القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

مخلفات الاحتلال في غزة.. قنابل موقوتة

مخلفات الاحتلال في غزة.. قنابل موقوتة


الخميس، 30 نيسان، 2015

تسمّر المواطن أسعد أبو عمرة في مكانه محدّقاً، مدفعيةٌ تفاجأ بوجودها في أرضه الزراعية بدير البلح، للحظات ألجمته الصدمة وتوقع انفجارها، لكنه ما لبث أن تماسك وأخرج هاتفه النقّال وأجرى مكالمة مستغيثاً بالشرطة.

وكان أبو عمرة قد عثر على قذيفة مدفعية من مخلفات الاحتلال خلال إزالة الأعشاب من أرضه التي قصف الاحتلال محيطها بعشرات القذائف خلال العدوان الصهيوني على غزة.

يقول لمرسل "المركز الفلسطيني للإعلام": "وجدت قذيفة طولها 70 سم وقطرها كبير، وعندما اتصلت بالشرطة قالوا لي في البداية ابتعد عنها ثم أرسلوا هندسة المتفجرات ونقلوها من بين أشجار الزيتون في أرضي".

وأصدرت الأمم المتحدة تقريراً في إبريل الجاري كشفت فيه أن العدوان الأخير على قطاع غزة خلف سبعة آلاف جسم لم ينفجر، مطالبة أن يتم إخلاء القطاع من هذه الأجسام.

وعلّق منسق الشئون الإنسانية في الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية "اوتشا" جيمس راولي، خلال احتفال نظمته الأمم المتحدة مؤخرا بخان يونس بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الألغام قائلاً: "نحن نريد لقطاع غزة، أن يكون خاليا من تهديدات الألغام الأرضية غير المتفجرة لكي يكون المجتمع آمنًا".

أجسام مشبوهة

وفي حادثة أخرى؛ انفجر جسم مشبوه في الحديقة الخلفية لمنزل المواطن عدنان السواركة شرق دير البلح مخلفاً ثلاث إصابات لأطفال تتراوح أعمارهم بين 5-6 سنوات.

يدوس توفيق السواركة أحد أقارب الأطفال فوق حطام خلفه الانفجار في شارع "الباطون" شرق دير البلح قائلاً إنها المرة الأولى التي ينفجر فيها جسم مشبوه بعد الحرب مخلفاً إصابات في تلك المنطقة الحدودية.

يقتاد السواركة مراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" وهو يشير لمكان الانفجار الذي وقع في أرض زراعية قريبة من المنزل قبل أن يتفاجأ بالأطفال ينزفون الدماء من كافة أنحاء جسدهم وينقلهم بسيارة أجرة مسرعا معهم إلى المستشفى.

وفي قسم الجراحة بمستشفى شهداء الأقصى يتجمع أقارب الأطفال للاطمئنان على حالتهم بينما يبدو الخوف على الطفل مصعب (5 سنوات) وهبة الله (6 سنوات) والضمادات تغطي أرجلهم وجزءًا من أيديهم غير مدركين ما وقع معهم.

يسند عدنان السواركة والد الطفل مصعب ظهره لسرير المستشفى ويقول: "كنت في البيت الساعة 6 مساءً وفزعت على صوت انفجار ولما خرجت وجدت مصعب وهبة الله وإبراهيم والدماء تنزف منهم على بعد 10 أمتار من مكان الانفجار".

وكان الطفلان مصعب وهبة الله قد أصيبا بشظايا في الوجه والصدر والساقين ووصفت جراحهم بالمتوسطة بينما غادر الطفل إبراهيم (6 سنوات) المشفى بعد ساعات من إصابته بجراح طفيفة.

ويرجح والد الأطفال أن الانفجار سببه مخلفات الاحتلال؛ لأن منزله قريب من موقع "كسوفيم" العسكري، وأن الاحتلال قصف المنطقة الزراعية القريبة من منزله بعشرات القذائف المدفعية طوال فترة الحرب.

