مارون الراس تحتضن "العائدين" في ذكرى نكبتهم
السبت، 14 أيار، 2011
تنتظر مارون الراس التي تمسك برأس منطقة جبل عامل اللبنانية والجليل الفلسطيني المحتل يوم الغد بقليل من الصبر والكثير من الترقب، فاتحة ذراعيها لأبناء الجارة المحتلة لتكون قبلتهم في مسيرة عودتهم الرمزية التي أرادوها في ذكرى نكبتهم، نكبة فلسطين قبل ثلاثة وستين عاماً من اليوم. ترسم البلدة التي شكلت محطة رئيسية على طريق تمزيق "بيت العنكبوت" الإسرائيلي خلال عدوان تموز 2006 ، حدود المحال والمستحيل بين حدود وشريط شائك وخط ازرق ملغوم وأخر تقني...وبين قرى وبلدات وحقول اشتاقت إلى أهلها كما اشتاقها ويشتاقها من أرغم على هجرها، وما يزال من دون ان يبدل تبديلا. وتحولت مارون الراس التي يقارب ارتفاعها الألف متر عن سطح البحر إلى محطة يقصدها الفلسطينيون وعشاق وطنهم ، إلى معلم ورمز لكل مشتاق إلى عبق فلسطين، وإلى رمز للتحدي الرابض فوق خط الرؤية الاسرائيلية، واضعة المستعمرات الغريبة عن الأرض وترابها تحت مرمى البصر والشوق إلى الأرض السليبة.
غداً، في الخامس عشر من ايار، هو الموعد في مارون الراس ومعها، مع الضيعة التي لا يزيد عدد ساكنيها عن الخمسمائة نسمة، من المقدر ان تستقبل حوالى خمسين الف ناشط فلسطيني ولبناني في يوم العودة و"الانتماء" الى ارض الجدود والاباء. جغرافيا، يبدو أن "حديقة ايران" في مارون الراس على الحدود الجنوبية قد حددت خطاً أخيراً للعودة المفترضة حيث تشرف من ارتفاعها على معظم الشمال الفلسطيني شرقا وغربا. ونظرا للقرب الجغرافي والمعنوي لمارون وحديقتها، يتخوف البعض في المنطقة من إمكانية أن تتطور الأمور نحو اقتحام الشريط الحدودي، او اي تطور امني آخر، وسط تأكيد مصادر امنية متابعة ب" أن حديقة مارون الراس هي الحد الأقصى المسموح به، وأنه جرى الاتفاق مع المنظمين على سلمية التحرك، وان التنسيق على مختلف المستويات يجري منذ مدة". وفي الوقت الذي تشهد فيه بعض المواقع الاسرائيلية الحدودية عمليات صيانة وتعزيز بالدشم ورفع للسواتر الترابية لاسيما امام وداخل مواقع "الصدح" المقابل للحديقة، حذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو من اي مس بالشريط الحدودي مؤكدا بان "جيش الدفاع الإسرائيلي لن يقف مكتوف الأيدي أمام أي لعب بأمن حدوده". تمتد "حديقة ايران"، التي من المفترض ان تكون النقطة الأخيرة للمسيرة، على مساحة تقارب حوالي الأربعين الف متر مربع يضاف اليها ما يقارب حوالى عشرة آلاف متر مربع من الطرقات والمواقف، بالإضافة إلى عدد من الدونمات الاخرى المحيطة التي يجري تسويتها حاليا لتكون الساحة المقصودة للاحتفال. وبحسب مصادر متابعة فان الحديقة التي هي عبارة عن خيم وحدائق خضراء وملاعب للاطفال وعدد من المنشآت ستستبعد عن اي استعمال خلال فعاليات اليوم الفلسطيني، وذلك لاسباب عدة منها المحافظة على منشآتها من جهة، ولعدم وجود مساحات واسعة داخلها تستوعب هذا العدد الكبير من الحشود اذ انها تتألف من