مؤتمرات "فتح": صور تتخلص من سطوة "أبو العينين"
الخميس، 23 حزيران 2011
قبل عامين، وعشية انعقاد المؤتمر العام السادس لحركة "فتح" في رام الله، ارتفعت على مداخل مخيمات صور، خصوصاً الرشيدية والبص، صُوَر عضو اللجنة المركزية الحالي للحركة وأمين سرها في لبنان سابقاً اللواء سلطان أبو العينين، وإلى جانبه صور عضو اللجنة المركزية المقال محمد دحلان، وكان الرجلان تحالفا في ذلك المؤتمر.
الأحد الماضي، كان مشهد صور مختلفاً تماماً.. 22 فتحاوياً ترشحوا لعضوية قيادة المنطقة في انتخابات مناطق اقليم لبنان في مرحلتها الثالثة للتنافس على 9 مقاعد، لم يتمكن أنصار أبو العينين من شغل سوى 3 منها، وهم من أصل 13 عضواً في المنطقة السابقة كان أبو العينين عيّنهم في منصبهم، وترشحوا جميعاً للانتخابات الأخيرة وفشلوا فشلاً ذريعاً.
تتفاوت التقديرات والتحليلات لسبب هذا التراجع الواضح لسطوة رجل حكم حركة "فتح" في لبنان أكثر من عقدين، وأبعد عنها إلى رام الله، لكن بترفيعه الى منصب عضو لجنة مركزية منتخب، من دون أن يفقد تأثيره على الساحة، الأحب إلى قلبه، وفق مقربين سابقين منه.
بعض الفتحاويين المتعصبين لحركتهم والذين يرفضون البوح بخفايا الأمور، أشاروا إلى أن ما حصل طبيعي، الانتخابات جرت وهناك من فاز بسبب شعبيته ومن خسر بسبب عدم تقبل الأعضاء له.
آخرون يشيرون تلميحاً الى وجود تكتلات و"حرتقات" انتخابية، وحسابات شخصية، لعبت دوراً في إبعاد أشخاص كفوئين، ومن بينهم قادمون من فصائل أخرى، ولا زال جسم الحركة ينظر إليهم على أنهم دخيلون عليها، كما أن الناخبين ملزمون باختيار 9 أعضاء من بينهم امرأة كحد أدنى، حكماً، وأي خطأ في هذا الترتيب، يعني إلغاء الورقة الانتخابية وخسارة أصوات لمرشح ما.
فئة ثالثة، جلها من كادر "فتح" القديم، الذي رافق الكثير من المتغيرات والتحديات، وتسلم مناصب قيادية، وأبُعد أو كُفت يده، أو عانى من سطوة أبو العينين خلال قيادته إقليم لبنان، تبوح أكثر من الفئتين آنفتي الذكر، ويمكن تلخيص موقفها على النحو التالي:
"الانتخابات بغض النظر عما حملته من شوائب تبقى ايجابية بحد ذاتها، كونها الأولى التي تحصل على مستوى المناطق منذ ما قبل الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، وما حصل أن الفتحاويين تمكنوا للمرة الأولى من اختيار ممثليهم في المنطقة بعيداً عن الإلزام، كما حصل في المؤتمر السابق، الذي صادق المندوبون على 11 مرشحاً اختارهم أبو العينين، قبل أن يضيف إليهم عضوين آخرين عيّنهما تعييناً مباشراً، علماً أن الأعضاء هؤلاء، بغالبيتهم من غير المحبوبين، وهو ما يفسر فشل 9 منهم في المؤتمر الأخير". ويستخلص الكوادر هؤلاء أن "زمن سطوة أبو العينين في لبنان قد سقطت فعلاً، وباتت فتح أكثر حرية في خياراتها الداخلية، وإن كانت العملية تحتاج إلى وقت طويل قبل أن تصبح المؤتمرات تجديدية في النهج وليس فقط على مستوى المراكز القيادية". ويصف أحدهم ما جرى بأنه "محاكمة لمرحلة سابقة ومؤشر للمرحلة المقبلة".
وهكذا فإن المؤتمرات التي تجري حالياً، "ستحدد نتائجها أشخاص قيادة إقليم لبنان، ومنهم من بات حظه شبه عاثر، مثل أمين سر إقليم لبنان محمد زيداني (أبو أحمد) الذي فشل في إيصال حتى مرشح واحد إلى قيادة المنطقة".
ويقول أحد الخاسرين في الانتخابات، إن الانتخابات محسومة الاتجاه، "فمن يمتلك القرار المالي يمتلك القدرة على تحديد الاتجاهات، وفيما أن سلطان أبو العينين محبوب من قبل كل الفتحاويين في صور خصوصاً، إلا أنه لم يعد يمتلك القرار المالي، وكذلك أنصاره الذين يعتبر محمد زيداني أحدهم، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن لا تكون النتائج لمصلحتهم".
يُذكر أن الانتخابات كانت جرت في مرحلتين على أحدين متتاليين سابقين في البقاع وبيروت، وتتبقى مرحلتان في صيدا والشمال الأحدين المقبلين.
المصدر: جريدة المستقبل – أنيس بيضون