيدا ليعالج من حروق من الدرجة الثالثة وندوب في انحاء متفرقة من جسده، فسارعت ادارة المستشفى الى ابلاغ القوى الامنية، فأمر النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي سميح الحاج القوى الامنية بوضع حراسة ومنع التصوير وفتح تحقيق عاجل لمعرفة الاسباب الحقيقية، فيما أولى وزير الصحة اللبناني علي حسن خليل القضية اهتمامه وطلب علاجه على نفقة وزارة الصحة بعد علمه ان مكتوم القيد ويعاني من مشاكل عائلية.
ابو فاعور
بالمقابل، سارع الوزير ابو فاعور الى زيارة صيدا حيث عرج على قصر العدل والتقى القاضي الحاج قبل ان يتقدم بدعوى متخذاُ صفة الادعاء الشخصي كوزير للشؤون الاجتماعية وبصفته رئيسا للمجلس الأعلى للطفولة، ثم انتقلا سويا الى المستشفى للاطمئنان على صحة الطفل ابراهيم واطلع من رئيس مجلس الادارة الدكتور علي عبد الجواد على تفاصيل العلاج.
واذ نوه ابو فاعور بدور وسائل الاعلام في اماطة اللثام عن هذه القضية الانسانية، كي تقوم الدولة بواجباتها تجاهه، قال ان "المشهد الذي رأيناه تشيب له النواصي، فلا يمكن ان يكون هناك وحشية اكثر ولا يمكن ان يكون هناك تعذيب اكثر من ذلك".
واضاف: ان الطفل ابراهيم تعرض لإعتداءات لا حق لي ان أفشي ما يحصل في التحقيق وهو متقدم وتقريبا المسؤوليات ثابتة والحل الاول الذي نحتاج اليه هو الرعاية الطبية الدائمة له لكي يعالج مما تعرض له من اعتداءات، ثانيا الرعاية الاجتماعية لأن المسألة ليست فقط اعتداء جسدي وانما هناك آثار نفسية لهذا الأمر، حصل واكتشفنا اليوم هذه المأساة كبرى ولكن كم من الحالات الشبيهة التي تحصل في مجتمعنا اللبناني وكم من الانتهاكات التي تحصل لأطفال لبنان بهذا الشكل ولا يعلم بها احد، معلنا انه سيعقد مؤتمرا صحفيا ليعلن عن خط ساخن لوزارة الشؤون الاجتماعية لمتابعة كل الشكاوى، مؤكدا ان هناك الكثير من الحالات الشبيهة المكتومة عن الرأي العام والتي يجب ان تعرف بها الدولة لكي تعالجها.
وقال: المرحلة الاولى هي مرحلة اثبات ابوة هذا الطفل.. والامر يترك للقضاء، ما يهم الان ان يحصل على العلاج الطبي والرعاية الاجتماعية بغض النظر انه مكتوم القيد، وبمجرد ان يتماثل الى الشفاء سيتم وضعه في عهدة وزارة الشؤون الاجتماعية، كاشفا عن ان والدة الطفل المفترضة وضعت مولودا جديدا منذ عشرة ايام وأنها اوقفت ومعها الطفل الوليد داعيا القضاء المختص الى نقلهما الى المستشفى ليلقى الطفل الرعاية اللازمة.
وفيما اكد القاضي الحاج أن التحقيقات تسير بشكل طبيعي وستستمر حتى النهاية ولكشف كل الملابسات المتعلقة بهذه القضية، واشار رئيس مستشفى صيدا الحكومي الجامعي الدكتور علي عبد الجواد الى أن الطفل ابراهيم يحاط بالعناية الطبية والصحية اللازمة، بانتظار استكمال العلاج النفسي له في احدى المؤسسات المتخصصة، قائلا انه بناء على تعليمات وزير الصحة علي حسن خليل تم استقبال الطفل وتقديم العناية الطبية له.. الطفل مصاب بحروق بحاجة لعناية خاصة وقد تم استقدام اخصائي حروق لمتابعة الحالة."
=====
فتح جرح
المفارقة أن اثارة قضية الطفل ابراهيم ، فتحت جرح عائلة مرزوق كانت فقدت طفلها في عدوان تموز من العام 2006 في منطقة الأولي، واعتقدت هذه العائلة ان ابراهيم هو ابنها المفقود والذي كانت فقدت كل امل في العثور عليه، فلم يكن على الجهات المختصة امام هذا التطور الجديد الا اللجوء الى فحوصات الحمض النووي والتي جاءت نتائجها مخيبة لآمال تلك العائلة.