ملعب لكرة القدم وموقع للعبة "paint ball"، وبركة كبيرة لتجميع مياه الامطار، وعشرات الخيم والممرات الضيقة نسبيا بالاضافة الى مسجد وعدد من القاعات والمباني التي ما زالت قيد الانشاء. وتتميز جغرافية الحديقة بطبيعتها المتدرجة نزولا نحو الحدود، والتي تحول دون تنظيم اي احتفال فيها. هذا نظريا اما عمليا فانه من المستبعد ضبط الحشود ومنعها من الدخول الى الحديقة خاصة، على الرغم من ان المكان المخصص يعتبر ضيق نسبة للاعداد المتوقع حضورها. واذا ما صدقت ترجّيحات اللجنة المنظمة التي تقدر عدد المشاركين في المسيرة بخمسين ألفاً، فان الارقام تدفع الى التساؤل عن التحضيرات اللوجستية لاستقبال مثل كل هذه الحشود. واذا ما افترضنا بان الحشود ستنقل إلى الجنوب عبر حافلات كبيرة سعة خمسين راكبا، فان المنظمين بحاجة الى الف الية من هذا النوع. وتحتاج كل آلية الى حوالى 15 مترا لتركن فيها على جنبات الطرقات لعدم وجود مساحات مسطحة لمثل هذا العدد من الحافلات، مما يعني ان المسافة الطولية المقدر إستعمالها للمواقف ستصل الى 15 كيلومتر طولي، اي نصف المسافة من مارون نحو مدينة صور. واستناداً إلى هذه المعطيات، لجأ المنظمون الى توزيع الحافلات على الطرقات الفرعية في مارون الراس، ونزولا نحو مهنية بنت جبيل والطرق المحيطة، مع الاشارة الى ضيق الطريق نحو مارون الراس عبر اي اتجاه سيسلكه المتضامنون،وعليه فان اي توقف للأليات على جنباتها سيؤدي الى اختناق السير وتوقفه بشكل كلي. مع الاشارة إلى ان الطريق المؤدية الى الحديقة تعاني من زحمة سير خانقة خلال الصيف، ونهاية الاسبوع نتيجة ضغط الزوار، وهم اقل عددا بكثير مما هو متوقع يوم غد. وبالتالي فانه من المقدر ايضا ان يضطر المشاركون الى قطع مسافات طويلة سيرا على الاقدام صعودا نحو مارون الراس للوصول الى مكان الاحتفال. واشارت اللجنة المنظمة الى أن التنسيق جارٍ مع الأقطار العربية الأخرى على صعد عدة، أبرزها إعلامياً وتحديداً باتجاه توحيد الخطابات والشعارات وتوقيت المسيرة، مشيرة الى ان هذه المسيرة ستلاقيها مسيرة اخرى على المقلب الاخرى من الحدود سينظمها عرب الثمانية والاربعون، كما سيجري تركيب شاشة عملاقة لنقل وقائع المسيرات في كل من الاردن ومصر (إذا سمح بتنظيمها) وسوريا. ودعت اللجنة من يرغب من الإعلاميين بزيارة مسرح المسيرة قبل موعدها بيوم، وتلفت نظر الفضائيات التي ترغب بتصوير برامج من المكان إلى التواصل مع اللجنة الإعلامية. وينظم المسيرة عدد كبير من المنظمات الشبابية والمؤسسات الأهلية وشخصيات مستقلة وقوى وفصائل فلسطينية ولبنانية. ولوجستيا، يؤكد المنظمون بان اللجنة المنظمة ستقوم بتأمين احتياجات المسيرة لجهة الإعلام والنقل وتنظيم مراسم الاحتفال بالإضافة إلى وضع "اكشاك" لتوزيع مياه الشرب وتنظيم الفرق الطبية تحسبا لأي طارئ وغيرها من الأمور. ويؤكّد المشاركون أن ما بعد مسيرة 15 أيار سيختلف عما قبلها، حيث ستشكل المسيرة محطة تاريخية على طريق العودة إلى فلسطين.