هواجس وتساؤلات حول مقعد فلسطين في مخيم عين الحلوة
الثلاثاء، 13 أيلول 2011
تنتاب سكان أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان هواجس وتساؤلات عدة على عتبة استحقاق الاعتراف بمقعد الدولة الفلسطينية المستقلة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، في أيلول الجاري. فسكان عين الحلوة، أو عاصمة الشتات الفلسطيني، وضعوا أمام خيارات صعبة، وتساؤلات أصعب، فهم يرغبون في اعتراف الشرعية الدولية بفلسطين. ولكن «هل سيبقى الاعتراف الدولي حبراً على ورق، على غرار أوسلو، وما هي آلية تطبيق ذلك الاعتراف على الأرض؟. وأين القدس من تلك الدولة، وما هو مصير حق العودة، والقرار 194، ومصير اللاجئين في الشتات؟. وماذا عن التوطين... إضافة إلى هواجس، مثل «هل توزان القوى مع العدو الإسرائيلي يسمح بولادة الدولة الفلسطينية؟. وماذا عن الفيتو الأميركي، وهل الوضع العربي بأفضل حال لفرض قرار من هذا النوع، ليس على إسرائيل فحسب، بل على العالم؟».
في جولة لـ «السفير»، في أزقة المخيم المزدحمة بشكل دائم، والتي تضيق بأهلها، رفعت «فتح» وعدد من فصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» لافتات التأييد لإعلان الدولة الفلسطينية. لكن في المقابل، للاجئ الفلسطيني المنشغل بهموم حياته اليومية، المعيشية، والأمنية، والصحية، والاستشفائية، رأي آخر، حيث يرى طاهر محمد شناعة «أن يصبح لنا دولة لها عضوية في الأمم المتحدة، إنجاز عظيم سيعيد القضية الفلسطينية إلى واجهة الصراع مع الاحتلال»، عارضا لمخاوفه «كيف سيكون ردّ فعل إسرائيل؟. وهل ستعمل على تهجير فلسطينيي الـ 48، تحت ذريعة: لكم دولة؟». ويسأل عن «مصير اللاجئين الفلسطينيين، خصوصاً في لبنان. وهل سنتحول إلى جالية وتزول صفة اللاجئ عنا؟. وهل ستفرض علينا في كل عام تأشيرة عمل وإقامة، في الوقت الذي نعيش فيه أوضاعا اقتصادية سيئة في المخيمات؟». بالإضافة إلى «مصير وكالة الأونروا، بصفتها المعنية بإغاثة وتشغيل اللاجئين، وهي الشاهد الحيّ على مأساتنا».
بدوره، يناشد محمود طه عثمان (حداد باطون) الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والقيادة الفلسطينية، «الإصرار والذهاب إلى الجمعية العامة، وعدم الالتفات إلى الوراء عبر الوعود بإعادة المفاوضات أو غيرها من الضغوط، لأنكم جربتم العدو الإسرائيلي 18 عاماً بالمفاوضات ولم يقدم شيئا سوى المماطلة والتهرب»، مشيراً إلى أن ذلك «الاعتراف سيدفع الشعب الفلسطيني لتصعيد الانتفاضة الثالثة حتى تحقيق الإنجاز». أما بهية صالح محمد، فتقول: «إن شاء الله، تعترف الأمم المتحدة بعضوية الدولة الفلسطينية. وهو ما نتمناه ونناضل من أجله منذ 1984». لكنها تستدرك: «في مثل شعبي بيقول: يللي بيجرب المجرب بيكون عقله مخرب. ونحن منذ النكبة نركض وراء الأمم المتحدة، بدون جدوى، لأنها تخضع للهيمنة الأميركية الإسرائيلية»، معتبرة أن المنظمة الدولية «منحازة وغير عادلة وما بحك جلدك إلا ظفرك، يعني ما بترجع فلسطين إلا بالقوة والمقاومة».
في المقابل، ترى أمينة عبد الله شحادة «أننا ننتظر تلك اللحظة ويصبح لنا دولة فلسطينية كاملة العضوية في الأمم المتحدة. وسيتحول ذلك اليوم إلى عرس وطني إذا تحقق»، لافتة إلى أنه «برغم قناعاتنا المسبقة بأن أميركا ستمارس كل أشكال الضغط على الأمم المتحدة، وعلى الفلسطينيين، لعدم الاعتراف بعضوية دولة فلسطين، نقول للقيادة الفلسطينية: إذهبوا إلى الأمم المتحدة ولا تبالوا بأميركا وإسرائيل». غير أن إبراهيم سعيد عباس «غير متفائل بتلك الخطوة كثيراً، لأن الضغط الأميركي والفيتو جاهز ليعطلها وينسفها من أساسها». ومع ذلك يرى أن «الاعتراف بعضوية دولة فلسطين، هو خطوة أولى باتجاه إقامتها على كافة الأراضي الفلسطينية، ما يحتاج إلى وحدة كافة القوى وتوحيد الجهود لمواجهة الاحتلال بعد ذلك الاعتراف».
إلى ذلك، يلفت أمين سر «لجنة الدفاع عن حق العودة» في مخيمات صيدا فؤاد عثمان إلى أن «يوم الاعتراف بمقعد فلسطين سيكون محطة مفصلية بالنسبة لجمعية العامة، فإما أن تنجح في إعلان الحق بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة الكاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران 1967. وإما ستسقط أمام الامتحان وبالتالي ستفقد شرعيتها». وأبدى عثمان تخوفه من أن يستجيب «أبو مازن للضغوط الأميركية والإسرائيلية، ويتراجع تحت ذريعة العودة للمفاوضات»، وقال: «عندها سندعو شعبنا الفلسطيني أولاً، والشعوب العربية وأحرار العالم إلى تحركات تعمّ كل الأراضي الفلسطينية وأماكن الشتات، وكل الوطن العربي والعالم، للتأكيد على الاعتراف بعضوية الدولة الفلسطينية». وخلص إلى «أننا كلاجئين فلسطينيين نعتبر أن منظمة التحرير، هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني وليس السلطة الفلسطينية. وبالتالي نرفض أي محاولة لشطب المنظمة عبر الاعتراف بالدولة. كما نرفض المساس بوكالة الغوث باعتبارها الشاهد الحيّ على قضية اللاجئين الفلسطينيين. كما نرفض رفع صفة اللاجئيين عنا في المخيمات حتى لا يُشطب حق العودة».
المصدر: محمد صالح – السفير