صعوبات ومخاطر

وتعرض قطاع غزة في السابع من تموز (يوليو) الماضي لعدوان عسكري صهيوني كبير استمر لمدة 51 يوما؛ وذلك بشن آلاف الغارات الجوية والبرية والبحرية عليه، حيث استشهد جراء ذلك 2311 فلسطينيًّا، وأصيب الآلاف، وتم تدمير آلاف المنازل.

وكان روبرت تيرنر، مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في غزة قال في احتفال قبل أيام بمناسبة اليوم العالمي للألغام إن قطاع غزة يعاني من الأجسام المشبوهة، وهناك الكثير منها يصعب التعامل معه.

وفي مهمة لهندسة المتفجرات؛ استشهد 5 من خبراء الهندسة خلال تفكيك صاروخ شمال قطاع غزة قبيل انتهاء الحرب، بينما استشهد شابان وأصيب ثالث قبل شهرين خلال عبثهم بطلق ناري متفجر يشبه في شكله "ختم التوقيعات" حين قاموا بالطرق عليه.

ويقول رأفت جودة أحد ضباط هندسة المتفجرات إنهم يتلقون بشكل مستمر بلاغات بوجود أجسام مشبوهة في المناطق الحدودية والزراعية ومناطق شهدت قصفاً مكثفاً منها قذائف انفجرت وقذائف وصواريخ لم تنفجر تتحرك إلى مواقعها دوريات هندسة المتفجرات.

ويضيف في حديث لمراسلنا: "هناك أجسام كبيرة من مخلفات صواريخ إف 16 فهو صاروخ بطبيعته له جسم متفجر وجسم متحرك ودائرته الكهربية هي التي توجه الصاروخ، لذا أحيانا تكون له بقايا لم تنفجر، وهناك قذائف مدفعية مختلفة الأحجام لم تنفجر وقذائف وصواريخ من طائرات تحمل ألوانًا زاهية تغري الأطفال بالاقتراب منها فيتعرضون للموت، وقد مات بعضهم".

أما أحمد أبو دية، مدير مكتب دائرة هندسة المتفجرات بقطاع غزة، فيصف المهمة التي يخرج بها خبير المتفجرات لتفكيك جسم مشبوه بأنها ربما تكون آخر مهمة له؛ نظراً لنقص الإمكانات وخطورة العمل الميداني.

ويتابع: "قمنا بحملات توعية وإرشاد خاصة لطلاب المدارس بالمناطق الحدودية، ووزعنا نشرات تحثهم على الاتصال بنا حال العثور على أي جسم مشبوه، وعدم الاجتهاد في التعامل معه، فمعظم الأطفال والشبان يحاولون استكشاف الأمر فيدفعون حياتهم ثمناً لانفجار الأجسام المشبوهة".

ويؤكد أحد ضباط الشرطة من قسم الأدلة الجنائية والذي رفض الكشف عن اسمه أنه ومن خلال المعاينة الميدانية وجد الاحتلال تعمّد قصف كثير من الأهداف بغزارة؛ حيث قصف كثيرًا من المنازل 3 و4 مرات.

ويضيف: "هناك كثير من القذائف أمريكية الصنع وصواريخ من مخازن الاحتلال أفرغها بالكامل فوق غزة، وهناك كثير منها لم ينفجر ويشكل خطورة حقيقية، ولاحظت أن الصواريخ التي قصف بها منزل محمد الضيف قائد القسام كانت نوعية، وقلبت المكان رأساً على عقب".

وتقف قلّة الإمكانات المادية عائقاً أمام عمل ضباط الهندسة؛ فهم أحيانا يضطرون لإتلاف الأجسام في مكانها وعدم نقلها، لكن قربها من الحدود يعرضهم ذلك للخطر من الاحتلال بينما يقومون بالتحايل على بعض الأجسام لإبعادها من المناطق الحدودية.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام