القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 27 كانون الأول 2024

تقارير إخبارية

مخيم عين الحلوة إثر الاشتباكات.. دمار هائل وأوضاع مأساوية والأهالي يعودون.. لكن إلى أين؟


الخميس، 05 تشرين الأول، 2023

بعد جولتين من الاشتباكات الدامية في مخيم عين الحلوة الفلسطيني جنوب لبنان خلفت أكثر من 32 قتيلا و150 جريحا وتسببت بنزوح أكثر من 2000 عائلة إضافة إلى دمار هائل بالمباني السكنية، يعمل المسؤولون على إعادة الحياة إلى طبيعتها في عاصمة الشتات الفلسطيني جنوب لبنان.

يلملم سكان المخيم جراحهم، جراء الأضرار الجسيمة التي أصابت منازلهم ومحالهم التجارية، في معظم أحياء المخيم التي شهدت اشتباكات دامية بين حركة "فتح” وفصائل إسلامية، في سبتمبر/ أيلول ويوليو / تموز الماضيين.

ويحيط بالمخيم الأكبر في لبنان سبعة حواجز أمنية للجيش اللبناني، حيث يخضع الداخلون والخارجون لتفتيش دقيق.

"الأناضول” جالت في أحياء المخيم، التي شهدت اشتباكات عنيفة، حيث الدمار في المباني السكنية والمحال التجارية التي احترق معظمها جراء إلقاء القنابل والصواريخ المتوسطة.

ويشهد المخيم، بعد شهر على توقف الاشتباكات، حركة خفيفة من السكان الباقين الذين لم تتضرر منازلهم، ونازحين أتوا لتفقد ممتلكاتهم.

أعادت الاشتباكات المتكررة بين حركة "فتح” وفصائل إسلامية في المخيم تسليط الضوء على الصراع الأمني والسياسي في المخيمات المكتظة على الأراضي اللبنانية.

وفي نهاية يوليو الماضي، ارتفعت حدة الاشتباكات بين عناصر من "فتح” و”الشباب المسلم”؛ ما أسفر عن مقتل 14 شخصاً، بينهم قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا (جنوب)، القيادي في "فتح”، العميد أبو أشرف العرموشي، مع 4 من مرافقيه.

وانتشرت عناصر القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة، الإثنين في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، في مخيم "عين الحلوة” للاجئين جنوب لبنان تنفيذاً لبنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بين حركة "فتح” وفصائل إسلامية.

ويعد مخيم عين الحلوة من أكبر المخيمات الفلسطينية في لبنان، إلى جانب 11 مخيما آخر، حيث يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين في البلاد بنحو 270 ألفاً.

ولا يدخل الجيش أو القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات، بموجب اتفاقات ضمنية سابقة، تاركين مهمة حفظ الأمن فيها للفلسطينيين أنفسهم، بينما يفرض الجيش اللبناني إجراءات مشددة حولها.

كأنّ "إسرائيل" مرت من المخيم!

الحاجة خديجة (70 عاماً) التي صادفها مراسل "الأناضول” في حي حطين بالمخيم، تتفقد منزلها المدمر بالكامل جراء إصابته بالقذائف ورصاص القنص وهي تبكي على الحال التي وصل إليها المخيم.

وقالت للمراسل: "أنا أعيش في المنزل بمفردي، ولا يوجد مسلّحين فيه، لماذا كل هذا الحقد بتدميره بالكامل”.

وأسفت على ما وصل إليه الفلسطينيون "لدرجة أن يقوم الأخ بقتل أخيه، بدل أن تتوحد البندقية باتجاه واحد فقط وهي إسرائيل”.

أما جارتها أم كامل (55 عاماً)، التي وقفت أمام دكانها المدمر والمحروق بالكامل فتقول: "إذا كان الهدف تهجيرنا مرة ثانية، فلن نترك منازلنا وسنعود ونرممها من جديد”.

وأضافت: "البندقية الفلسطينية من هنا من عين الحلوة يجب أن تتوجه إلى "إسرائيل" فقط وليس بين الإخوة.. لا يجوز هذا الدمار، وكأن "إسرائيل" مرت من هنا”.

من جهته، قال محمود (35 عاماً)، صاحب محل لبيع المواد الغذائية، لـ "الأناضول”: لقد "دمر مصدر رزقي الوحيد، و3 طوابق لي ولإخوتي دُمروا كلياً”.

وأضاف: "دكاني هذا كان أكبر متجر لبيع المواد الغذائية والحركة به لا تهدأ؛ أما الآن دمر بالكامل، وأصبحنا نازحين وبدون عمل”.

وعن إمكانية إعادة ترميم ما دمر، قال: "لا نستطيع أن نفعل شيئاً إذا لم تتوقف الاشتباكات، وهذا كل ما نملكه. ذهب، ولا نستطيع إعادته من دون مساعدة”.

