القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

ممثلون أمنيون «يعدون» بخطة لتنظيم أوضاع اللاجئين إلى لبنان

تقريـر لـ«روّاد ـ فرونتيـرز» يثبـت الإصـرار على الاحتجـاز التعسفي
وممثلون أمنيون «يعدون» بخطة لتنظيم أوضاع اللاجئين إلى لبنان
متى تنظم إقامة اللاجئين في لبنان؟

مادونا سمعان - السفير

حمل اللقاء الذي عقدته أمس، جمعية «روّاد - فرونتيرز» في نقابة الصحافة لإطلاق تقريرها الجديد حول اللاجئين غير الفلسطينيين إلى لبنان إضافة وتميّزا عن اللقاءات التي سبقته خلال السنتين الماضيتين إذ لم يكن حضور ممثلين عن الأمن العام والأمن الداخلي هذه المرة للاستماع وتدوين الملاحظات فقط، بل شمل الإعلان عن خطوات جدّية، ولكن مؤقتة، قالوا أن وزير الداخلية زياد بارود يعتزم تطبيقها لحلّ مشكلة احتجاز اللاجئين لفترات تطول عن فترات السجن التي يحكمها بحقهم القضاء، وهي المشكلة الأبرز التي يناضل من أجلها المجتمع المدني.

وخرج الناشطون من اللقاء وعلى وجهوهم علامات فرحة بإنجاز أول، يعتبر الخطوة الأولى باتجاه حلّ مشكلة التعاطي مع اللاجئين غير الفلسطينيين إلى لبنان، على أن تتوج بقانون يرعى دخولهم وإقامتهم وخروجهم من لبنان.

وأعلنت العميد في الأمن العام جمانة دانيال عن انعقاد اجتماعات متتالية في وزارة الداخلية لبحث موضوع اللاجئين، شارحة «أنه بالمفهوم الإداري ينقسم الأجانب إلى فئتين: فئة أولى حصلت على الإقامة، وفئة ثانية تملك أوراق لجوء من «المفوضية العليا لشؤون اللاجئين» التابعة لمنظمة الأمم المتحدة».

واعتبرت دانيال أن المشكلة تكمن في «تخطي المفوضية للحدود المسموحة لها بعدد اللاجئين، وعدم قدرتها على إعادة توطينهم في بلدان ثالثة». شارحة أن ذلك «جعل الحاجة ملحّة لإيجاد إطار قانوني، ولو مؤقت، لتلك الأعداد من اللاجئين وإعطائهم إقامة. وبناء عليه، أوصى الوزير بارود بإحصاء أعداد الأجانب الذين يحملون أوراقاً من المفوضية والذين لم يرتكبوا جرائم شائنة».

وكشفت دانيال عن خلاف ما زال قائما بشأن مرتكبي الجرائم الشائنة الذين تصرّ الإدارات الأمنية على عدم إطلاق سراحهم قبل إعادة توطينهم أو ترحيلهم «لأن ما من أحد يتحمل مسؤوليتهم». كما ألمحت إلى إشكالية مازالت بحاجة إلى حلّ وهي قبول المفوضية بتقديم بطاقة لجوء لأشخاص يكون القضاء قد حكم بترحيلهم.

أما الرائد في قوى الأمن الداخلي زياد قائد بيه فقد أشار إلى سعي بارود إلى توقيع اتفاقية تنظيم إقامة اللاجئين بين المفوضية وبين الوزارات المعنية بدل توقيعها من قبل الأمن العام.

ولم يخل الحوار، الذي اتسّم بمعظمه بالهدوء، بين ناشطي المجتمع المدني وبين ممثلي الإدارات الأمنية من محاولة تسجيل الأهداف، كل في مرمى الفريق الآخر، فأشارت دانيال الى إنشاء مركز لاحتجاز الأجانب بتمويل من الاتحاد الاوروبي بعدما قامت الدولة اللبنانية باستملاك أرض له، ما استدعى تعليق رئيسة «رواد- فرونتيرز» سميرة طراد مفصحة أن الاتحاد الاوروبي كان قد أعلن للناشطين عن رفضه تمويل المشروع وعزمه على تمويل الدراسة الخاصة به، وانه من غير المعلوم بعد إذا كان المشروع يهدف إلى بناء نظارة (لا يتوقف فيها اللاجئ الا لثمان وأربعين ساعة قابلة للتجديد)، أو مركز احتجاز.

عندها، أوضحت دانيال أن هناك دولا أخرى سوف تموّل المشروع وأن ما يعيق الانطلاق به هي مشاكل في الأرض التي سيبنى عليها.

