القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

تقارير إخبارية

ملحوظات على القرارات العربية المتعلقة باللاجئين والقضية الفلسطينية

ملحوظات على القرارات العربية المتعلقة باللاجئين والقضية الفلسطينية

/cms/assets/Gallery/906/elkema-elarbia.jpg

إعداد: سامي حمود – مجلة العودة

رغم تعدد الأطر التي تعدّ القرارات قبل التصديق عليها من القمم العربية، مثل المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية أو الإدارة العامة لشؤون فلسطين في الأمانة العامة للجامعة أو مؤتمر المشرفين على شؤون اللاجئين الفلسطينيين في الدول المضيفة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي أو مجلس وزراء العمل أو مجلس وزراء الإعلام، إلا أن أكثر المجالس علاقة بقضايا اللاجئين هو مجلس وزراء الداخلية العرب.

وقد تأثر تطبيق هذه القرارات بالأجندة السياسية المحلية لكل من الدول العربية المضيفة للاجئين، بحسب توجهاتها في معاملتها للاجئين الفلسطينيين. لذلك كان واضحاً أن التزام الدول العربية بهذه القرارات –إذا صدرت- خضع لاعتبارات سياسية تقدرها الدول نفسها، وأن هذه المعاملة لا تنظمها قوانين وتشريعات واضحة صادرة عن السلطة التشريعية في هذه الدول، بل قرارات وأحكام إدارية غير مكتوبة في الغالب تصدرها أجهزة حكومية هي أمنية في أكثر الأحيان.

قرارات إنسانية

بعد النكبة، شُغلت الدول العربية المضيفة في معالجة مسائل إنسانية ملحة فرضها واقع الاقتلاع والتشتّت الفلسطيني. وتركزت القرارات العربية في الخمسينيات على تقديم التسهيلات لضمان وصول العون والإغاثة من قبل الهيئات الدولية وتسهيل جمع شمل العائلات المشتتة وإصدار وثائق سفر موحدة للاجئين لمساعدتهم على السفر والانتقال. وكانت «حكومة عموم فلسطين» تصدر جوازات سفر خاصة بالفلسطينيين طوال سنوات الخمسينيات، إلا أن الخلافات العربية وتراخي الدعم لهذه الحكومة وعدم انتقال السيطرة على الأجزاء الباقية من فلسطين لأهلها، بل لدول عربية مجاورة، أدى بالتدريج إلى عدم اعتماد جواز السفر الفلسطيني وتراجع الاعتراف به في الدول العربية.

دعت الدول المضيفة للاجئين إلى معاملتهم بالنسبة إلى الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية، بما فيها حرية العمل والتنقل لرعايا هذه الدول، ودعت من جهة أخرى إلى عدم تجنيسهم ومنحهم وثائق سفر موحدة حفاظاً على هويتهم الخاصة. وجاء بروتوكول الدار البيضاء الخاص بمعاملة اللاجئين الفلسطينيين الصادر عن مجلس جامعة الدول العربية والمصادق عليه من قبل الملوك والرؤساء العرب في 11 أيلول (سبتمبر) 1965 تتويجاً لهذا التوجه الرسمي العربي.

على أن الأجندة السياسية الخاصة ببعض الحكومات العربية فرضت نفسها على نحو مغاير لما نصّت عليه قرارات جامعة الدول العربية، إذ سارع الأردن على سبيل المثال إلى ضمّ الضفة الغربية ومنح سكان هذه المنطقة من الفلسطينيين، لاجئين وغير لاجئين، الجنسية الأردنية. ورغم أن اعتراض البعض على خروج الأردن عن الإجماع العربي بمنح الجنسية الأردنية للفلسطينيين، وأنه جزء من مخطط استعماري استهدف تغييبهم ومحو قضيتهم. لكن في المقابل، فإن منح الجنسية الأردنية للفلسطينيين لم يقلّل من تعاطفهم وحماستهم للثورة والانتفاضة من أجل التحرير والعودة. في المقابل، فإن الحرمان في بلدان أخرى لم يجعلهم أقرب إلى فلسطين، بل زاد من معاناتهم ومن التمييز ضدهم.

ولا يلام فلسطيني يسعى إلى نيل جنسية عربية أو غربية، فلطالما عومل كالغريب في هذه البلاد، والتجنيس الجماعي ضمن مشروع سياسي هو المرفوض.

