مخيم الشوشة على الحدود التونسية الليبية.. ثلة
قليلة من الفلسطينيين ومأساة كبيرة
العودة / الحدود التونسية - الليبية (من داخل المخيم)
من وراء خيام المخيم البالية، تتراءى لك طفلة فلسطينية
لا يتجاوز عمرها الخامسة. تلهو وتلعب وسط أقرانها الفارين مع أهاليهم من جحيم الأحداث
في ليبيا بعد رحلة تشرد انطلقت في عام 48 ولم تنتهِ حتى كتابة هذه السطور؛ ففي مخيم
الشوشة، لا تزال ثلاث عائلات تقيم فيه، وقد أحاط بها شرقاً البحر المتوسط والطريق السريع
الرئيسي، وغرباً رمل الصحراء المتطاير بفعل الرياح القوية.
تختلف أعمار قاطني المخيم: أطفال وشباب وشيوخ، لكن تجمعهم نظرات الهمّ
والشقاء التي ترتسم على وجوه هذه الثلة من الفلسطينيين الذين تقطعت بهم السبل بعد الحرب؛
فحيثما ولّيت وجهك، تجد حكايات الألم في المخيم واحدة. الجميع يحكي قصص التشرد والضياع
والتيه والسير نحو المجهول، وكأنّ اللجوء والشتات باتا قدر كل فلسطيني على وجه الأرض.
الشوشة المخيم الكارثة
يقول أحد اللاجئين إنهم باتوا يطلقون على المكان
اسم مخيم خمس نجوم؛ فتنظيمه بدا ممتازاً، حيث بات مقسّماً إلى قطاعات، كذلك فإنه يضم
مطبخاً مركزياً وفسحة للأولاد مع مدرسة ودار حضانة، وفسحة للراشدين فيها مكتبة ومدرسة.
إلا أن هذا كله يقع داخل خيام بالكاد تقيهم قسوة الطقس في جحيم الصيف وزمهر ير الشتاء.
وانخفاض درجات الحرارة ومرور مختلف مناطق البلاد بموجة برد شديدة خلال الشهرين الماضيين،
أثرا سلباً في صحتهم، وخاصة كبار السن والأطفال والرضع. أما في ما يهمّ النظافة العامة
بالمركبات الصحية ومحيطها، فقد جاء في تقرير الإدارة الجهوية للصحة العمومية ب مدنين
أن النظافة غير مرضية، ما دفع بعض اللاجئين إلى قضاء حاجاتهم البشرية في الهواء الطلق،
في ظل وجود بعض البرك من المياه المستعملة خلف المركبات الصحية وانعدام مواد التنظيف
والتطهير وانبعاث الروائح الكريهة، إلى جانب أن بعض الحمامات (الأدواش) لم تعد وظيفية
ب سبب فيضان أحواض تجمع المياه بها وانسداد قنوات التصريف بمفعول الأتربة، في ظل غياب
عملية التعهد والصيانة. وقد أكد تقرير الإدارة الجهوية للصحة العمومية بمدنين عن وضعية
حفظ الصحة في هذا المخيم، أن التخلص من الفضلات المنزلية يكون في الهواء الطلق بأماكن
مختلفة و بطريقة الحرق في بعض الأحيان، حيث يوجد مصبّ على الجهة اليسرى لطريق رأس جدير
قبل الوصول إلى مخيم الشوشة، ومصبّ ثانٍ على الجهة اليمنى بعد المخيم، ومصبّ ثالث في
السبخة خلفه، أيإنّ النظافة العامة غائبة في المحيط الداخلي والخارجي للمخيم، لتناثر
الفضلات في محيط ا لخيام. أما بالنسبة إلى التصرف في الفضلات السائلة، فقد جاء في التقرير
أن عملية التصريف تجري بطريقة غير صحية، وذلك بصرفها في الهواء الطلق محدثة بركاً من
المياه المستعملة، حيث جرت معاينة بركة على الجهة اليمنى لطريق رأس الجدير بعد مخيم
الشوشة، وأخرى بالسبخة في الخلف.
من فلسطين المحتلة إلى الشوشة مروراً بليبيا...
