هل تـبدد مشاريع التسوية
حلم العـودة!
التطمين بحسن نيّة "إسرائيل" تجاه حق العودة
للفلسطينيين يشبه لحد كبير تطمين جندي مُسرّح خارج الوطن لزميله القديم الرابض في الخط
الأمامي للمواجهة بحتمية النصر ! .
الحديث عن المشاريع السياسية وعلاقتها بحق العودة
"متبّلٌ" بكثير من الترغيب المنتهي حتماً بواقع أليم يفيد المحتلّ ويبعد
الفلسطيني مسافات عن حقه في العودة.
القبول بالاتفاقيات السياسية المنحازة للاحتلال وولوج
المفاوض الفلسطيني إلى نفق المفاوضات منح الكيان المحتلّ الوقت الكافي للتهويد والاستيطان
فانتزع منه حقها الباطل في الوجود، شاطبين بذلك معاً حق العودة.
آثار سلبيـة
"إذا كان الطائر يحنّ إلى وكره، فإن الإنسان أحق بالحنين إلى وطنه"
الكلام للجاحظ، وللحق للفلسطيني المهجّر منذ خمس وستين سنة عنوةً من أرضه.
سلسلة المشاريع السياسية تطول ولقاءات التسوية تحلّت
بكثير من المساحيق فبدأت بمشروع "روجرز-ريغن-بيغن- شارون-كلينتون-مشروع السلطة
الفلسطينية ونهاية أسوأها أوسلو".
ويرى المحلل السياسي د.عبد الستار قاسم أن كل المشاريع
السياسية كانت سيئة على الإطلاق، وأن الميثاق الوطني خاصّةً أثّر سلباً على القضية
الفلسطينية.
وأضاف: "نقل الميثاق القضية من بعدها القومي إلى
بعدها الوطني، فكان فاتحة تدرج في تقليص البعد الإسلامي والقومي للقضية، وبالتالي أثّر
ذلك سلباً على حق العودة".
ولعل أخطر تلك المشاريع -حسب رأي المحلل قاسم- اتفاقية
"أوسلو" لأنها اعترفت بالاحتلال، وذلك مفاده التخلي عن حق العودة ما منح
الكيان فرصة ذهبية ليصبح جزءًا من المنطقة.
أما الباحث في شئون اللاجئين د.عصام عدوان فأكد أن
صفة المشاريع السياسية عامةً أنها لم تشمل دعماً عربياً مخلصاً لقضية الفلسطيني وحقه
في العودة.
وأشار أن الدول العربية وقعت كثيرا من الاتفاقيات منها
هدنة 1949 و"كامب ديفيد ووادي عربة" وكلها لم تحمل توجهاً واضحاً لدعم الفلسطيني
ووطنه ولم تقدم دعماً واضحاً للمقاومة المشروعة.
ومن خبرته كباحث في التاريخ؛ يقول الدكتور أحمد الساعاتي
إن قرار 194 سنة 1948 أقرّ بحق العودة للديار لكن المادة رقم 7 تجنبت القدس.
وأضاف: "منذ سنة 1948 صدر أكثر من 50 قرارا عن
الأمم المتحدة تؤكد على حق العودة ضربت بها إسرائيل عرض الحائط ولم تكترث بها"
.
وألمح إلى خطورة مشاريع التسوية السرية والمفاوضات
الخفية التي كشف عنها الاحتلال مثل "وثيقة أبومازن-بيلين ووثيقة أيالون وجنيف
وأنابوليس .." وقد كانت تدار من جهات أمنية تنازل فيها المفاوض عن حق العودة.
وانتقد تصريحات رئيس السلطة الأخيرة التي قال فيها
صراحة إنه "يتفهّم رفض إسرائيل لحق العودة والموقف الإسرائيلي" رغم أن ذلك
الحق لا يسقط بالتقادم ولا تجدِ معه الإنابة أو التمثيل؛ فهو فردي وجماعي.