ورغم أن لبنان كان من بين الدول التي صدّقت على بروتوكول الدار البيضاء، إلا أن لبنان ضمّن مذكرة التوقيع بتاريخ 3 آب/أغسطس 1966 تحفظات قوضت عملياً المضامين الأساسية للبروتوكول بمنح الحقوق المدنية الاقتصادية والاجتماعية للاجئين الفلسطينيين. وبقي اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يعاملون كأجانب محرومين أبسط الحقوق المدنية من حيث العمل والملكية وفرضت قيود على حقهم في الإقامة. وعلى الرغم من مظاهر القوة والنفوذ الواسع التي حظيت بها منظمة التحرير الفلسطينية على الساحة اللبنانية خلال السبعينيات وما تضمنه «اتفاق القاهرة» الموقع بين منظمة التحرير والحكومة اللبنانية تحت رعاية جامعة الدول العربية في 3 تشرين الثاني/نوفمبر 1969 الذي ينصّ على منح حق العمل والتنقل للفلسطينيين المقيمين في لبنان، إلا أنه لم تصدر تشريعات لوضع الاتفاق موضع التنفيذ واتخذ البرلمان اللبناني قراراً في ربيع عام 1987 بإلغاء «اتفاق القاهرة» من طرف واحد.

على صعيد آخر، أبدت دول عربية منتجة للنفط وقليلة السكان نسبياً، موقفاً متحفظاً إزاء الدعوة إلى معاملة اللاجئين الفلسطينيين معاملة رعاياها الموظفين بالنسبة إلى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية. فقد صدّقت ليبيا الملكية على بروتوكول الدار البيضاء، إلا أنها تحفظت على مادته الأولى مقترحة تعديلها ومساواة الفلسطينيين في المعاملة «أسوة بمعاملة بقية مواطني الدول العربية» بدلاً من «أسوة بالمواطنين الليبيين». أما المملكة العربية السعودية - وهي الدولة المستقلة الوحيدة من بين الدول الخليجية النفطية غداة التصديق على بروتوكول الدار البيضاء - فلم توقع على البروتوكول أصلاً. ونظرت الدول الخليجية إلى العمالة الفلسطينية كغيرها من العمالة الأجنبية على أنها عمالة مهاجرة يكون لزاماً فيها على العمال والمستخدمين العودة إلى دول اللجوء الأولى التي يحمل اللاجئ الفلسطيني جنسيتها أو وثيقة السفر الصادرة عنها.

وقد صدرت قرارات تحضّ الدول العربية على التقيد ببنود بروتوكول الدار البيضاء، وتألفت لجان متابعة واتصال لهذا الغرض. واتخذ مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين قراراً في عام 1970 جاء فيه أن اكتساب بعض الفلسطينيين لجنسية أخرى لا يُعَدّ مبرراً لحذف أسمائهم من سجلات اللاجئين الفلسطينيين، ما يعني أن هذا القرار سمح بازدواج الجنسية بالنسبة للفلسطينيين على غير ما قضت به اتفاقية الجنسية الموقعة عام 1954 بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية، وعلى غير ما تراه وجهة النظر الأردنية الرسمية في المرحلة الحالية من رفض الجمع بين الجنسيتين الأردنية والفلسطينية.

ويتعارض القرار صراحة مع الإجراءات التي تقوم بها بعض الدول العربية المضيفة من شطب للاجئين الفلسطينيين من السجلات الرسمية للاجئين وسحب بطاقة الإعاشة منهم بعد حصولهم على جنسية دولة عربية أو أجنبية.

وقد طرحت منظمة التحرير مسألة استصدار جواز سفر فلسطيني يحظى باعتراف الدول العربية على مجلس الجامعة منذ أيلول (سبتمبر) 1977، إلا أن المشروع لم يرَ النور مع غياب الوطن ومع غياب الإرادة السياسية العربية.

عقاب جماعي

تحولت النظرة العربية الرسمية إزاء اللاجئ الفلسطيني من إنسان يبحث عن الأمان والاستقرار ولقمة العيش إلى «مشاغب سياسي» ومصدر خطر أمني على البلد. ومن جهة أخرى، تم الربط تدريجاً في نظر مؤسسات الحكم العربية بين اللاجئ الفلسطيني كإنسان والإطار السياسي الذي يمثله، وهو منظمة التحرير الفلسطينية. وعوقب الفلسطينيون كبشر عند بروز أي مواجهة أو خلاف.

قرر الرئيس المصري أنور السادات تغيير وضع اللاجئين الفلسطينيين بجرة قلم، من مقيمين دائمين يتمتعون بكل الحقوق المدنية التي يتمتع بها المصريون، إلى أجانب محرومين هذه الحقوق، إثر عملية اغتيال الكاتب المصري يوسف السباعي في قبرص في نهاية السبعينيات. وتعرض اللاجئون الفلسطينيون لعمليات طرد جماعي إثر غزو الكويت وحرب الخليج التي أعقبته، عقاباً لهم على موقف سياسي فُسِّر بأنّه تأييد لموقف العراق.

وتعرض الفلسطينيون للطرد من ليبيا في صيف عام 1995 تعبيراً عن عدم رضاه عن نهج زعامة منظمة التحرير الفلسطينية في توقيعها على اتفاق إعلان المبادئ مع إسرائيل في أيلول (سبتمبر)1993.

إن من سوء حظ الفلسطينيين أنهم أجبروا على مغادرة وطنهم في وقت شُغل فيه باقي العرب بتوطيد دعائم كياناتهم السياسية الحديثة النشأة والمفروضة أصلاً من الاستعمار. إن اللاجئين الفلسطينيين اليوم يعانون أمرين: فقدان الوطن وفقدان حق المواطنة. لقد عدّ الميثاق الدولي لحقوق الإنسان الحق في المواطنة أحد المبادئ الأساسية للعيش الحر لكل إنسان. ونصت المادة 15 من الميثاق في فقرته الأولى على «أن لكل إنسان الحق في المواطنة» ونصت الفقرة الثانية على «أنه لا يجوز نزع المواطنة من أي شخص بصورة تعسفية أو أن يُحرم من حقه في تغيير مواطنيته».

وعملية التسوية لم تجلب للفلسطينيين اللاجئين مواطنةً في السلطة الفلسطينية، ولا هم قبلوها باعتبارها تخلياً عن الأراضي المحتلة عام 1948، وأثرت –غالباً- سلباً على الوضع المدني للاجئين الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، وزادت حدة القيود المفروضة عليهم بسبب رغبة هذه الدول بالتخلص منهم، أو الحد من حركتهم وانتقالهم وعملهم في الدول التي يقيمون فيها، وترفض ازدواج الجنسية بين العرب، وتنكر على المرأة حقها في لمّ شمل عائلتها أو منح جنسيتها لأطفالها المكتومي الجنسية، وهي تشريعات تؤذي اللاجئين الفلسطينيين أذى مباشراً، يُشعرهم أحياناً بأنهم ليسوا هدفاً للقرارات فحسب، بل للقوانين والتشريعات أيضاً. ♦نص بروتوكول الدار البيضاء 1965

استناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية وملحقه الخاص بفلسطين، وإلى قرار مجلس جامعة الدول العربية بشأن القضية الفلسطينية، وعلى الخصوص إلى القرار الخاص بالمحافظة على الكيان الفلسطيني.

وافق مجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في اجتماعه بالدار البيضاء يوم 10 سبتمبر (أيلول) لعام 1965 على الأحكام الآتية، ودعا الدول الأعضاء إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ:

(1) مع الاحتفاظ بجنسيتهم الفلسطينية يكون للفلسطينيين المقيمين حالياً في أراضي ............ الحق في العمل والاستخدام أسوة بالمواطنين.

(2) يكون للفلسطينيين المقيمين حالياً في أراضي ........... ومتى اقتضت مصلحتهم ذلك، الحق في الخروج منها والعودة إليها.

(3) يكون للفلسطينيين المقيمين في أراضي الدول العربية الأخرى الحق في الدخول إلى أراضي ............ والخروج منها متى اقتضت مصلحتهم ذلك. ولا يترتب على حقهم في الدخول الحق في الإقامة إلا للمدة المرخّص لهم بها، وللغرض الذي دخلوا من أجله، ما لم توافق السلطات المختصة على غير ذلك.

(4) يمنح الفلسطينيون حالياً في أراضي ........... وكذلك من كانوا يقيمون فيها وسافروا إلى المهاجر متى رغبوا في ذلك وثائق صالحة لسفرهم، وعلى السلطات المختصة أينما وجدت صرف هذه الوثائق أو تجديدها بغير تأخير.

(5) يعامل حاملو هذه الوثيقة في أراضي دول الجامعة العربية معاملة رعايا دول الجامعة بشأن التأشيرات والإقامة.