قصص لا تنتهي
يحمل موسى المقوسي هوية فلسطينية، وهو وُلِدَ لاجئاً
في غزة، وتعرض منزل والديه خلال الانتفاضة الأولى لقذيفة إسرائيلية، فخسرهما وأصيب
هو بجروح نُقِل إثرها إلى مصر، حيث خضع للعلاج. درس الهندسة المعلوماتية في وقت لاحق،
وانتهى به المطاف بالعمل في ليبيا، وعندما اندلعت الحرب، لم يخف على نفسه، بل على زوجته
الحامل آنذاك، فقررا الهرب إلى تونس. وُلدت ابنته (لها من العمر4 أشهر) في المخيم كلاجئة
فلسطينية من الجيل الثالث، وهو قال لي: "لا تمنحونا إغاثةً، ب ل امنحونا حرية".
ثم أضاف أنه يريد الأمان لطفلته، وأنه مستعد للذهاب إلى أي دولة، حتى إلى إريتريا إن
منحوه جواز سفر، في إشارة إلى اللاجئين الإريتريين في المخيم الذين لا يريدون العودة
إلى بلادهم ويبحثون عن ملاذ باتجاه الشمال.
لكل أسرة ولكل شخص في هذا المخيم قصته التي يمكن
أن تكون بحجم رواية، بأحداثها ووقائعها؛ فجمال حمور الذي هُجِّرت عائلته عام 1948 من
مدينة حيفا، وهو أبٌ لـ7 أبناء، لا يزال بمعية ثلاث عائلات متكونة من 22 فرداً في مخيم
الإيواء (الشوشة) المقام بالقرب من الحدود التونسية الليبية، بعد أن فروا من ل يبيا
إثر المعارك الدامية التي عاشتها الأراضي الليبية قبل إطاحة نظام العقيد معمر القذافي.
وهو لا يعلم حتى اللحظة سبب رفض ترحيلهم إلى بلد اللجوء، لكنه قال إنه يعتقد أن للأمر
علاقة بقرار للجامعة العربية برفض "توطين" الفلسطينيين في الدول العربية.
وأوضح في نفس السياق أن سفارة بلاده بتونس على علم بقضيتهم، وأن آخر اتصال للسفارة
معهم كان قبل فترة وجيزة، حيث لم تجد لهم أي حل. أما أحمد القدوة، فهو رب أسرة فلسطينية
لم يحدثنا كثيراً، غير أنه كان طوال اللقاء معه يكرر قائلاً إنّ "جميع الأبواب
أوصدت أمام إيجاد حل ينهي أزم تهم" المتواصلة. ولا يخفي القدوة طموحه إلى أن يحصل
على اللجوء في أي بلد أوروبي أو أميركا؛ فهو سئم ــ على حدّ تعبيره ــ البلدان العربية.
غير بعيد من خيمة عائلة القدوة، التقينا بخالد أصيل،
وهو من بلدة الناصرة، لكنه لا يعرفها؛ فقد ولد في الأردن بعيداً عن الوطن السليب ليسكن
وثلاثة من أشقائه خيمة داخل المخيم. يعيش خالد مع أفراد عائلته في خيمة، إلا أن مفوضية
الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منحت اللجوء لثلاثة من إخوته وأمه، الذين يحملون الجنسية
المصرية، فيما بقي هو وبقية أخواته الثلاثة في المخيم، بعد أن رفضت جميع دول الطوق
استقبالهم.
كلما تجولت أكثر في أرض المخيم الواسعة، ازددت حزناً
وألماً على أناس كان اللجوء بما يحمله من عذاب قدرهم؛ فلينا محمود فقدت ابنتها مرام
البالغة 14 سنة نتيجة إصابتها بالتهاب حاد في الرئة؛ ولم تعرف أين دُفِنَت، وقد طلبت
من مكتب المفوضية مساعدتها للحصول على إذن بالخروج من المخيم وزيارة قبر طفلتها. تحدثت
بغضب، فقالت: "لا ندري سبب رفض كل الدول استقبالنا، وسبب بقائنا هنا. لقد تعبنا
من هذا الوضع".
أما سناء إبراهيم، فقد باعت ملابسها وأغراضها لشراء
أدوية لها ولزوجها الذي يحتاج إلى إجراء عمليتين جراحيتين . لكنها، رغم كل التضحيات،
تعجز عن توفير الأموال اللازمة لعلاجه، في ظل جو المخيم ووضعه غير الإنساني الذي يفتقر
إلى أبسط مقومات العيش الكريم، وينذر بكارثة صحية وبيئية، انعكاساتها مأساوية، فضلاً
عن تدهور الحالة النفسية لسكان المخيم، وإصابتهم بالاكتئاب والخوف من المجهول.
