القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

هبة وأشقاؤها لا يرغبون بإعادة بناء منزلهم المدمّر!

هبة وأشقاؤها لا يرغبون بإعادة بناء منزلهم المدمّر!


"لا أريد العودة لبيتنا الجديد، سأظل هنا حتى أكبر"، لأن هاجس الحرب ومشهد القصف الذي استشهدت فيه والدة الطفلة خديجة الشنباري واثنين من إخوتها، لا يزال يلاحقها في أحلامها.

ولخديجة (8 أعوام) وإخوتها قصة مع معهد الأمل للأيتام الذي كُتب لها أن تزوره منذ عام 2011 حينما توفي والدها في حادث سير، ثم أصبح مركزًا لإيوائها هي وأهلها في العدوان الأخير على غزة، إلى أن أصبح بيتها الدائم بعد استشهاد والدتها.

"لو بقينا هنا في المعهد فلن يقصفونا اليهود مرة ثانية، أما بيتنا الجديد فسيقصفوه وسأموت مثل أمي"، تقول خديجة وهي تشير بيديها، محاولة ببراءة تفسير سبب تفضيلها للبقاء فيه.

وتتابع "حينما كنا في بيتنا قصفته الطائرات، وخرجنا إلى المدرسة ولحقونا هناك واتصلوا ليقصفوها، وكذبوا علينا حينما قالوا لنا اخرجوا، لأنهم قصفوها ونحن فيها وماتت أمي وإخوتي".

ويقيم خمسة "لطماء" من عائلة الشنباري في معهد الأمل، في حياة جديدة عُوضوا فيها عن بعض ما دفنه الاحتلال الإسرائيلي من مقتنياتهم وألعابهم تحت ركام منزلهم.

"لعبة وسرير"

وتقول خديجة "هنا في ألعاب ودببة، ولي سرير لوحدي، ونأكل ونشرب كل يوم وكل شيء"، أما في منزلها فلم تكن تملك سريرًا خاصًا بها.

ولم يسعفها صغر سنها، لإدراك معنى فقدانها لأمها وأبيها بعد، فالاحتلال بقتله للأم قزّم أحلامها وحصرها في مجرد "أن تكون بصحبة لعبة أو أن تمتلك غرفة خاصة بها".

"أمي ماتت وهي ساجدة وكل يوم أراها في منامي وفيها من الدم على صدرها ورأسها"، كلمات تصف بها شقيقتها هبه (9 أعوام) مشهد استشهاد والدتها المترسب في قلبها وعقلها.

وتقول "إخوتي الكبار يبنون لنا بيتًا جديدًا، وقالوا لنا أنهم سيشترون لنا سريرًا جديدًا وألعاب فيه، بعد أن يكملوه".

وتستدرك "لكن أنا سأظل مع خديجة وعبد الله هنا، لكن سنزور بيتنا الجديد كل يوم خميس".

وتتابع "لا نريد أن ننام فيه لأنه قريب من الدبابات"، ففي المنطقة الحدودية لبيت حانون مسقط رأس الأسرة، يُبنى المنزل الجديد.

وكان معهد الأيتام مركز الإيواء الذي شمل من تبقى من أفراد عائلة الشنباري خلال العدوان الأخير على غزة، بعد قصف مدرسة "أبو حسين" شمال القطاع.

بلا أم

واستأجر الشقيق الأكبر محمد منزلاً يأويهم بعد انتهاء الحرب، إلا أن ضيق الحياة وعدم قدرته على تحمل مسئوليتهم، بالإضافة لضيق مساحة الشقة، دفعهم للذهاب إلى المعهد، والبقاء فيه.

وكما هبة وخديجة، عبد الله (10 سنوات) الذي يعتبر مسئولة قسم الإيواء "رويدا" أمه، لدورها في دعمه وتقربها إليه ورعاية شئونه، كما باقي الأطفال الأيتام المقيمين في القسم.

ويقول "لا أتذكر أبي لكني أتذكر أمي حينما أصيبت في يدها ورجلها، في قصف المدرسة أيام الحرب".

ولا تزال شظايا من القذيفة التي قتلت الأم، داخل جسد عبد الله، حيث أصيب في عدة أنحاء من ظهره وقدمه في القصف.

تفريغ الصدمات

ويحيي الأطفال اللطماء مع أقارنهم من الأيتام داخل المعهد العديد من الأنشطة، التي يحاول القائمون عليها مساعدتهم على تفريغ ترسبات الحرب الأخيرة، وتجديد الحياة من حولهم.

ووصل عدد الأيتام الذين استشهد أباءهم أو أمهاتهم أو الاثنين في حروب الاحتلال على غزة، أكثر من ألفي يتيم، وفقًا لإحصائية أخيرة لوزارة الشئون الاجتماعية.

وتقول رئيس قسم الإيواء في معهد الأمل رويدا كسّاب لوكالة "صفا" إن الأطفال يعانون من ترسبات الحرب، وفي أقل موقف أو سؤال من شخص خارج المعهد، يستحضرون مشاهد القصف التي استشهد فيها أباءهم وأمهاتهم.

ولكنها تؤكد أن إدارة المعهد وعبر العديد من الأنشطة الرياضية والفنية والدينية والترفيهية أن تزيل بعضًا من هذه الترسبات، عبر الدعم والتفريغ النفسي للأطفال.

وتضيف أن المعهد أصبح بالنسبة للأطفال منزلهم، وأصبحوا لا يشعرون بالاستقرار إلا بتواجدهم فيه، معتبرة أن وجودهم الجماعي داخل الأقسام ينسيهم إلى حد ما تعرضوا له من صدمات.

المصدر: وكالة صفا