القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

مخيم البص: حكاية لجوء وعذاب وانتظار، وإيمان كبير بالنصر والعودة..

مخيم البص: حكاية لجوء وعذاب وانتظار، وإيمان كبير بالنصر والعودة..
 

سمية مناصري

على الطرف الشمالي الشرقي لمدينة صور يقع مخيم البص للاجئين الفلسطينيين، وهو واحد من عدة تجمعات تقع في محيط المدينة وتأوي آلافاً من ابناء الشعب الفلسطيني المهجرين من ديارهم بقوة الاجرام الصهيوني.

ويعتبر مخيم البص واحداً من ثلاثة مخيمات كبرى في منطقة صور تضم اليه مخيم الرشيدية وهو الاكبر، ومخيم البرج الشمالي، فيما تتواجد في المنطقة ايضاً تجمعات سكنية فلسطينية اصغر نسبياً هي جل البحر، القاسمية، الشبريحا والمعشوق.

قبل النكبة كان مخيم البص عبارة عن بساتين زراعية تملكها الدولة اللبنانية وكان يقوم بزراعة هذه الاراضي مجموعة من السكان الارمن المسجلين في نفوس مدينة صور والذين غادروا المحلة بمعظمهم ابان الحرب الاهلية ولم يبقَ منهم اليوم سوى بضعة اشخاص فقط.

بعد وصول ابناء الشعب الفلسطيني الى لبنان في العام 1948 استقر قسم منهم في منطقة البص لينشأ على اثرها المخيم الحالي والذي اخذ يتوسع شيئاً فشيئاً حتى بلغ حدوده الحالية.

تبلغ مساحة مخيم البص حوالي 100.000 متر مربع ويسكنه حوالي 12.000 لاجئ فلسطيني في ظروف حياتية وخدماتية اقل ما يقال فيها انها غير لائقة، ورغم كل الظروف الصعبة التي تحيط بأبناء الشعب الفلسطيني في مخيمات لبنان ومنها مخيم البص، الا ان ارادة الحياة لدى " شعب الجبارين " تتجلى في ابهى صورها من خلال الاصرار على الوحدة الوطنية وانتهاج المقاومة درباً للعودة واقبال الاجيال الصاعدة على طلب العلم سلاحاً في كل ميادين الحياة والكفاح والنضال.

في طرقات المخيم الضيقة اصلاً ترتفع اقواس النصر ورايات الفصائل الفلسطينية وصور الشهداء والقادة، وعلى جنباتها تنتشر وحدات سكنية متواضعة بطبقة واحدة او طبقتين تم بناؤها على عجل لتؤوي أناساً كانوا وما زالوا يصرون ان اقامتهم فيها مؤقتة وان موعد عودتهم الى ديارهم لن يطول ولو صدئت مفاتيح منازلهم في حيفا وعكا ويافا وصفد وغيرها ...

في مخيم البص ثلاث مدارس تقدم خدمات تربوية لابناء المخيم وهذه المدارس هي مدرسة نمرين المتوسطة للبنات، مدرسة الشجرة المتوسطة للذكور وثانوية دير ياسين المختلطة، وهذه المدارس الثلاث تتبع لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا).

ايضاً يوجد في مخيم البص 14 جمعية عاملة، بعضها جمعيات وطنية فلسطينية وبعضها الآخر بمثابة فروع لجمعيات دولية، وابرز هذه الجمعيات هي التالية:

1- الهلال الأحمر الفلسطيني: يقدم خدمات صحية وتمريضية ويقوم ايضاً بنشاطات تثقيفية وببعض الدورات الخاصة مثل الإسعافات الأولية.

2- جمعية عمل تنموي بلا حدود (نبع) وتتبع لها روضة للأطفال وتقوم بأنشطة تربوية ورياضية وترفيهية وتستهدف الاطفال بين عمر 6 الى 14 سنة، كما تقدم برنامجاً توعوياً للأهل.

3- مركز التدريب المهني (الجمعية الأهلية VTC) وتنظم دورات مهنية للشباب مثل دورات في التجارة والمحاسبة، صيانة الكمبيوتر والكهرباء العامة، تكييف وتبريد، كما يتبع لها مكتبة عامة.

4- جمعية النجدة الإجتماعية وتتبع لها روضة اطفال وتقدم ايضاً خدمات في التدعيم النفسي من خلال مختصين، قروض صغيرة، تأهيل مهني بالإضافة إلى مركز أطفال المحبة الذي يقدم انشطة خاصة بالأطفال.

5- مركز البرامج النسائية ويقدم دورات تدريبية في تصفيف الشعر، الخياطة، محاضرات توعية مختلفة.

6- بيت أطفال الصمود ومن خدماته تكفل الايتام، روضة اطفال، تدعيم نفسي، قروض صغيرة، مشغل تطريز، محو أمية وتأهيل مهني.

أما الخدمات الصحية لأبناء المخيم فتقدمها عيادة واحدة فقط تابعة للاونروا وفيها اختصاصات في الصحة العامة، القلب، العيون، الامراض النسائية، مختبر للتحاليل الطبية، تصوير بالأشعة وعيادة أسنان.

يعمل ابناء مخيم البص في قطاعات مختلفة فمنهم الطبيب، المهندس، المدرس، الممرض، العامل المياوم، الحرفي، المزارع وغيرها من المهن، ولكن الشكوى الاساسية التي يشترك بها ابناء مخيم البص مع كل ابناء الشعب الفلسطيني في لبنان هو الحظر الذي تفرضه الحكومة اللبنانية على عمل الفلسطينيين في عشرات القطاعات المهنية في لبنان وذلك رغم مطالبة العديد من القوى الفلسطينية واللبنانية برفع هذا الحظر والقيام بتحركات داعمة لهذه المطالب لم تسفر عن شيئ حتى الآن.

نسبة الهجرة تبدو مرتفعة نوعاً ما بين سكان مخيم البص ولاسيما جيل الشباب الذي سلك دروبها، ومعظمها كانت دروباً غير شرعية، الا انها كانت تبدو بالنسبة اليهم، رغم مخاطرها، خياراً افضل من البقاء تحت سيف البطالة والضياع والافق المستقبلي المسدود.

تتركز هجرات شباب البص الى اوروبا وتحديداً الى بريطانيا، المانيا، الدول الاسكندنافية بالاضافة الى تواجد اقل في دول الخليج العربي.

علاقة ابناء مخيم البص مع محيطهم الصوري والجنوبي تبدو في افضل حال، هي علاقة اخوة تقوم على النضال المشترك في وجه عدو واحد وهي علاقة مصير مترابط في اكثر من مكان، وهي ايضاً علاقة جيرة قسرية لا يرغب كلاهما بأن تستمر الى الابد، فهدف الشعب الفلسطيني هو العودة الى الديار، ولتكريس هذا الحق وفي مواجهة عدو غاصب ومجرم، امتزج الدم اللبناني والفلسطيني مراراً ليصنع صموداً اسطورياً ومقاومة اشرقت على سواعد مجاهديها ومناضليها شمس الانتصارات...

المصدر: موقع ياصور