إلى ذلك، دار سجال آخر بين المحامي نزار صاغية وبين قائد بيه بعد إعلان الأول أنه لا يجوز توقيف شخص لارتكابه جرماً مرتين. وهو ما حصل مع أكثر من ثلاثة عشر لاجئا يتولى صاغية قضاياهم، «وقد أوقفوا مرة أولى لدخولهم خلسة وبعد الإفراج عنهم، أوقفوا للمرة الثانية للجرم نفسه» حسب المحامي. فرد قائد بيه قائلا أنه بناء على استفسار «شخصي» منه أعلن عدد من القضاة أنه يمكن محاكمة من دخل خلسة أكثر من مرة لاستمرار الجرم، مشبهاً ذلك بتعاطي المخدرات التي يتم توقيف المتعاطي على أساسها كلما ضبط بجرمه.

وكان صاغية قد قدّم مداخلة، لمناسبة إطلاق تقرير «روّاد» بعنوان «اللجوء إلى الاحتجاز التعسفي: سياسة فوق الدستور»، أشار فيها إلى أن الممارسات الرسمية تتخطى القانون، لأن عدداً من اللاجئين يتم توقيفهم من دون سند توقيف خلافاً للدستور، وأن «منهم من يتم توقيفه لثلاث سنوات دون سند، بمعنى أن الإدارة الأمنية تستنسب من يكون حراً ومن لا».

كما أعلن أنه في العام 2010 قضت كل الأحكام القضائية بالإفراج الفوري عن اللاجئين المعتقلين تعسفاً، على اعتبار أنه اعتداء على حرية الإنسان وهو جرم يعاقب عليه القانون. لكن الأحكام لم تنفذ. أمام ذلك الواقع، يقول صاغية، «بتنا أمام قضية عامة لا تطال اللاجئين فحسب بل كل اللبنانيين، وهي قضية تخطت التعدي على الحرية الشخصية لتطال التعدي على استقلالية القضاء».

وكانت مسؤولة حقوق الإنسان في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الشرق الأوسط لانا بيدس قد لفتت إلى أن هناك حقوقا من الواجب تطبيقها بغض النظر إن كانت الدولة قد صادقت أو لم تصادق على اتفاقيات حقوق الإنسان، «هي حقوق أصيلة وغير قابلة للتصرف أو الانتقاص أو التحفظ وتصل إلى مرتبة قانون العرف الدولي الذي على الدولة احترامه».

وأشارت إلى أنه تم رصد حالات عدم ضمان حقوق اللاجئين السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان، ومنها الاحتجاز التعسفي الذي يتم بشكل تمييزي وغير متناسب والغايات القانونية.

وبناء على منظومة حقوق الإنسان الحديثة، أوضحت بيدس أنه على الدول الالتزام بحماية حقوق الإنسان في جميع الأوقات، والحماية لا تقتصر على مواطني الدولة بل تشمل جميع الموجودين داخل حدود إقليم الدولة. لذلك، أوصت لبنان بـ«الإيفاء بكافة الحقوق التي للاجئ ان يتمتع بها، والتي يمكن أن تكون عبئاً كبيراً من الصعب على الدولة المستضيفة أن تقوم به بمفردها، من خلال تفعيل مبدأ «تقاسم الأعباء» الذي التزمت به دول العالم منذ أكثر من عقد مضى».

وخلال اللقاء، كانت مداخلات حول دور الإعلام في المجال، ومنها شهادة لـ«السفير» كما شهادة للزميلة «الاخبار» قدّمتها بيسان طي التي اعتبرت أن العمل ضروري ليس فقط لمعالجة قضية اللاجئين إلى لبنان، بل للبحث في العلاقة بين القضاء وبين السلطتين التنفيذية والأمنية، معتبرة أن المفاهيم اللبنانية ما زالت ملتبسة حول قضايا حقوق الإنسان.

وقدّمت طراد ملخصاً عن التقرير الذي تطلقه الجمعية، وهو يسلّط الضوء على قضية الاحتجاز التعسفي في لبنان، والذي بموجبه يسجن اللاجئ من دون سند إقامة او لفترات تطول عن مدة محكوميته. وذكّرت بالأحكام القضائية التي انتصرت لعدد من هؤلاء حاكمة بالإفراج الفوري وردود فعل الإدارات الرسمية والأمنية على هذه الأحكام، التي رفضت تنفيذها.

وخلصت طراد إلى ضرورة وضع سياسات وسن قوانين تنسجم مع التزامات لبنان الدولية و«تستثني اللاجئين وطالبي اللجوء من التجريم بفعل الدخول خلسة، وتوجد الصيغة الإدارية الملائمة لإقامتهم المؤقتة في لبنان».

هو مطلب نادى به الحضور من ناشطين وإعلاميين ومحامين ومن ضمنهم ممثل «مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين» دومينيك طعمة.