محللون: بيرزيت كشفت فجوة بين فتح والجماهير
الإثنين، 27 نيسان، 2015
حصدت نتائج انتخابات جامعة بيرزيت وسط الضفة الغربية المحتلة ثمار مشاريع أكبر
فصيلين في الساحة الفلسطينية، وسط لفيف من العوامل والمتغيرات الداخلية.
ومنذ أحداث الانقسام عام 2007 في قطاع غزة، سارعت حركة فتح بمساعدة من جهات
دولية وإقليمية لبسط سيطرتها الأمنية على الضفة، وتتهمها حماس بقمع كل ما له علاقة
بها.
وكانت الجامعات والطلبة الرأس الأول المطلوب تصفيته لاستئصال حماس من الضفة،
من خلال الاعتقالات والتعذيب والملاحقات والحرمان، وفق بيانات سابقة لذراع حماس الطلابية
المتمثل بالكتلة الإسلامية.
ومنذ ذلك الحين، لم تستطع الكتلة المشاركة بحرية في انتخابات الجامعات، وخوضها
غمار الانتخابات بسبب الملاحقات الأمنية والاعتقالات والتنكيل، ورغم ذلك فازت بأكثر
من نصف مقاعد مجلس الطلبة في جامعة بير زيت (26 مقعدا مقابل 19 للشبيبة).
ويرى مراقبون أن المشروع الذي بنته فتح لنفسها منذ عام 2007 ألحق بها هزيمة
نكراء في انتخابات الجامعة، رغم الهالة الأمنية التي أحاطت بكل ما هو "إسلامي"
في الضفة الغربية.
فشل الاجتثاث
يقول المحلل السياسي ساري عرابي إن نتيجة الانتخابات التي بلغت حد الفوز الكاسح
وغير المسبوق لصالح كتلة محسوبة على حماس، أكد بأن كل السياسات التي استخدمت لاجتثاث
الحركة من الضفة باءت بفشل ذريع، رغم ملاحقة الحركة وحرمانها من حقها في ممارسة دورها
النضالي والسياسي والتعبوي بين أبناء الشعب الفلسطيني.
ويلفت عرابي في حديث لوكالة "صفا" إلى أن أحداث عام ٢٠٠٧ في غزة فقدت
قدرتها على التأثير سلبا على الشارع في الضفة ضد حماس، في مقابل أزمة سياسية واقتصادية
مستحكمة للسلطة الفلسطينية التي تقودها فتح.
وبعكس ما يجري في الضفة من سلوكيات لحركة فتح وسلطتها، يؤكد عرابي أن معركة
"العصف المأكول" وسلوك حماس المقاوم رفعت من شعبيتها بصورة كبيرة على النحو
الذي انعكس على هذه الانتخابات، إلى الدرجة التي تمكنت فيها الكتلة الإسلامية من الفوز
بأصوات الطلبة الجدد بخلاف العادة.
ويقول إن العدوان على غزة وفَّر لحماس دعاية في وسط شرائح لم تكن حماس قادرة
على الوصول إليها، بسبب ظروفها الأمنية وعمليات الملاحقة المستمرة، كما أن الفوز الكبير
يدلل على أن شعبية حماس لم تتأثر بكل سياسات تحجيم وتشويه التيار الاسلامي في العالم
العربي.
وبحسب عرابي، فإن طلاب الجامعة دفعوا ثمنا باهظا لأجل ذلك في السجون مواجهين
كل العقبات لممارسة حقهم النضالي والنقابي، الأمر الذي مهد لكسر حاجز الخوف والوصول
إلى هذه النتيجة بعد سنوات الحظر والقمع والملاحقة.
بير زيت «قبان السياسة»
بدوره، يرى الكاتب صلاح حميدة أن جامعة بيرزيت تمثل قبان السياسة الفلسطينية،
وأن ما جرى كان بمثابة زلزال انتخابي تتجاوز ارتداداته الجغرافيا الفلسطينية.
ويفسر حميدة في حديث لوكالة "صفا" أن مشروع حماس السياسي لم يفشل
وإنما تم افشاله، لأن حماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني لا يمكن إقصاؤها أو تحييدها.
وبحسب حميدة، فإن النتيجة أعطت إشارة من جامعة الليبرالية الفلسطينية مفادها
أن مشروع حماس والإخوان المسلمين له جاذبية لدى فئات واسعة أصبحت تعتبر أنه يمكن أن
يستوعبها، لافتا إلى حاجة الحركة لتطوير أدائها وتثقيف قاعدتها لاستيعاب ضرورة التحول
إلى حركة جماهير.
ويرى أن الانتخابات كشفت عن أزمة عميقة داخل حركة فتح من جهة وبين الحركة والجمهور
الفلسطيني من جهة أخرى، فبالرغم من توفر كل إمكانيات ووسائل تحقيق الفوز بيدها، إلا
أنها هزمت هزيمة انتخابية قاسية.
ويقول إن فتح بنت استراتيجية محاولة كسب الرضى الشعبي على البحث عن أخطاء متصورة
أو حقيقية لحماس، في خضم حاجتها لتصويب سياستها، ما أضر بصورتها كرافعة للمشروع الوطني،
مدللا على ذلك بقضية "الفتاة المسيحية" التي تناقلتها مواقع فتح بصورة سلبية
أثرت على توجه الطلاب العلمانيين والمسيحيين.
ويؤكد حميدة بأن نتائج الانتخابات كانت هجمة مرتدة من المشروع الحضاري الإسلامي
ضد المشاريع المتقاتلة في المنطقة، مفادها أن التغيير يتم فقط عبر صناديق الاقتراع،
في مقابل عدمية محاولات فرض الأجندات وإبادة الآخر والتي لا مستقبل لها.
دلالات
من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت عماد عياضة أن تقدم الكتلة
الإسلامية بأكثر من 50% من نسبة المقاعد له دلالات خاصة وكبيرة، سيما وأن الجامعة تقع
بالقرب من مركز القرار السياسي الفلسطيني الرسمي.
ويعتبر عياضة في حديثه لـ"صفا" أن الانتخابات هي انعكاس لجملة من
التفاعلات داخل الحرم الجامعي وخارجه، مشيرا إلى أن التأثير خارج أسوار الجامعة أكثر
بقليل من نصف العوامل المؤثرة، وقد تصل عند بعض المراقبين لإكثر من 60%.
وعلى الصعيد الداخلي، يرى أن الاشكاليات العديدة داخل الجامعة وفشل الشبيبة
في ادارة المجلس في العام السابق وعدم قدرتها على معرفة المزاج الطلابي من حيث المطالب
النقابية، وإدارة الشأن الطلابي منفردة، أدى لخسارتها.
لكنه يرى أن الأثر الكبير لخسارة كتلة فتح، هو عدم ثقة الناس بالخطاب السياسي
للسلطة، وعدم قدرتها على تنفيذ الوعودات السياسية
كمحاسبة (إسرائيل) على جرائمها وتحقيق المصالحة، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
وعن التغييرات داخل حركة فتح، يتوقع عياضة أن الحركة لن تتغير في وقت قصير وهي
بانتظار هزة أكبر من جميع قطاعاتها وأجيالها، مشيرا إلى الاشكاليات الحاصلة وعدم قدرتها
على إدارة الملفات الحالية.
ويتساءل عياضة، كيف لفتح أن تدير انتخابات عامة في ظل عدم قدرتها على إدارة
ملف انتخابات جامعة؟.
المصدر: وكالة صفا