مقاطعة الاحتلال..
بندقية تفتقد إلى ذخيرة
الخميس، 04 حزيران، 2015
لم تعد "الجوقة"
الدولية بالنسبة للكيان الصهيوني، تعزف من نوتة واحدة باعتبارها مشروع الديمقراطية
الغربية الوحيد في الشرق الأوسط بعد تصاعد جرائمها العنصرية في فلسطين.
فمنذ عقود ينثر الكيان الصهيوني
الغبار السحري في وجه المجتمع الدولي عند الحديث عن صراعه مع الفلسطينيين، لكن ثلاث
حروب على غزة وممارسات عنصرية وتهويدية منذ سنوات أبطلت مفعول تمائمها وقلبت السحر
على الساحر في حملة مقاطعة "أكاديمية - اقتصادية - طلابية" متصاعدة.
وكانت مؤسسات حقوقية وجامعات
وشركات طالبت مؤخرًا بمقاطعة المنتجات الصهيونية القادمة من المستوطنات بالإضافة إلى
قيادة منظمات في دول عربية وأوروبية حملاتٍ لمقاطعتها اقتصاديًّا وأكاديميًّا، وآخرها
مقاطعة معرضها الأمني المقام حاليًّا في "تل أبيب".
وأمس، منعت فرنسا وبريطانيا
وألمانيا ودول اسكندنافية شركاتٍ أمنيةً فيها من المشاركة في المعرض الأمني الذي تعرض
فيه منتجات من 20 دولة.
ورغم تصاعد جهود المقاطعة
فإن "إسرائيل" حتى الآن تمتصّ المشكلة، لكنها قلقة من الأمر مستقبلاً في
تهديد يرى فيه مراقبون خطرًا على وجودها في وسط عربي لم تتعود على الحياة فيه إلا بمؤازرة
أمريكية وأوروبية.
تهديد استراتيجي
منذ سنوات لم تعد
"إسرائيل" حارس عتبة الحضارة الغربية في المنطقة، فالصور القادمة من غزة
منذ حرب 2009 وتعكّر المزاج الدولي من عدوانها المتصاعد في الضفة والقدس المحتلة عزّز
من جهود مؤسسات نشطة في أوروبا بدأت تكشف حقيقة الاحتلال.
ونجحت مقاطعة الاحتلال مؤخرًا
في سحب 5 مصارف أوروبية استثماراتها من شركتي "فوليا" و"صودا ستريم"
المتورطتين في التطبيع مع الاحتلال وكذلك سحب صندوق التقاعد الهولندي أمواله من خمسة
مصارف صهيونية.
كما واجهت الشركة الأمنية
الشهيرة "G4S" التي تزود المستوطنات والسجون
بالمنتجات انتقادًا دوليًّا متزايدًا وخسرت عقودًا بملايين الدولارات في دول الاتحاد
الأوروبي وجنوب أفريقيا.
ويؤكد المحلل السياسي ناجي
شراب أن أهمية مقاطعة الاحتلال على الصعيد الأكاديمي والاقتصادي وحتى الطلابي تكمن
في أنها مقاطعة لم تتعود عليها، فقد قدمت نفسها للمجتمع الدولي أنها نتاج توازنات إقليمية
وقرارات أمريكية - أوروبية ونموذج حضاري ديمقراطي.
ويضيف: "سياسات إسرائيل
في الداخل والخارج عنصرية وتمييزية ضد الفلسطينيين، وهي تهاجم انتفاضة سلمية، لذا ظهرت
عنصريتها وبدأت حملات مقاطعة تمس وجودها فقد لا تؤثر حاليًّا عليها لكن استمرار موقف
أوروبا وأطراف أخرى يؤثر على وجودها مستقبلاً" .
ولعل موقف الولايات المتحدة
اتخذ مسارًا مختلفًا جزئيًّا في السنتين الماضيتين فقد صرّح الرئيس الأمريكي
"أوباما" أمس قائلاً: "سياسة نتنياهو تهدد مصداقية إسرائيل" في
وقت نجحت فيه مؤسسة مركز العودة الفلسطيني بلندن في دخول الأمم المتحدة وصدور تقرير
وصف حرب "إسرائيل" بـ"الإرهاب".
ومؤخرًا أظهرت نتائج استطلاع
للرأي أعلنه معهد "جيوغرافي" الصهيوني أن 67 % من الصهاينة يرون أن المقاطعة
ستلحق بهم ضررًا تزامنًا من تحذيرات خبراء من أن الاقتصاد سيخسر نحو 20 مليار دولار
نتيجة المقاطعة الدولية، وستتضرر نحو 30% من الشركات.
أما محمد مصلح، الباحث في
الشئون الصهيونية، فيرى أن حملات المقاطعة لم تكن في حسابات "إسرائيل"، وأنها
ظهرت كنموذج "الأبرتهايد" في جنوب أفريقيا، وأن ما جرى هو اختراق للموقف
الأوروبي الذي تبنى منذ عقود مواقف "إسرائيل".
ويتابع: "إسرائيل لا
تتحمل فشلاً جديدًا الآن يضاف لفشلها الأمني والسياسي؛ فمنذ حرب 2009 بدأت أوروبا ترى
العدوان الإسرائيلي على المدنيين العزّل، ثم تطور الأمر حتى وصل الفيفا جزئيًّا".
المستفيد الأكبر!
أكثر من يستفيد من الثمرة
التي ستنضج مستقبلاً على مُكث هم الفلسطينيون الذين تأخروا في خيار الشرعية الدولية
بعد أن عولت السلطة 20 سنة على مفاوضات فارغة المضمون أضاعت الوقت.
ويرى المحلل شراب أن الشرعية
الدولية بحاجة لوقت وصبر طويل وأن إنهاء الانقسام وبناء نظام سياسي ديمقراطي وتفعيل
دور المؤسسات المدنية والمقاومة السلمية والعسكرية هو المطلوب في المرحلة الحالية.
وأردف: "إسرائيل صغيرة
الحجم وتعيش في قلب محيط عربي معتمدة على تحالفات أوروبا وأمريكا، لذا فإن تصاعد المقاطعة
ضدها سيضعفها مستقبلاً، وعلينا استغلال هذه النقطة بجهود متواصلة".
أما الباحث مصلح فيؤكد أن
تعذر الوسائل العسكرية في المقاومة يجب أن يدفعنا لتفعيل الوسائل الأخرى في ملاحقة
الاحتلال في جناياتها، واستغلال موقف أوروبا وأحيانًا أمريكا التي تنزعج من عدوان
"إسرائيل".
ويضيف: "منذ نشأتها؛
استغلت إسرائيل المؤسسات الدولية والأمم المتحدة لمؤازرتها وتمرير مواقفها، لكن المقاطعة
الآن تسير بزخم أوروبي، بدأت ترد عليها إسرائيل بعنف بل تحارب الآن منظمات يسارية مثل
منظمة كسر الصمت".
المقاطعة المتصاعدة بألوانها
ضد الكيان الصهيوني وانزعاج "أوباما" من تشدد اليمين الصهيوني الذي عطّل
المفاوضات مع الفلسطينيين يجب أن يمنح سلاح المقاطعة ذخيرة كافية للدفاع عن الحق الفلسطيني
في إطار جهود سياسية ومقاومة متوافقة.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام