مكفوفو غزة يرسمون أحلامهم فوق رقعة من الشوك
الثلاثاء، 02
حزيران، 2015
وسط أصوات الآلات يطبعون حروفا على أوراق لا لون لها، إلا أن ملمسها هو
ما يساعدهم على التواصل مع من حولهم، ورغم الظلام الذي كتب عليهم أن يعيشوه، إلا أن
ثمة نور وبصيص أمل في حياتهم ليلحقوا بأقرانهم المبصرين، ويواكبوا العلم والتطور، ليسطروا
قصص نجاح وتحدي.
ويواجه المكفوفون في قطاع غزة مشكلات كثيرة بسبب قلة الامكانيات وفقدان
الكتب المطبوعة بطريقة برايل، وانقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر.
مشكلة الكفيف
إحدى قصص التحدي كانت من نصيب الطالب عمرو دردس الذي قال "نواجه صعوبات
جمة في العلم والتعلم مقارنة بالمبصرين".
ونوه إلى أنه كفيف جزئيا ويصعب عليه قراءة وتمييز كل ما يكتب على السبورة
في قاعة المحاضرات، غير أن انقطاع التيار الكهربائي بشكل متواصل يمنعه من شحن الجهاز
الذي يستخدمه في تكبير حجم خط الكتب مما يزيد من المعاناة.
حال الطالبة الكفيفة في قسم التاريخ والآثار فاتن النجار لم يكن أفضل فهي
تشكو الصعوبات في الحصول على الكتب بطريقة برايل فتضطر إلى كتابتها يدويا وهذا يأخذ
وقتا وجهدا اكبر ويعيق دراستها.
وتنوه النجار إلى أن الصعوبة لا تكمن في طباعة الكتب وحدها بل في بعض المساقات
العملية والتي تحتاج الى رؤية ونظر.
وتتجلى المعاناة بشكل أكبر لدى الطالبتين زهراء ابو الكاس وهنادي رضوان
اللتين فقدتا البصر حديثا، فهما لا تجيدان القراءة بطريقة برايل فتضطران الى تسجيل
الكتب من خلال الاستعانة بأشخاص لقراءتها، فيما تسعيان جاهدتين لتعلم طريقة برايل حتى تكملا مسيرتهما التعليمية
بكل يسر.
طبيب العيون ياسين النونو نوه إلى أنه من الطبيعي ان تتشابه الاحرف والارقام
والصور على الطالب ضعيف الرؤية وصعوبة تمييزه لكل ما يكتب على السبورة.
وقال إن الكفيف الكلي يعاني في جانب المواد العلمية حيث يصعب على الطالب
أن يستوعب التجارب لأنها تحتاج إلي رؤية بالعين.
ويوضح النونو انه لا توجد حلول لما سبق سوى التمثيل للطالب الكفيف بالأجسام
المحسوسة حتى يتخيل فقط وتصل المعلومة قدر الامكان، ويشير الى ان الطالب الكفيف يكون
تحصيله العلمي اقل من الطالب العادي في المواد العلمية لعدم استيعابه للمعلومة بالشكل
المطلوب.
عقبات وبدائل
وفيما يتعلق بمركز التقنيات المساعدة لذوي الاعاقة بالجامعة الإسلامية،
قال منسق المركز بهاء سرحان أن الطالب الكفيف يعتمد على الكتاب الجامعي فقط، بينما
الطالب المبصر يعتمد في دراسته الجامعية على ثلاث مصادر: الكتاب والمكتبة والانترنت.
وأضاف ان المكتبة غير مهيأة للطلاب الأكفاء، والكتب المطبوعة بطريقة برايل
قليلة جدا ولا تواكب التطور العلمي المتلاحق، والطلبة الجدد لا يجيدون استخدام الحاسوب
الناطق فبالتالي سيواجهون صعوبات جمة في استخدامه.
ويوضح سرحان أن المركز يبذل كل جهده لتوفير البدائل للطلاب الأكفاء مثل
عقد دورات خاصة بالحاسوب للمبتدئين حتى يستطيعوا الاعتماد على مصادر اخرى غير الكتاب
الجامعي.
ويحاول المركز الاستغناء عن الكُتاب -الذين يكتبون للطلبة المكفوفين- من
خلال تقديم المكفوفين الاختبارات إلكترونيا بعد خضوعهم لتدريبات على الحاسوب الناطق.
ويكمل: يتواصل المركز مع المدرسين الجامعيين لتوفير الملازم الخاصة بهم
لتساعد الطالب الكفيف بجانب الكتاب المقرر، والسماح للطلبة بتسجيل المحاضرات الأمر
الذي يرفضه بعض المحاضرين.
وكالة الغوث
بدوره قال رئيس برنامج الخدمات في الأونروا عاصم ابو شاويش: أن وكالة الغوث
كان لها دور في تعليم المكفوفين فلديها مركز النور لذوي الاعاقة البصرية إلا أن إدارة
المركز تواجه معيقات مختلفة عن المؤسسات التعليمية الأخرى الخاصة بذوي الإعاقة البصرية
فالمركز يحتاج إلى كادر اكاديمي متخصص ومواكب للتطور العلمي والأساليب الحديثة في التعليم".
ونوه الى ان المركز يفتقد الى المهنيين المتخصصين في اصلاح الاجهزة الخاصة
بالأكفاء فهم قليلون في القطاع.
واشارت الإدارة الى ان المركز يقدم خدمات كثيرة للطلبة من الروضة حتى الصف
السادس الابتدائي منها اجهزة خاصة بهم من عدسات ونظرات طبية واجهزة تعليمية الى جانب
الوجبات الصحية التي تناسب كل طالب وعقد دورات تدريبية للأهالي لتوعيتهم بأبنائهم وما
يحتاجوه على الصعيد الشخصي والتعليمي
جهود مبذولة
وفي ذات السياق يشير نائب مدير
التوجيه والارشاد في وزارة التربية والتعليم خالد أبو فضة الى أن الوازرة تبذل جهدا
كبيرا في تلبية احتياجات الطلبة ذوي الاعاقة البصرية من الصف الاول حتي الصف الثاني
عشر.
وارجع أبو فضة هذه المعوقات الي الجانب المادي الذي هو عبء كبير علي الوزارة
لشراء احتياجات ومستلزمات خاصة تساعد الطلاب الاكفاء في التعليم، فيما يفتقر الطلاب
الاسوياء داخل المدارس لطرق التعامل مع الاشخاص ذوي الاعاقة البصرية.
كما أن عدم توفر المنهاج بطريقة برايل يؤدي إلى تداول الكتاب ذاته بين
أكثر من طالب الأمر الذي يؤدي إلى استهلاكه.
وأكد ابو فضة ان الوزارة تسعى جاهدة لتوفير الكتب بطريقة برايل والمنهاج
الصوتي بالتواصل مع الجمعيات الخاصة بذوي الاعاقة البصرية كما تعقد الوزارة دورات توعية
للمدرسين والاهالي المنخرطين مع ذوي الاعاقة البصرية.
هل من الممكن ان ينجو اكفاء غزة من سطوة الحصار المطبق على قطاع غزة ويواكبوا
ما وصل اليه العلم والتكنولوجيا وأن يمارسوا حياتهم بشكل طبيعي اسوة بالمبصرين؟
المصدر: الرسالة نت