من جانبه، أعرب الطفل رمزي (10 سنوات) عن حزنه للحال في المخيم.

وقال للأناضول: "عقب بدء الاشتباكات هربنا مع أهلي بعد رؤية القذائف والقنابل والرصاص العشوائي، وهذا شيء سيئ للفلسطينيين”.

عودة تتطلب إعادة تأهيل ما تهدم

من جهته، الحاج أبو وائل (68 عاماً) من سكان المخيم، قال لمراسل "الأناضول”: "بعد نجاح وقف إطلاق النار، المرحلة المقبلة تتطلب إعادة ترميم ما تهدم”.

ولفت إلى أن "الوضع الإنساني حالياً وصل إلى الحضيض والسكان يعيشون وضعاً صعباً ومأساويا للغاية”.

هناك كمّ هائل من المنازل داخل المخيم مدمرة ومحروقة ومتضررة جزئياً وكلياً قد يصل عددها ما بين 1500 إلى 2000 منزل

وأوضح أن "عدداً قليلاً من أبناء المخيم ممّن نزحوا (إثر الاشتباكات) عادوا، فهناك الآلاف المنازل المدمرة بشكل كامل”.

وأشار إلى أنه "رغم تطمين المسؤولين الفلسطينيين للنازحين، إلا أنهم (النازحون) يريدون شيئاً عملياً على الأرض يطمئنهم حتى تعود الناس إلى منازلها”.

ولفت إلى أن "تنفيذ الخطة لم يكتمل بعد، وخاصة عملية الفصل بين المسلحين من قبل القوة الفلسطينية المشتركة”.

وأكد أن "عودة الناس إلى منازلها تتطلب إعادة تأهيل البنى التحتية، حيث لم يعد هناك مياه ولا كهرباء والمياه الآسنة في الطرقات”، معرباً عن أمله في "زوال خطاب الكراهية بين الناس في المخيم”.

معظم بنود اتفاق وقف اطلاق النار نفذت

وفي 14سبتمبر/أيلول الجاري، توصلت الفصائل الفلسطينية إلى اتفاق وقف إطلاق النار، بعد أسبوع من الاشتباكات التي تسببت بموجة نزوح كبيرة إلى خارج المخيم.

وفي هذا السياق، قال خالد زعيتر المسؤول السياسي لحركة "حماس” في مخيم عين الحلوة إنه "بعد جولتين من الاشتباكات، وبعد انتشار القوة المشتركة من جميع الفصائل في النقاط المحددة، بحسب الاتفاق، كان هناك أثر إيجابي لطمأنه سكان المخيم”.

وأضاف، في حديث مع "الأناضول”: "نرى بعض الذين نزحوا خارج المخيم بدؤوا يعودون”.

وأوضح أن "معظم بنود الاتفاق نفذت”، معرباً عن أمله في "ألا تعود الاشتباكات حتى تصل الأمور إلى خواتيمها، مع بقاء معضلة واحدة يعمل على حلها من خطة هيئة العمل المشترك، وهي تسليم المشتبه بهم الثمانية”.

من جهته، صرح عضو هيئة العمل الفلسطيني المشترك بمنطقة صيدا فؤاد عثمان أن "الأمور تسير بإيجابية وبنود الاتفاق نفذت بالكامل، من انتشار أمني للقوة المشتركة بمناطق الاشتباكات، وتسليم المدارس للأونروا”.

وفي حديث مع "الأناضول”، أضاف عثمان: "تبقى الخطوة الأخيرة، وهي تسليم المشتبه بهم (الثمانية) بعمليتي الاغتيال (اللواء أبو اشرف العرموشي، قائد الأمن الوطني، وعبد فرهود (إسلامي)، في التاسع والعشرين من تموز الماضي) للقضاء اللبناني عندها تزال العقبات”.

وأطلق عثمان نداءً عاجلاً لوكالة الأونروا لتأمين الأموال اللازمة لإعادة ترميم ما دمرته الحرب البشعة في المخيم من أجل عودة أهلنا والاستقرار لحياة لائقة وكريمة لهم”.

2000 منزل مدمر

عثمان كشف أن "هناك كمّاً هائلاً من المنازل داخل المخيم مدمرة ومحروقة ومتضررة جزئياً وكلياً قد يصل عددها ما بين 1500 إلى 2000 منزل”.

ولفت إلى أن هناك "ما يقارب 2000 عائلة خرجت من المخيم بسبب الاشتباكات خوفاً على أطفالها” .

وأشار إلى أن "الخسائر المادية كبيرة جداً، ولكن البشرية أهم، إذ فقد أكثر من 30 شاباً في هذه الاشتباكات”.

وقال: "عودة الحياة إلى طبيعتها تتطلب إعادة تأهيل المنازل ومعالجة الأوضاع الإنسانية التي تستلزم إعطاء الأمن والأمان لأهلنا وشعبنا حتى يعودوا بشكل كامل الى المخيم”.

(الأناضول)