مسرحية الخراب: تحاكي المأساة الفلسطينية وتدعو الى الوحدة والنضال
"بيت الخراب" عنوان المسرحية الفلسطينية الكوميدية ـ النقدية التي استضافها "المركز الوطني للعيون" في مجمع "الزهراء" في صيدا برعاية رئيس ممثلية "منظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان السفير الدكتور عبد الله عبد الله وحضور رئيسة "المركز" نجلاء سعد وعقيلة العلامة الشيخ عفيف النابلسي وحشد من الشخصيات.. السياسية والاجتماعية والفنية.
المسرحية التي تحاكي الواقع الفلسطيني بمعاناة لجوئه وتضحيات ابنائه ونضالهم وعاداتهم وتقاليدهم من الالف الى الياء، جسدها الفنان المتألق فواز البسيوني وحيدا ولكن بأدوار مختلفة، حيث أدى دور موظف النظافة ـ "سانيتيشين" ليصور الواقع الصعب داخل المخيمات التي يزنرها حزام الفقر والبؤس والتي ادت بالكثير من الشباب الى الهجرة، ناهيك عن اليأس والاحباط الذي دفع بعض مقاتلي الثورة الى ترك النضال والسعي وراء قوت اليوم مع استفحال البطالة وتدني خمات وكالة "الاونروا" المعنية رعاية شؤون اللاجئين.
وقد أستهلت المسرحية بكلمة من سعد باسم "المركزالوطني للعيون"، اكدت فيها "ان صيدا ستبقى حاضنة للقضية الفلسطينية ومدافعة عن حقوق شعبها حتى العودة دون أي مساومة ما يعني عمليا قطع الطريق على التوطين"، معتبرة "ان دعم الفن الملتزم بالقضية الفلسطينية ومعاناة شعبها هو وجه من وجوه النضال الذي يتكامل مع النضال السياسي والعسكري".
وسط جدران تملؤها الشعارت عن الثورة والشهداء وفلسطين وحنظلة، أطل الفنان البسيوني مجسدا دور "يوسف عايد"، الذي اوضح أن التسمية مرتبطة برغبة العائلات الفلسطينية التي تهجرت عن فلسطين قسرا ابان النكبة عام 1948 بالعودة اليها ولو بعد حين".
في المشهد الاول، يروي عايد كيف التحق بوكالة "الاونروا" كعامل نظافة وان اللقب بقي يطارده في كل تفاصيل حياته حتى انه وقف حائلا دون موافقة اي من صبايا المخيم بداية على الارتباط به لانه وفق العرف السائد مهنة "وضيعة"، بيد انه ابدع في وصف حياة الناس من خلال جمع القمامة، فهذا ابو مشهور رمى مقصه القديم واقفل محل الحلاقة وهاجر الى السويد، وذاك الاستاذ موسى القاسم قذف دفتر درسه بعدما اعتدى عليه ذوو احد الطلاب في مدارس "الاونروا" وذلك "ابو معروف" لم يكن يلقي الكثير من القمامة في اشارة الى فقره، بينما تلك العجوز تمتلأ بعظام الدجاج وقشور الفواكه بعدما كانت تشتكي الفقر وقد تحسن حالها بسبب سفر اولاده، ليخلص ان الكثير من العادات والتقاليد تغيرت بعدما كان الناس يستضيفوه على فنجان قهوة ليروي لهم اسرار الناس.
وبإسلوب فكاهي ساخر، ينتقل عايد الى المشهد الثاني، حيث ما زال ابناء المخيم يحافظون على تسميات القرى والبلدات: انا من صفوري وذاك من الطيرة والثالث من صفد، بينما هو من العاصمة ولكن ليست القدس بل الصفصاف، ليمزج معها مشاكل المخيم اليومية بسبب الفقر وضيق المساحات وتلاصق المنازل، ليصور اشتباك بالاسلحة الرشاشة وسقوط ضحايا وجرحى واهتمام وسائل الاعلام وكأن المخيم قد تحول الى بؤرة أمنية لا يمكن لاحد الدخول اليه او العيش فيه، في رسالة واضحة بأن البنادق والسلاح يجب ان لا يستخدم الا في وجه العدو الصهيوني وتحرير فلسطين.
اما في المشهد الثالث، فيصور المهرجانات والخطابات للقادة السياسيين الفلسطينيين الذين وصفهم بأنهم يعيشون هموم تختلف عن هموم الناس التي ضاقت بهم ذرعا الى حد القول "لقد زهقنا وذبحونا بالخطابات والخلافات، فيما غزة محاصرة وتموت جوعا والضفة تحت رحمة الاحتلال الاسرائيلي والقدس تهود قطعة قطعة والاقصى يهدم"، داعيا الى "اعادة تصحيح البوصلة باتجاه فلسطين والعمل فورا على إنقاذها".
وفي مشهد آخر، يروي معاناة اللاجئين مع تقليص وكالة "الاونروا" لخدماتها الصحية والتربوية والاجتماعية حيث انطلقت مسيرة احتجاج فظن انها للتضامن مع فلسطين، قبل ان يكتشف انها ضد سياسة "الاونروا" وقد وقع المحظور ويعاتب من مسؤوله وكأنه ارتكب جريمة لا تغتفر، ما يدفعه الى اتخاذ قرار بالحيادية في سبيل الحفاظ على لقمة عيشه رغم مهنته "الوضعية"، اذ ان كثيرا من المهندسين والاطباء والفنيين عاطلين عن العمل والعمل في "الاونروا" في اي وظيفة افضل من الجلوس في المنزل، على ان المشهد المؤثر كان في وصف نساء المخيم بانهم "أم الشهداء والمشاعل" وقد باتوا الان "أم الغرائب"، في اشارة الى كثرة الهجرة والغربة الفلسطينية.
وفي المشهد الاخير، يجسد دور والدته "ام يوسف" التي مرضت فسلمت الروح الى بارئها، فيحزن عليها ويقرر الزواج وإنجاب الأطفال كي تبقى القضية الفلسطينة حية ويتوارثها الأبناء جيلا بعد آخر ويعاتب والده الذي توفي وهو صغير ولم ينجب سواه وحيدا، قبل ان يطل عليه جده "شبحا" ويدعو الى أخذ دوره النضالي دون التوقف عند الحيادية، متذكرا دور خاله رشيد الذي قدم التضحيات في سبيل القضية وبقي مثالا يفتخر به.
لاجئ نت - وكالات