هواجس فلسطينيّة
الثلاثاء، 22 حزيران، 2011
غالباً ما يجد الفلسطينيون أنفسهم في لبنان وفي الدول المحيطة وسط هواجس متعددة، بعضها كان حلماً ثم تحوّل كابوساً، وبعضها الآخر يتعلق بالحياة اليومية التي تحددها لهم منظمات دولية، وتحتكرها عادة الأونروا. الحلم كان اعتماد استراتيجية الحدود والعودة عبر اختراق البوابات أو المعابر أو الأسلاك الشائكة الحدودية. وإن كان الجميع على يقين بأن هذه الخطوة لن تؤدي إلى عودة سريعة، فإنّها مثّلت أسلوباً جديداً في محاولة هزّ الحدود الإسرائيلية، وإيقاظ العالم مجدداً على واقع الفلسطينيين في الشتات، وخاصة في دول الطوق، وعلى ضرورة إيجاد حلول جذرية لمعاناتهم بعد 63 عاماً من الهجرة القسرية والموت اليومي. فكان أن استغل البعض اندفاعة الفلسطيني في مخيمات سوريا لمشاهدة أرضه والموت أقرب ما يمكن إليها، فأخذ بضع مئات منهم ليكونوا قرباناً على الحدود لطموحات سياسية خاصة ومتواضعة.
أما في لبنان، فلا تزال المخيّمات تعيش ألف غصّة وغصّة. فهي تعاني ما تعانيه مع السلطات السياسية اللبنانية التي لا تجد فيها إلا بؤراً للإرهاب، تعمد إلى إشعالها حين يمكن ذلك أن يفيد في تبييض صفحة رجال السياسة والأمن والعسكر أمام الولايات المتحدة، ثم تغلق كل الأوساط آذانها أمام وضع الفلسطينيين في المخيمات.
الأونروا هي الشاهد الدولي الأخير على قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والعالم، وهي مدخل حقيقيّ لتصفية قضية اللاجئين نهائياً، بصمت وبهدوء. ومن هذا الباب، فإن أغلبية اللاجئين يحملون الهاجس بأن قضيتهم ستنتهي على أيدي من يديرون الأونروا حالياً، أو لاحقاً، ولديهم من أسباب الشك ما يقنع.
الصراع الجدّي اليوم هو على أرقام اللاجئين، إذ إن كل الدبلوماسيين الإسرائيليين يقولون إن في لبنان بالكاد 40 ألف لاجئ (أي الرقم الذي شرّده رئيس جمهوريتنا والرئيس الأسبق فؤاد السنيورة من مخيم نهر البارد) والباقي قد أصبح في ألمانيا بحسب المصادر الإسرائيلية. ولكن في واقع الأمر، فإنّ في لبنان أربعمئة ألف لاجئ في المخيمات، يتوزّعون أساساً على 12 مخيماً حول البلاد.
ومنذ أسابيع قليلة، تحدث السفير الفرنسي أمام عدد من الشخصيات اللبنانية عن نيّة بلاده ترحيل عدد كبير من اللاجئين في لبنان إلى عدد من الدول التي توافق على استيعابهم، والعدد هو بحجم قدرة هذه الدول على الاستيعاب.
وكالة التنمية الأميركية نفسها وقّعت قبل ثمانية أشهر اتفاقاً مع منظمة فلسطينية تعمل في مجال حقوق الإنسان، ودفعت لها ثلاثة ملايين دولار لجمع معلومات عن الفلسطينيين في لبنان، بغية دراسة أوضاعهم وتركيبتهم الاجتماعية.
وتقول مصادر فلسطينية إن مدير الأونروا سلفاتور لمباردو متورّط في خطوات حقيقية ومشروع يؤدي إلى توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهو يجري اتصالات مع دول أوروبية في هذا المجال. وتضيف أن لمباردو حصل باسم الأونروا على تمويل من وكالة التنمية الأميركية لجمع معلومات عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ووظّف خمسة مديرين (مدير في كل منطقة) أجانب لإدارة هذا المشروع وتنفيذه، وذلك خلاف الأنظمة والقوانين التي تفرض على المنظمة توظيف لبنانيّين في الإدارات، ما يزيد من قلق الفلسطينيين بشأن ما يعدّ لهم.
وتشير هذه المصادر إلى أن هناك لغطاً كبيراً بشأن قرار الأونروا تغيير اسمها من «المنظمة الدولية لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين» إلى «منظمة لاجئي فلسطين». والفرق بين الاسمين شاسع، علماً بأن الأونروا أعلنت أن التغيير في الاسم هو لضرورات فنية ولتغيير شكل صفحة الموقع الإلكتروني، كما لإعلان هوية الأونروا بصفتها متخصصة في لاجئي فلسطين، ولتمييزها عن منظمات دولية أخرى.
وتضيف هذه المصادر أنه أثناء انتخابات حركة فتح الجارية الآن في لبنان، حضر مندوب عن الأونروا كل هذه الانتخابات بتوجيه من لمباردو. ولكن مصادر في فتح أعلنت أن ممثلاً عن الأونروا حضر جلسة افتتاحية للانتخابات في بيروت، ثم غادر مع بدء العملية الانتخابية. وتضيف المصادر الفلسطينية أن من إشارات ما يخطط له لمباردو التأخر في إنشاء منازل اللاجئين وتسليمها في مخيم نهر البارد، من دون أي مبرر، إذ لا يزال هناك 5600 وحدة سكنية لم تسلَّم، علماً بأن لمباردو لا يزال يملك مبلغاً يصل إلى 120 مليون دولار لم يُتصرّف به في الإعمار بعد.
هذه المصادر تقول إن تحركات في المخيم قد تحصل قريباً، بعد تراكم الهواجس والقلق والمعلومات لدى اللاجئين.
المصدر: جريدة الأخبار