والغريب في كل هذا، أن اللاجئين الفلسطينيين ممنوعون
من الخروج من المخيم إلا بإذن من قيادة فرقة الجيش التونسي المرابطة في المكان، التي
عادة ما تماطلهم ولا تسمح لهم بذلك. وفي رسالة للعالم يبثّها أبناء المخيم، ورد الآتي:
"محمد طفل فلسطيني له من الع مر تسعة أشهر، كان باكورة زواج وحلم أبويه علّه يخفف
عنهما بوجوده عناء الغربة والتشرد ووطأة حياة اللجوء في المخيمات. رُحّل والده إلى
الأردن وقُذف به ووالدته التي لم تتجاوز بعد العقد الثالث من عمرها إلى مخيّم الشوشة
على الحدود الليبية التونسية، وهما الآن مع بقية الإخوة العالقين هناك يعيشون ظروفاً
لا تليق بحياة الإنسان وحقه في العيش الكريم. محمد يشترك مع ريماس (ريماس يوسف أحمد،
عمرها 7 أشهر، فلسطينية ولدت في مخيم الشوشة. أبوها كان يعمل مهندس اتصالات، وأمها
كانت تعمل طبيبة أسنان في ليبيا) في حرمانهما أبسط حقوق ا لطفل في حدّها الأدنى؛ فلا
ملابس ولا حفّاضات ولا رضّاعة ولا لبن أحياناً! أفلا يكفيه حرمانه حنان الأب وحرمانه
أرضه ووطنه حتى يُحرَم حقَّه في أبسط مقومات الحياة الإنسانية الكريمة؟ كان محمد يتنقل
بين أحضان الإخوة في المخيم، وكان ينظر بعينيه البريئتين ويحدّق في كل الوجوه وكأنه
يسأل: أين حقّي في الطفولة بعد أن حُرمتُ حقي في الوطن وحنان الأب؟ وهنا نسأل: تُرى،
هل من إجابة؟".
هل لشكواهم من يسمع؟
أُجلي عدد من لاجئي المخيم من جنسيات مختلفة من
مخيم الشوشة في رأس الجدير من معتمدية بن قردان من طرف المفوضية العليا للأمم المتحدة
لشؤون اللاجئين، بالتعاون مع مختلف الأطراف المعنية في مثل هذه الحالات نحو النرويج.
لكن اللاجئين الفلسطينيين ضلوا خارج حسابات الترحيل والتوطين، عالقين في المخيم، وقد
طالبوا بتوطينهم في أي بلد، وبالحصول على وثائق سفر. لكن المفوضية السامية لشؤون اللاجئ
ين تعدّ التوطين مخالفاً لقواعد القانون الدولي الإنساني وأحكامه ومبادئه، ولا سيّما
المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة التي تنص على أنه "يُحظر النقل الجبري الجماعي
أو الفردي للأشخاص المحميين، ويُحظر نفيُهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة احتلال
أو أراضي أ ية دولة أخرى محتلة كانت أو غير محتلة، أياً تكن الدواعي". وقد اتصل
اللاجئون الفلسطينيون بالسلطات التونسية التي وعدتهم بالرد على مطالبهم، لكنها لم تحرك
ساكناً مع رفضها توطينهم في البلد أو منحهم وثائق سفر للخروج، متعللة بالقانون الدولي
وقرارات الجامعة العربية لتي أشارت إلى رفض كل أشكال التوطين الذي يتنافى والوضع الخاص
في البلدان العربية المضيفة، متجاهلة الحالة الإنسانية الصعبة لهؤلاء.
وهدد اللاجئون أكثر من مرة بالدخول في اعتصام وإضراب
عن الطعام بسبب التهميش والإهانة التي يتعرضون لها، وشددوا على أنهم لن يفكوا إضرابهم
إلا بعد الحصول على وثائق سفر، حتى وإن كانت وقتية أو التوطين في أي بلد بكرامة. وقد
همس أحدهم وعيناه تدمعان قائلاً: "من العيب أن نعامل هكذا في تونس الخضراء، تونس
الثورة، تونس التي وهبت كل شيء لفلسطين".
الواقع الحالي كما يرويه أحد اللاجئين
لم يكن جمال ي علم أن بقاءه في مخيم الشوشة على
الحدود التونسية الليبية سيتواصل؛ فهو لم يتوقع يوماً أن يجد نفسه وعائلته الصغيرة
في بلد لم يختره، وأمام قدر لم يتوقع حدوثه.
حكاية جمال لا تختلف عن حكاية بقية اللاجئين المقيمين
في مخيم الشوشة الواقع بمدينة بنقردان التونسية (ج نوب شرق)؛ فكل اللاجئين في هذا المخيم
أجبرتهم الحرب الليبية على الهرب براً أو بحراً، بحثاً عن ملاذ آمن. ولئن اختلفت التفاصيل،
فإن الجميع بهذا المخيم يتقاسم المشاغل والأحلام ذاتها.
ويشير المتحدث ذاته إلى أن الأيام في مخيم الشوشة
تتشابه، ولا شيء يجعلها مختلف ة عن سابقاتها سوى تغير الفصول والتقلبات المناخية.
نحن يا سيدي 3 عائلات فلسطينية وشخصان عازبان، عددنا
22 شخصاً. وأنا سأضعك في الصورة كاملة، وما حدث معنا منذ دخولنا تونس وحتى اللحظة.
واسمح لي بأن أشرح لك كل عائلة وما هي .
بداية عائلتي: 1- جمال حمور فلسطيني من مخيم العائدين
بحمص - سورية مواليد 1970 البلد الاصلي فلسطين - حيفا.
أنا غادرت سورية أواخر عام 1988 بعد تعرضي لإصابة
بالغة أفقدتني السمع في الأذن اليمنى جراء الحرب البشعة التي كانت موجهة ضد أهلنا في
مخيمات لبنان.
بعد فترة علاجي اعتقلتني القوات السورية، وزُ جَّ
بي في السجن لفترة، ومن ثم خرجت وقدمت طلباً إلى دائرة التاشيرات في حمص للذهاب لعند
أخي الذي كان يقيم في ليبيا بذاك الوقت. وكانت الموافقة على الفور، وعدّوه منفى لي
حسب رأيي؛ لأنه بتلك الفترة كان من المفروض أن ألتزم الذهاب إلى خدمة الجيش ولم أُبلَّغ،
مع أني حاصل على دفتر التجنيد بجيش التحرير.
غادرت سورية وعملت في ليبيا من عام 1988 إلى عام
1994، حتى طردنا معمر القذافي بعد اتفاقية أوسلو إلى الحدود المصرية، والكلام على جميع
الفلسطينيين في تلك الفترة. وبعدما أثبت معمر القذافي وجهة نظره، أو أثبت للعالم أنه
موجود وبإمكانه التحكم بمصير الفلسطينيين بليبيا. غادر معظم الفلسطينيين ليبيا بعد
ما وفّرت لهم الحكومة الليبية بواخر، ورُحِّلوا إلى لبنان وسورية.
وأنا بالطبع لم أغادر؛ إذ لا مسكن يؤويني في مخيمي،
وأنا متزوج وعندي طفل. فبقيت في ليبيا بصفة غير شرعية أعمل بالخفاء دون وثيقة سفر؛
لأن وثيقتي السورية منتهية الصلاحية ولا يحق لي التجديد بسبب مشكلتي مع السوريين. المهم
أنني عشت فترة، ومن ثم قدمت طلب لجوء إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في ليبيا؛
لأنني إذا طُردت من ليبيا، فلا مكان أذهب إليه، وأنا أحاول الذهاب إلى عند أقاربي في
السويد أو كندا للعيش فيها، حتى أتمكن من الحصول على جواز سفر يسهّل عليّ مواصلة أهلي
الذين لم أرهم منذ خروجي من المخيم. وحصلت أنا وعائلتي على اللجوء إلى ليبيا من المفوضية،
وقالو لي إنهم سيجدون لي طريقة لمغادرة ليبيا إن سمحت الظروف لهم. وهذا الكلام عام
2007-2008 ولم يعملوا أي شيء لنا حتى بداية الأزمة الليبية عام 2011. في آذار/ مارس
من ذات العام سمعت بوجود مخيم للاجئين وأنّ بإمكانهم السفر من خلال هذا المخيم، وطلبت
تأشيرة دخول من السفارة التونسية لأننا الجالية الوحيدة التي ممنوع عليها دخول الأراضي
التونسي ة دون تأشيرة، ويجب إحضار كتاب ضمان من السفير الفلسطيني لمغادرتك الأراضي
التونسية في خلال ثلاثة أيام حسب رغبة سلطة رام الله. وبعد معاناة طويلة وشجار داخل
سفارة عباس في ليبيا، أُعطيت كتاب الضمان ودخلنا تونس وسُجِّلنا من جديد بهذا المخيم،
وأجروا معنا مقابلات وحصلنا على اللجوء من جديد بسبب ظروفنا المقنعة. والآن سأذكر الأسماء
وظروف كل شخص.
