مؤتمر: مخيم نهر البارد.. أولوية الإنقاذ والإعمار
محمد السعيد - بيروت
مما لا شك فيه أن اللاجئين الفلسطييين في لبنان تعرضوا لمحن وابتلاءات عديدة وعلى مستويات عدة، لتحتل فيما بعد نكبة مخيم نهر البارد واجهة الاهتمام، وما تعرض له أهل المخيم من معاناة تدمير المخيم وتهجير أهله، ومعاناة التأخير في إعادة بناء مخيم نهر البارد.. في هذا الإطار عقد مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس - لبنان مؤتمره الأول بعنوان: «مخيم نهر البارد.. أولوية الإنقاذ والإعمار»، في بيروت – فندق الكومودور، قُدمت من خلاله محاور وجلسات نقاش، شارك فيه الدكتور حيان حيدر ممثلاً الرئيس سليم الحص، النائب علاء الدين ترو، النائب الوليد سكرية، النائب السابق زهير العبيدي، الشيخ عطا الله حمود ممثلاً «حزب الله»، رئيس «منتدى الفكر التقدمي» رامي الريس، رئيسة «لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني» المحامية مايا مجذوب، ممثل حركة المقاومة الإسلامية «حماس» في لبنان علي بركة، ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان السفير عبدالله عبدالله، وممثلون للفصائل الفلسطينية وعدد من أبناء المخيم، وكان هناك عدة كلمات في حفل الافتتاح.
افتتح المؤتمر منسقه سامي حمود، ثم قدّم ياسر عزام مسؤول مكتب شؤون اللاجئين الذي ألقى كلمة، لافتاً الأنظار إلى ما جرى ويجري في مخيم نهر البارد، موضحاً أن الفلسطينيين هم من دفع الثمن في كافة مراحل هذه القضية.
وتساءل عزام: «أين هو المشروع الفلسطيني؟ وأين هو التعاون الفلسطيني الذي يجب أن يكون الرائد في التخطيط والتفاوض والوعي المبكر لهذا السيناريو الذي بين أيدينا؟ وهل سبقتنا الأحداث؟ أم أنها مرّت أمامنا من غير أن ندرك ما يجري؟».
من ناحيته ألقى سميح لوباني كلمة اللجنة الشعبية لمخيم نهر البارد وذكّر فيها أن نصف أبناء المخيم ما زالوا مشردين خارجه، وما زال أهالي المخيم من دون تعويضات بعد مرور أربع سنوات على الأحداث.
بدورها دعت رئيسة «لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني» المحامية مايا مجذوب إلى تشكيل فريق عمل يضم الأطراف المعنيين من لجنة الحوار ووكالة الأونروا والفصائل الفلسطينية لمواجهة التحديات والمشاكل القانونية التي تقف عقبة أمام الإعمار.
أما غالب قنديل عضو «المجلس الوطني للإعلام اللبناني»، فقد دعا وسائل الإعلام إلى مواجهة المسؤولين بالحقائق، واستغرب كيف استخدمت الدولة اللبنانية الفلسطينيين، واستغلت وجودهم، ودعا الجيش اللبناني إلى تسهيل حركة الفلسطينيين في المخيم. وسأل «إذا كانت المشكلة مالية فلماذا لا تنظّم حملة شعبية ورسمية لجمع الأموال وتعمير المخيم؟».
وفي ختام افتتاح المؤتمر، ألقى ممثل حركة حماس في لبنان علي بركة كلمة المقاومة الفلسطينية، حيث حمّل المسؤولية بالدرجة الأولى للحكومة اللبنانية وثانياً لوكالة الأونروا، وقال: «إذا كان مخيم نهر البارد سيكون نموذجًا لباقي المخيمات فـ«بئس هذا النموذج»، نظرًا للهدر والتأخير في الإعمار والحالة العسكرية المفروضة حتى اليوم».
الجلسة الأولى
تناولت الجلسة الأولى المحور الأول بعنوان: «المسؤولية السياسية.. قبل الأحداث وخلالها وبعدها.. من يدير الدفة؟»، ترأسها عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب وليد سكرية مشيراً إلى «ضرورة استخلاص العبر مما حصل في نهر البارد كي لا تتكرر المأساة»، لافتاً إلى «الانقسام الفلسطيني وغياب مرجعية تضبط الوضع في المخيمات، مما أدى إلى تسرب «فتح الإسلام» إلى المخيم، وأيضاً في ظل الانقسام اللبناني بين فريق داعم للمقاومة في اتجاه تحرير فلسطين وفريق آخر يريد السير في التسوية مهما كانت الحلول التسووية»، واصفاً ذلك بـ«التشرذم والضياع السياسي في الحالتين اللبنانية والفلسطينية». وربط «التباطؤ في إعادة الإعمار بغياب الحلول السياسية الداخلية وعلى صعيد المنطقة».
وذكر المسؤول عن العلاقات اللبنانية في حركة «حماس» رأفت مرة، أن «هناك جهات سياسية وأمنية لبنانية حوّلت المعركة من معركة على فتح الإسلام إلى حرب شاملة على مخيم نهر البارد وساكنيه، وأن هناك جهات سياسية وأمنية لبنانية أرادت اصطناع نصرٍ ضد الفلسطينيين وليس ضد غيرهم، وأرادت الانتقام منهم على خلفيات سياسية وطائفية سابقة، وثارات قديمة».
