هل يقف الفقر حاجزاً أمام التفوق الدراسي؟
الخميس، 23 شباط، 2012
يعتبر الفقر إحدى الحواجز المهمة التي تقف حائلاً ليس فقط دون التفوق الدراسي بل أيضا دون استكمال سنوات الدراسة لدى الطلاب الفلسطينيين في لبنان، خاصة بعد المرحلة الثانوية، وهذا ما يحصل لدى الكثير من عائلات اللاجئين، حين يضطر رب الأسرة مرغماً على اتخاذ قرار تحديد الاولويات بين ابنائه الطلبة لاستكمال الدراسة خاصة على المستوى الجامعي، فمدخول العائلة لا يكفي لان ينفق على اكثر من طالب واحد، واحيانا اخرى تتوقف مرحلة التعليم عند المرحلة الجامعية لتعذر وجود النفقات، وفي كثير من الاحيان حاجة العائلة للنفقات الاساسية تكون سببا رئيسيا لتوقف طلابا عن الدراسة في وقت مبكر وبرضى اسري والتوجه الى سوق العمل للمساعدة في تحسين مدخول الأسرة.
وقد اثبتت الدراسات التربوية والاجتماعية والنفسية بأن الطالب الذي يحصل على حاجاته من الغذاء والدواء والكساء والايواء المناسب وبيئة مساعدة من مدرسة وطاقم تعليمي ومجتمع محلي واسرة تحصل على المستوى الطبيعي من العيش الكريم دون الخوف من المستقبل او القلق على مصير بقية افراد الاسرة ومنزل يمتلكه حتما سيكون له مردوده الايجابي ليس فقط على التحصيل الدراسي عند الطالب فقط ولكن على المستوى النفسي والاجتماعي والثقافي والتربوي والصحي والتطلع الدائم لغد افضل للطالب والعائلة والمجتمع بشكل عام.
على رغم صغر سنها إلا أن حالة الطالبة نور خالد عيسى (8 سنوات) تشكل ظاهرة تتميز بها عن بقية العموم من الحالات، فالطفلة نور من قرية صفورية قضاء الناصرة بفلسطين وتسكن في حي الرأس الأحمر في مخيم عين الحلوة، ولدت نور في نفس السنة التي تهجَّرت فيها عائلتها من العراق الى لبنان في العام 2004 بعد الاحتلال، ولهذا سمَّاها والداها نور تفاؤلا بمستقبل بعد معاناة تهجير مريرة. العائلة حاليا من فاقدي الاوراق الثبوتية، نور في الصف الثاني إبتدائي في مدرسة الناقورة التابعة لوكالة "الاونروا" في مخيم عين الحلوة للاجئين والحائزة على درجة الامتياز في صفها 94% .
"ثابت" زارت نور في منزلها واطلعت على أوضاع العائلة المعدمة، ففقدان النسبة الاكبر من الاحتياجات الضرورية للعائلة ولنور لم تشكل حائلاً أمام الطالبة الواعدة من تحويل المحنة وبمساعدة العائلة الى فرصة لكسر كل المعوقات وإبراز كل مكونات التحدي لديها لأنها وبكل بساطة تقول بانها تحب العلم والتعليم وترغب بان تصبح معلمة لغة عربية في المستقبل لتساعد اهلها وتنتشلهم من حالة الفقر التي يعيشون، وتخدم ابناء شعبها وعموم الناس الى ان تعود الى قريتها صفورية في فلسطين، ولا تخجل نور عندما تشكر وتفخر بزميلاتها في المدرسة الذين بادروا وتعاونوا سوية ودفعوا من مصروفهم الخاص من اجل جمع مبلغ ليساعدوا فيه الطالبة المحتاجة، فوالد نور يعمل في جمع الخردة لاعالة عائلته المؤلفة من خمسة انفار، حاله كحال الكثيرين من ابناء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عموماً ومخيم عين الحلوة خصوصاً، ويأتي آخر النهار ليشتري حاجات عائلته وكثيرا ما تكون السلة شبه فاضية مع اضطراره لدفع (66$) شهرياً مقابل استئجاره للبيت الذي يقيم فيه.
تضيف نور "اهلي دائما يفكرون بمستقبل العائلة واسمع ابي دائما يتحدث عن الكثير من القضايا مع والدتي، عن وثائقنا ومستقبلنا ومنزلنا في العراق الذي لم اره ابدا وعن فلسطين...، واشفق عليه عند عودته من عمله في اخر النهار خاصة وان مهنته فيها الكثير من المخاطر عدا البرد القارس في فصل الشتاء او حر الصيف اذ يضطر الى الخروج في الصباح الباكر ليلتقط بعض القطع ويبيعها في السوق لشراء احتياجاتنا". ويقول السيد خالد والد نور بان لدى ابنته ميزة ليست كغيرها من اخواتها او حتى قريناتها من الذكاء، ولم يكن الفقر يوما حاجزا امام استمرارها في دراستها والحصول على افضل العلامات، ولكن لا يخفي الاب قلقه على مستقبل ابنته والعائلة في حال كبرت نور وأرادت بالفعل أن تكون معلمة لغة عربية، في ظل فقدان العائلة للاوراق الثبوتية.
المصدر: منظمة ثابت لحق العودة