1 - جمال محمد حمور.
2 - رانيا محمود حمور، زوجتي.
3 - نضال جمال حمور (طالب). المفروض أن يكون طالب سنة أولى في كلية الهندسة؛
لأنه درس الثانوية العلمية الهندسية حسب نظام التعليم بليبيا، وهو دراسة الاختصاص في
الثانوية.
4 - أسماء جمال حمور (ثانوي علمي).
5 - محمد جمال حمور (أول ثانوي).
6 - فاطمة جمال حمور (ثالث إعدادي) عندما غادرت
المدرسة 2011.
7 - محمود جمال حمور (9 سنوات) عندما غادر المدرسة
وهو مريض بداء الربو وتلزمه متابعة خاص ة.
8 - أحمد جمال حمور (8 سنوات) حتى الآن ولم
يدخل المدرسة.
9 - معتصم جمال حمور (5 سنوات).
العائلة الثانية:
1 - عباس محمد شحاتة (مواليد 1985).
2- عمار محمد شحاتة (1986).
3- علي محمد شحاتة (1988).
4 - رائد محمد شحاتة (1996).
5- وليد محمد شحاتة (2001).
6- عب ير محمد شحاتة (1992).
7- محمد علي سامي (2011) ابن عبير محمد شحاتة.
وقصة هذه العائلة أنّ والدهم من غزة، ويحملون وثائق
سفر مصرية، ووالدتهم تحمل جواز سفر أردنياً. والدهم توفي في ليبيا عام 2009 أثناء تعرضه
للجلطة القلبية. وكانوا يعيشون في مدينة الزاوية بليبيا، وهي أكثر المدن التي تعرضت
للقصف في بداية الأزمة الليبية، وقد هربوا من ليبيا مع أمهم وإخوانهم البقية. وللعلم،
هذه العائلة مكونة من 13 شخصاً، وقد طلبت الذهاب إلى الأردن للعيش مع أمهم وأخوالهم،
إلا أنّ الحكومة الأردنية رفضت إدخالهم وأدخلت الأم و 5 من أولادها دون سن 18 سنة،
وأبقت البقية، علماً أنّ 2 منهم تحت السن القانونية. وقد حاولنا الكثير، لكن السلطات
في الأردن رفضت، والآن هم يرفضون الذهاب إلى أي دولة عربية بعد تعرضهم لهذا الإذلال .
عبير محمد شحاتة، وهي أختهم. تزوجت في ليبيا بشاب
يحمل جواز سفر أردنياً، وهو فلسطيني، لكنه في شهر شباط عام 2011، أي في بداية الحرب
بليبيا، غادر ليبيا مع أمه، تاركاً زوجته الحامل في أيامها الأخيرة للولادة، متخلياً
عنها؛ لأنه شخص معدوم الإنسانية. وأنجبت هذه الأم الطفلة ولداً سمّته محمد، وهو الآن
يتربى بين رمال صحراء الشوشة.
العائلة ا لثالثة:
1 - موسى يوسف أحمد المقوسي. من مواليد
1980 من غزة. غادر غزة بعد استشهاد عائلته بالكامل وعمره 12 عاماً، وعاش مع خاله في
مصر. دخل ليبيا للعمل، ولم يعد يستطيع العودة إلى مصر. عمل في ليبيا بمجال الاتصالات
بالكومبيوتر، وتزوج في ليبيا فتاة فلسطينية من لاجئي لبنان، وأصلها من يافا.
2 - مياسا إبراهيم الإسكندراني (زوجة موسى).
3 - ريماس موسى المقوسي. مواليد مخيم الشوشة 2011.
4 - محمد موسى المقوسي. مواليد مخيم الشوشة 2013.
الشخصان العازبان:
1 - إسماعيل علي إسماعيل. من القدس مواليد عام 1955. عازب لا يريد ا لزواج
حتى لا تتبهدل أسرته معه.
