هل
يفرض المجتمع الدولي رؤية جديدة لإعمار غزة؟
الجمعة ، 13 آذار، 2015
لم يعد
من المستغرب أن تضغط دول أوروبية وغربية على السلطة الفلسطينية وبعض الجهات العربية
لوقف عرقلتهم لإعمار قطاع غزة، حيث تحاول السلطة ومعها أطراف عربية خنق حركة حماس ومعها
الشعب الفلسطيني في غزة لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الوضع الانساني المتدهور للمواطنين.
ومن المفارقة
أن دولا اوروبية باتت تطالب هذه الأطراف بوقف عرقلة الاعمار خشية انفجار الاوضاع في
القطاع، الذي ينتظر عشرات الالاف من قاطنيه اعادة اعمار بيوتهم بعد أن دمرتها الحرب
الإسرائيلية قبل سبعة أشهر.
اللافت
والغريب أن (إسرائيل) أصبحت متقدمة على الكثير من الأطراف العربية فيما يتعلق بالوضع
في قطاع غزة وعلى رأسها مصر التي تفرض حصارا خانقا عليه، وذلك لأنها تدرك مصالحها جيداً
وتسعى إلى أطول فترة من الاستقرار على حدودها، فهي تعلم أن تأخير الاعمار يعني انفجارا
قريبا، كما تدرك أن حدة العداء المصري لغزة وخنقها سيدفع الاخيرة للانفجار في وجه الاحتلال
وليس مصر.
وقد حمَّلت
خمس دول أوروبية السلطة الوطنية ومصر والدول الخليجية المسؤولية عن التأخير في إعادة
إعمار قطاع غزة، وتناقلت وسائل الاعلام خبراً مفاده أن دبلوماسيين يمثلون خمس دول أوروبية
هي ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا، اجتمعوا مع مسؤولين في السلطة الفلسطينية
قبل أيام في رام الله ونقلوا رسالة احتجاج شديدة للقيادة الفلسطينية حول عدم التعاون
الكافي بكل ما يتعلق بإعمار قطاع غزة.
كما عقد
ممثلو هذه الدول اجتماعًا مماثلًا في القاهرة، وعبَّروا خلاله عن استيائهم وقلقهم من
عدم تعاون مصر مع عمليات إعادة الإعمار ومواصلتها إغلاق معبر رفح لفترات طويلة.
كما أجروا
لقاءات مع دول خليجية، وعبروا عن احتجاجهم من عدم إيفاء تلك الدول بتعهداتها بتحويل
مئات ملايين الدولارات لإعمار قطاع غزة الأمر الذي يتسبب بإعاقة حل الأزمة.
وتأتي
هذه الاحتجاجات الاوروبية بعد عدة زيارات قام بها مسئولون دوليون وأوروبيون والذين
رفعوا تقارير عن وضع غزة لدولهم تؤكد تدهور الاوضاع، إلى جانب حديث روبرت سيري العلني
عن وضع غزة الكارثي واتهامه لمصر بعرقلة الاعمار وتشديد الحصار على غزة.
ويبدو
أن رؤية دولية جديدة بدأت تتبلور حول وضع غزة في ظل عرقلة السلطة الفلسطينية واطراف
عربية للإعمار، وهذا يفسر ما كشف عنه مصدر خاص لـ"الرسالة " عن توجُّه لدى
النرويج لتشكيل لجنة إعمار خاصة في قطاع غزة على غرار "اللجنة القطرية"؛
من أجل تنفيذ مشروعات إعمار، والاشراف عليها.
وذكر
المصدر أن مقترحا قدّم لوزارة الخارجية النرويجية ورئيسة الوزراء، يقضي بأن تدشّن النرويج
لجنة إعمار خاصة بها؛ بهدف ضخ أموال الاعمار، وسحب الذرائع من الأطراف التي تعيق ذلك،
والمقصود بها السلطة ومصر.
المصدر
أكد أنه تولدت قناعة لدى الأوروبيين بأن السلطة تريد إعاقة الإعمار لمنفعة سياسية،
كما باتوا قلقين من دور السلطة الفلسطينية، ويخشون إحجام الأخيرة عن إرسال الأموال
إلى قطاع غزة بعد وضعها في خزيتنها، إضافة إلى خشيتهم من إعاقة تنفيذ مشروعاتهم.
هذه الخشية
جاءت بعدما صادرت السلطة بالفعل بعض الاموال التي وصلتها لاعمار غزة وادخلتها في خزينتها
لدفع رواتب موظفيها وهذا ما جرى بعد تحويل المنحة القطرية قبل عدة أشهر والتي كانت
مخصصة لغزة.
كما ان
زيارة السفير القطري ورئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة محمد العمادي، تصب في ذات
الاطار، بعدما بات واضحا للجميع أن الآليات المتبعة في الاعمار ستجعله يحتاج لعقود
طويلة وهذا ما اكدته التقارير الدولية.
تصريح
العمادي بأن قطر ستبدأ بإعمار ألف وحدة سكنية خلال أيام وأن منحة المليار دولار التي
تعهدت بها بلاده خلال مؤتمر اعادة الاعمار في مصر ستذهب بالكامل لغزة تعكس عدم ثقة
هذه الأطراف بالسلطة الفلسطينية وحكومة التوافق التي كانت مهمة تلقي الاموال واعمار
القطاع منوطة بها لكن ما جرى هو أنها لعبت دورا كبيرا في تعطيل الاعمار واطالة أمد
معاناة المواطنين.
ويظهر
الدور المصري في تعطيل الاعمار من خلال استمرار اغلاق المعبر وعدم ادخال مواد الاعمار
من الجانب المصري كما كان متوقعا وهذا ما دفع قطر الى ادخال عدة شاحنات بالتزامن مع
زيارة سفيرها لغزة من معبر كرم أبو سالم، كما أن السفير نفسه دخل عبر ايرز بعدما تعذر
دخوله من معبر رفح.
وتأتي
هذه الرؤية الدولية في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة العربية تحالفات جديدة بعد تولي
الملك السعودي الجديد مهامه، حيث من الواضح أن عدة أطراف عربية ودولية تعمل على اعادة
استقرار اوضاع المنطقة والتي لا يمكن ان تستقيم دون تهدئة الاوضاع على الساحة الفلسطينية
وخاصة غزة التي قد يؤدي أي انفجار للأوضاع فيها إلى المزيد من التدهور في المنطقة العربية.
المصدر: الرسالة نت