المستفيد الوحيد
في "إسرائيل" يسابقون عقارب الساعة فيلتهمون
المزيد من أراض القدس والضفة ويهوّدون كل حجر وطريق يثبت للفلسطيني والمسلم حقه في
فلسطين.
وقال المحلل قاسم إن الاتفاقيات والمشاريع السياسية
منحت "إسرائيل" الوقت وطبّعت العلاقات بين من كان بالأمس القريب فقط عدواً
!.
وتابع: "طبّعت بعض الدول العربية علاقاتها التجارية
والاقتصادية مع إسرائيل، وخرج مثقفون من تلك الدول يهاجمون المقاومة ويسمونها إرهابا
فانقلبت المفاهيم".
أما الباحث الساعاتي فأكد أن الكيان المحتلّ رسخّ الكثير
من الوقائع على الأرض فبنت خطتها على كافة الاتفاقيات السابقة وأضحت تخطط الآن للتخلص
من فلسطينيي 1948 مقرّة صراحة أنها لن تسمح بعودة اللاجئين.
وأضاف: "لديهم رؤية تشترط فقط عودة آلاف اللاجئين
إلى الضفة وغزة وتكون هي من يوافق عليهم وذلك أشبه بقرارات لم الشمل وقد طلبوا من الفلسطينيين
التوقيع على ذلك".
ورأى أن الجانب الفلسطيني خسر الكثير خلال سنوات من
المفاوضات بينما انتزعت "إسرائيل" اعترافاً بوجودها على أرض 1948 من الرئيس
الراحل عرفات مقابل الاعتراف بمنظمة التحرير ونبذ المقاومة.
ونوّه الساعاتي إلى حالة الإجماع الرسمية والشعبية
في إسرائيل على رفض حق العودة والذي اتخذته منظمة التحرير واقعاً أساسياً للحل فقبلت
قرار الأمم المتحدة 242 الذي نبذته حين صدر ! .
وحذّر من خطوة ما حملته المبادرة العربية وقرار
242 التي جسدت فلسطين كأرض وحدود بينما هي قضية وجود شعب وبذلك لم قرار 194 عن حق العودة
مجدياً.
عقبات حق العودة
علاوة على الواقع الأليم والمشاق أمام الحالمين بالعودة
والتحرير هناك الكثير من العصي في الدواليب والحجارة في طريق العاملين لاستعادة الحق.
ويلخّص الباحث عدوان تلك العقبات في تشرذم الفعل الفلسطيني
وعدم تبني الأمة العربية والإسلامية لحق العودة والدفاع عنه ودعمه.
وأوضح أن حق العودة يفتقر لقرارات دولية حاسمة وواضحة
تثبت حق اللاجئ الفلسطيني في العودة إضافة إلى وجود عدوان "إسرائيل" المتواصل
الذي يشكل أكبر عقبة.
ويستبعد عدوان وقوف الدول لجوار حق الفلسطيني طالما
يعيش الطيف الفلسطيني حالة تشرذم تحول دون وقوفه بقوة أمام المشروع الصهيوني رابطاً
تحقيق الوحدة بإمكانية كسب الرأي العربي والإسلامي نحو القضية.
أما على صعيد الاحتلال فأكد المحلل السياسي عبد الستار
قاسم أنه بدأ تتضرر مصلحته في الوقت ذاته الذي تتدهور القضية الفلسطينية أيضاً.
وأضاف:"لم تخرج إسرائيل في السنوات السابقة بانتصارات
سواء في لبنان أو غزة خاصة أن المقاومة ضربت عمق الاحتلال مذكرةً بحق الفلسطيني في
أرضه المحتلة".
ويرافق تراجع المشروع الصهيوني
تحولات في الربيع العربي بحاجة لسنوات ليكون إيجابياً نحو حق الفلسطيني وقضية العودة
للمدن والقرى التي هاجر منها قبل خمس وستين سنة.