2 - سامر فايز فهد. من غزة مواليد 1978. أوراقه حرقت بعد تعرض منزله للقصف
في ليبيا، وفقد جميع أوراقه إلا شهادة كان يحملها بجيبه تثبت شخصيته.
هذه هي الأسماء مع نُبَذ عن أصحابها. كلنا حاصلون
على وثائق الاعتراف باللجوء من المفوضية.
نحن الوحيدون من 15 جنسية لم تُرفَع ملفاتنا إلى
الدول التي جاءت إلى المخيم لحل مشكلة اللاجئين.
جميع اللاجئين عوملت ملفاتهم على أساس إنساني إلا
نحن؛ إذ عوملت ملفاتنا على أساس سياسي، والسبب أننا فلسطينيون.
خاطبنا معظم اللجان الدولية التي جاءت، وقالوا:
مشكل تكم مع المفوضية. هي لم ترفع ملفاتكم، وعند السؤال والبحث تبين لنا أن السلطة
الفلسطينية ممثلة بسفارتها، طلبت بصفة شخصية من المفوضية إيقاف ملفاتنا وإبقاءنا في
تونس تحت خط الفقر والتفكير في كيف نعيش، كيف نعمل ببلد نصف سكانه مهاجرون بسبب البطالة
في بلد سياحي يتكلم الفرنسية أكثر من العربية، كيف سنعلم أطفالنا، كيف سنحصل على تعويضنا،
كيف كيف كيف. أسئلة كثيرة، وبالنهاية تبقى لاجئاً لا يحق لك الجنسية ولا المواطنة ولا
حتى جواز سفر؛ لأنك في بلد عربي وممنوعة عليك هذه الرفاهية. وارجع لعذر السفارة الفلسطينية
كما أخبرني سف يرها سليمان الهرفي في العاصمة التونسية عندما ذهبت لمقابلته. لم ينكر،
بل قال: نحن حرصاء على بقاء الفلسطينيين في ليبيا حتى لا تذهب أملاكهم هناك، وحتى لا
نخلق أزمة في تونس كما حصل لأهلنا في العراق. يعني أنّ أملاك الفلسطينيين عند السلطة
ومن يمثلها أهم من أرواح شعبها. وعندما طلبت منه معونة لأننا لا نجد ما نأكله، عرض
عليّ أجرة الطريق للذهاب إلى المخيم بكل احتقار. هل هذا من يريدونه أن يتحمل مسؤوليتنا؟
وطلبت منه رسالة إلى المفوضية لمعاملتنا كسائر اللاجئين، فرفض وقال: نحن سنحلّ الموضوع،
وهذا الكلام في آذار 2012. أخي راً، حصلت على رسالة من الأخ فاروق القدومي رئيس الدائرة
السياسية في منظمة التحرير، وهذا الكلام من شهر موجه إلى المفوضية لمعاملتنا كسائر
اللاجئين ورفع ملفاتنا إلى كندا التي أبدت استعدادها لقبولنا، والرجل مشكور.
ولقد زارنا مؤخراً وفد ممثلاً بالأستاذ عادل عبد
الله منسق المؤتمر الفلسطيني بأوروبا وأعضاء من مركز العودة مع السيد محمود سعيد الشجراوي
وبعض الاخوة التونسيين.
وقد اطلع الوفد على الوضع المزري الذي يعيشه الفلسطينيين
في مخيم الشوشة وعلى سوء أحوالهم المعيشية والصحية. ووعد بالاهتمام بموضوع الأخوة الفلسطينيين
ال متواجدين في المخيم منذ ما يقارب السنتين. حيث سيقوم بمراجعة مكتب المفوضية بالعاصمة
تونس للنظر والاطلاع على موقف المفوضية من وضع 22 فلسطيني معظمهم اطفال. وهم صورة مصغرة
على مأساة ومعانة ونكبة فلسطين المستمرة.
ونحن من جهتنا نوجه التحية له ولجميع أعضاء الوفد
ال أكارم ونخص بالذكر الأستاذ ماجد الزير (مدير مركز العودة الفلسطيني بلندن) وكل إنسان
شريف وقف إلى جانبنا يوم تخلى عنا الكثيرين وعلى رأسهم السلطة الفلسطينية وسفارتها
والمنظمات الانسانية التي تدعي الانسانية ولكن عند الحد الفلسطيني تصبح سياسية.
هذه حالنا، وعذرا ً على الإطالة.
المصدر: مجلة العودة، العدد السادس والستون