الجيش لن يكون مكسر عصا وعين الحلوة مخروق أمنياً
من يسعى الى استدراج المخيّمات الى البيدر اللبناني
وما مصلحة الفلسطينيين في الانزلاق الى الوحل الداخلي؟
الجمعة، 23 آذار، 2012
شكل الفلسطينيون في الشتات منذ نكبة 1984 القضية المركزية للعالم العربي والاسلامي وعلى الرغم من توزعهم على الدول العربية واستضافتهم في مخيمات يعتبر البؤس قاسماً مشتركاً بينها في تلك الدول، الا ان ذلك لم يمنع من ولادة «الثورة الفلسطينية» بقيادة منظمة التحرير التي تعتبر «حركة فتح» رأس حربتها ومن رحمها ولدت الحركات الثورية الاممية في عز ألق الثورة فنجح الثوار الفلسطينيون حتى حقبة الثمانينات في صنع الجبهة الثورية العالمية التي انضوى تحت عباءاتها الكثير من حركات التحرر الاممية كجماعة «بادر ـ ماينهوف» و«الجيش الاحمر الياباني» و«التوباماروس» والمناضل الاممي الشهير ايليتش راميريز سانشيز المعروف بكارلوس والمسجون حالياً في سجن لاسنتيه الفرنسي بعدما هز العالم «الامبريالي» ايام الثورة لكيلا ينام بثقله على اجساد الفقراء والمحرومين وفق الكلام المشهور للثائر العالمي تشي غيفارا.
وفي الوقت الذي تعاطفت فيه الشعوب العربية مع الفصائل الفلسطينية فتحت امام مقاتليها الجبهات وخصوصاً الجبهة الاردنية والجبهة اللبنانية حيث كرس «اتفاق القاهرة» المعروف منطقة العرقوب منطقة عسكرية تنطلق منها عمليات المقاومة الفلسطينية ضد اسرائيل فعرفت في تلك المرحلة «بفتح لاند» واذا كانت الدول العربية بمعظمها صرفت بسخاء على تمويل الثورة الفلسطينية الا ان العلاقات بينها وبين بعض الانظمة وصلت في كثير من الاحيان الى حدود الصدام العسكري يوم انزلقت الثورة عن مسارها من خلال تدخلها في الشؤون الداخلية للدول المضيفة لها وكانت البداية في الاردن اذ حاولت الثورة الفلسطينية الاطاحة بالنظام الملكي الاردني، مما ادى الى سحق بنيتها العسكرية في معارك «ايلول الاسود» حيث سقط القادة الفلسطينيين كافة في يد الجيش الاردني وعلى رأسهم ياسر عرفات ولم يتم الافراج عنهم الا بتدخل مباشر من الرئيس المصري جمال عبد الناصر بالملك حسين وتم ترحيل الثوار الفلسطينيين الى لبنان لتتكرر المسألة نفسها يوم شكلوا الوقود الاساسي والعصب العسكري والامني الذي اوغل في التدخل في الشؤون اللبنانية فاحترق لبنان من ادناه الى اقصاه وسيطر الفلسطينيون على 80 في المئة من الارض اللبنانية وهذا ما تغنى به ابو عمار اثر «اتفاق اوسلو « الذي انتج الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع بقوله: «حكمت 80 في المئة من الارض اللبنانية الا استطيع ان احكم الضفة وغزة كدولة فلسطينية».
واذا كانت الظروف قد فرضت بطريقة او بأخرى بفعل المجريات السياسية مبررات للتدخل الفلسطيني في شؤون الدول المضيفة الا ان هذا الامر لا يبرر تكرار هذه الصفحة في القرن الـ21 او بالاحرى بعد قيام الدولة الفلسطينية على اراض فلسطينية لأن تورط الفلسطينيين في شؤون دول المنطقة في المرحلة الراهنة لا يخدم الا العدو الاسرائيلي ويؤخر قيام دولة فلسطين الحرة المستقلة، فمن المعروف وفق المجريات ان الفلسطينيين في الكويت كانوا السباقين في التمهيد لاحتلال العراق تلك الدولة ايام حكم صدام حسين وكما في العراق كذلك في سوريا حالياً حيث تورطت بعض المجموعات الفلسطينية في مخيم الرمل الجنوبي في اللاذقية بالقتال الى جانب المعارضة السورية وكذلك الامر حصل في مخيم اليرموك القريب من درعا وفق اتهام دمشق لهم وكما هي الحال في سوريا كذلك هي في لبنان حيث أدت بعض المخيمات الفلسطينية دور الملجإ للفارين والهاربين من العدالة الدولية والمجموعات المتطرفة المرتبطة بتنظيم القاعدة العالمي، والمواكبون لهذا الانزلاق لا ينسون ابداً يوم تحول نهر البارد الى امارة اسلامية في الشمال بقيادة شاكر العبسي حيث دفع الجيش مئات الشهداء والجرحى والمعوقين لاقتلاع الامارة المذكورة. وعلى الرغم من ذلك لم تنجح الفصائل الفلسطينية في مكافحة جموح التيارات الاسلامية المتطرفة في مخيم عين الحلوة الذي يعتبر معقلاً اساسياً لها حيث يجتمع خليط متعدد الجنسيات والانتماءات تحت راية التطرف من «عصبة الانصار» الى «جند الله» و«فتح الاسلام» والمجموعة التي تطلق على نفسها «مجموعة عبد الله عزام» المتهمة بمحاولتها لخرق المؤسسة العسكرية من خلال الشبكة التكفيرية التي تم القاء القبض عليها والمرتبطة بمحمد توفيق طه المتواري في ازقة عين الحلوة والذي يعتبر خليفة لعبد الرحمن عوض الذي بويع اميراً لـ «فتح الاسلام» وفي الوقت الذي يجهد فيه المسؤولون اللبنانيون والفلسطينيون على تسليمه للعدالة اللبنانية، الا ان هذه المسألة باتت غارقة في مد وجزر داخل عين الحلوة وربما السبب يعود الى اختلاف الفصائل فيما بينها حول قضية التسليم، فلماذا تمارس بعض الفصائل دوراً تحريضياً على الجيش، فهل تصب هذه الاعمال في الاستقرار الداخلي واستقرار المخيم ام انها تقدم خدمة مجانية لاسرائيل لا سيما ان بعض المسؤولين اللبنانيين يخشون من انزلاق المخيمات في لعبة الانقسامات اللبنانية ما يزيد من تعقيداتها ويجعل الفلسطينيين يدفعون الثمن مجدداً في بازار لا «ناقة لهم فيه ولا جمل» كون مخطط هنري كيسنجر قد استهلك وان لبنان ليس وطناً بديلاً للفلسطينيين.
المصدر: الديار