وفي الختام اعتبر أن أقل ما يمكن تقديمه هو الحرص على علاقات لبنانية فلسطينية جيدة في مخيم نهر البارد، والإسراع في إعمار المخيم وإحداث تغيير حقيقي في نهج الإعمار المستخدم، أو السماح للأهالي بإعادة الإعمار بعد أن تكون الأونروا قد قامت بتجهيز البنية التحتية، وفك الطوق العسكري الأمني حول المخيم، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 20 أيار 2007.
كما أكّد مروان عبد العال عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «أن هناك مشروع يهدف إلى تدمير فكرة المخيم، بما فيها البنية السياسية، من خلال نهر البارد الذي من المفترض أن يكون منطلقاً يتجاوز تجارب الماضي ويؤسس إطاراً ونموذجاً واضحاً لعلاقات سليمة لبنانية - فلسطينية وحصر مهمة هيئة الحوار بمخيم نهر البارد فقط.
ولفت عبد العال إلى «أن هناك تنامياً للشعور بالاضطهاد والتمييز، حين قامت الهيئة العليا للإغاثة اللبنانية بالتعويض للمتضررين اللبنانيين في المخيم وحوله واستثنت الفلسطيني ابن المخيم، ملقية تبعات ذلك على الأونروا التي عملت على الاستفادة من إعلان الدولة اللبنانية باعتبار أن المخيم الجديد منطقة لبنانية يسكنها فلسطينيون، ما حدا بها العمل باعتبار أن وجودها فيه هو وجود مؤقت وطارئ إلى حين انتهاء العمل في القديم».
وعرض الناشط الحقوقي والأهلي محمد الشولي «دور الأونروا في إعادة الإعمار والتعليم والصحة»، الأخطاء والثغرات والمشاكل التي ترافق إعمار الوحدات السكنية في البارد، مشيراً إلى «أن هناك منازل هي غير ما تم التوقيع عليه، وأن حجم الوحدات صغير جداً وكأنها معلبات صغيرة، وأن الزجاج المستخدم شفاف لا يحجب الرؤية وليس هناك من دفاعات تحمي الأطفال، هناك نش ورطوبة من الجدران، والبلاط المستخدم هو من أسوأ الأنواع، بعض الحمامات ليس فيها «دوش» للاستحمام، وبعض الشقق ليس فيها أماكن للاستحمام، عرض الدرج لا يتجاوز الـ67 سنتمتراً، وقطر مجاري الصرف الصحي لا تزيد عن ثمانية «إنشات»، وهناك منازل بلا سلالم وللصعود إليها على سكانها سلوك سلالم مبنى مجاور، كما أن هناك منازل اتسعت على حساب أخرى.
وطالب المناضل الفلسطيني صلاح صلاح خلال مداخلة له، بضرورة رفض نموذج مخيم نهر البارد الذي يحاولون تعميمه، داعياً إلى وقف المؤتمرات والخروج بتظاهرات واعتصامات، مضيفاً «وليخرج معنا من يناصروننا من اللبنانيين لنعتصم نحن من داخل حاجز الجيش اللبناني على أبواب المخيم، وهم من خارجه».
الجلسة الثانية
تناولت الجلسة الثانية المحور الثاني بعنوان: « مخيم نهر البارد والعلاقة مع الآخر بين الأمن وحقوق الإنسان» ترأسها النائب السابق الدكتور زهير العبيدي.
عرض علي هويدي المدير العام لمنظمة «ثابت» لحق العودة «دور المنظمات الأهلية .. الإعمار والإدارة وتحديات الواقع والمستقبل»، وتحدث عن حقائق ما جرى في مخيم نهر البارد من أحداث، وعن دور منظمات المجتمع الأهلي في مخيم نهر البارد وعن مستقبل الإدارة في «المخيم النموذجي».
وتحدث منسق مجموعة "عائدون" الدكتور جابر سليمان عن المقاربة اللبنانية الرسمية والشعبية لقضية مخيم نهر البارد متوقفاً عند العلاقات اللبنانية الفلسطينية والمواقف الرسمية اللبنانية من أزمة نهر البارد، مقدماً أربع مقاربات بما يخص أمن المخيم والمحيط والعقد - الوثيقة التي سربت حول العلاقة بين الدولة واللاجئ، وحقوق الإنسان والمفهوم القانوني لأمن الفرد وأمن الدولة.
وأشار محمود الحنفي المدير العام للمؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان «شاهد» إلى ظروف تهجير الفلسطينيين من مخيم نهر البارد، مستحضراً القوانين الدولية التي يمكن الاستناد إليها في الدفاع عن حقوق أهالي المخيم. وفصّل حنفي في الحصار الأمني على مخيم نهر البارد من منظور القانون الدولي لحقوق الإنسان والقوانين اللبنانية.
تميزت الجلسات بمداخلات ومشاركات من أهالي مخيم نهر البارد، تحدثوا عن حجم المعاناة التي يعانيها أبناء المخيم مقدمين توصيات واقتراحات للمؤتمر.
المصدر: البراق العدد الـ86