القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

ما مصير اللاجئ الفلسطيني بعد الموت؟؟

ما مصير اللاجئ الفلسطيني بعد الموت؟؟


تحقيق: مريم الحاج موسى

خاص«لاجئ نت»

«أزمة المقابر» مشكلة تواجه معظم اللاجئين الفلسطينيين داخل المخيمات في لبنان، فأين يدفنون موتاهم بعد أن امتلأت مقابرهم؟

اللاجئ الفلسطيني الذي ضاق به مخيمه بات يخشى اليوم أن تضيق به مقبرته. فالحشر الذي ذاق طعمه المرّ وهو حي، لا يريد أن يرافقه إلى مثواه الأخير.

المقبرة في مخيم الرشيدية

أول مقبرة في مخيم الرشيدية أقيمت على أرض وقف قرب الكنيسة التابعة للأرمن القادمين من تركيا وأرمينيا. هذه المقبرة التي خُصّصت لدفن موتى اللاجئين الفلسطينيين سرعان ما امتلأت نظراً لضيق مساحتها.

بعدها خصصت مساحة لا بأس بها قرب شاطئ البحر لتكون المقبرة الجديدة، وبدأ الدفن فيها منذ نهاية الستينيات. مرت عليها السنوات فامتلأت، لكن نتيجة الدفن العشوائي والفوضوي لم تستغل مساحتها بشكل جيد فضاع الكثير من المساحات سدى.

كان لا بد لنا من زيارة المقبرة لنعرف وضعها. ويلحظ الزائر لدى وصوله إليها أنها غير مسيجة إطلاقاً، وليس عليها حراسة ويمكن دخولها في أي وقت. لا شيء يدل على وجود اسمٍ لها، لكن بعض كبار السن يقول أنها «مقبرة الشهداء». القبور فيها متلاصقة حتى تكاد لا تجد ممراً بينها وتخشى دوس أحدها، بل إن هناك قبوراً يصعب التعرف عليها بعد أن ابتلع التراب نصفها.

توجّهنا في «لاجئ نت» نسأل الأهالي الذين يسكنون مقابل المقبرة مباشرة فانهالت الشكاوى والمطالب. قال أحمد الخطيب «إن مساحة المقبرة المتبقية شارفت على الانتهاء، وهناك من بدأ بفتح بعض القبور لدفن الميت الجديد مع الميت القديم شرط أن يكونا من العائلة نفسها لتوفير المساحة المتبقية لمن ليس له أقارب موتى، وهذا الأمر ما زال في بدايته وأرجو أن يجد المعنيون حلاً سريعاً له، لأنه يصعب علينا أن يُفتح القبرعلى الميت وتُحرك عظامه من مكانها».

وتقول صفاء التي تمضي أوقات فراغها على شرفتها المطلة مباشرة على المقبرة «لا حرمة للمقبرة ولا احترام للميت، الأولاد يدخلونها يقفزون على قبورها ومنهم من يتبول فيها أيضاً، فضلاً عن الماشية التي تدخلها.. يجب أن يكون لها سور أو حارس يحميها».

أما سعاد فقد أوصت أهلها «أن لا أدفن بهذه المقبرة التي لا خصوصية لها ولا مراعاة لحرمة الميت، أريد أن أدفن في مقبرة برج البراجنة يقولون إنها جميلة ونظيفة!».

هل من حلول؟

المقبرة شارفت على الامتلاء، وبات هناك خطر من أن يلجأ اللاجئ الفلسطيني إلى الدفن الجماعي، فهل سيقع مخيم الرشيدية في «أزمة المقابر» ذاتها التي وقعت فيها بقية المخيمات؟؟ أم أن هناك حلاً يلوح في الأفق؟؟ للإجابة على هذه الأسئلة كان لنا لقاء مع مسؤول اللجنة الأهلية في منطقة صور الأستاذ محمد الشولي الذي بدأ حديثه بلمحة سريعة عن واقع المقبرة الحالية «المقبرة تقريباً امتلأت لكنها ما زالت قادرة على استيعاب بعض القبور، كما أنها مهددة من أمواج البحر التي قد تدفن بعض القبور أو تجرفها.. هناك من لجأ أخيراً للدفن الجماعي لكنه فعل نادر ولم يصبح ظاهرة في مخيم الرشيدية بعد».

وتابع الشولي «هذا الوضع دفع اللجنة الأهلية منذ ثلاث سنوات تقريباً إلى التفكير الجدي للبحث عن مساحة لبناء مقبرة جديدة تلافياً للوقوع في أزمة مقابر كما حصل في مخيمات أخرى. لذلك بحثنا بشكل حثيث، خططنا، استنفدنا الوقت لكننا وجدنا في النهاية المكان والمساحة اللازمة لبناء المقبرة الجديدة والتي تقع في أول المخيم وتبلغ مساحتها خمس دونمات».

وأضاف الشولي «المقبرة الجديدة اسمها «أم المؤمنين خديجة الكبرى رضي الله عنها» مكونة من عدة مرافق، مرفق لغسل الموتى وتكفينهم، حمامات ومكان للوضوء، قاعة للعزاء وبيت للحارس، وسيكون للمقبرة براد يحفظ جثث أربعة موتى، سيارة لنقل الموتى، مولد كهربائي و بوكلين لحفر القبور».

وأوضح أن «شراء مساحة الأرض الخاصة بالمقبرة والبدء ببناء المرافق مُوّل من مجموعة تبرعات من محسنين ومن أصحاب الأيادي البيضاء. وتسعى لجنة المتابعة الأهلية إلى جلب التمويل اللازم لاستكمال بناء السور حول المقبرة وجرف الأرض وتسويتها واستكمال بناء قاعة العزاء وكافة المرافق. وبعد ذلك سيتمّ افتتاح المقبرة لدفن موتى سكان المخيم ضمن طريقة نموذجية منظمة، لنستخدم المساحة المتوافرة بأقصى طاقة ممكنة فتتسع لأكبر عدد ممكن من الموتى، تلافياً لهدر المساحات الحاصل في المقبرة الحالية، إذ يصعب توفير مساحات جديدة في المستقبل».

في نهاية الحديث، استبعد الشولي أن يقع المخيم في «أزمة مقابر»، فالمقبرة الحالية ما زالت تستوعب بعض القبور، وتأجيل افتتاح الجديدة مؤقت ومرهون ببعض التمويل.