القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

تقارير إخبارية

يرونه بعيداً ونراه قريباً

يرونه بعيداً ونراه قريباً

الثلاثاء 17 أيار 2011
عبد الرحيم شلحة - السفير

«شهيد العودة» خليل أحمد محمد حظي بما تمناه. فقد استشهد من أجل فلسطين، لكن أمنيته بقيت على بعد مترين من الوطن، على الرغم من أنه بقي يرشق العدو بالحجارة بعد إصابته. ابن العشرين ربيعاً، حمل كوفيته من مخيم الجليل، ومعها اسمه خليل الطبراوي، نسبة إلى منطقته طبريا التي بقيت تلازم عائلته، وتوجه إلى مارون الراس. كان من المفترض أن يتخرج ممرضا نهاية العام الدراسي الحالي، من «معهد السيد عباس الموسوي» في بعلبك، كي يقدم إسعافا لجريح من شعبه، وهو الذي احتاج إلى من يسعفه قبل استشهاده. أصابت طلقات العدو الشريان الرئيسي في ساق خليل، فنزف كميات كبيرة من الدماء حتى استشهد.

الصدمة لا تزال واضحة على وجه والد الشهيد محمد، يقول: «ان فلسطين تحتاج إلى المزيد من الدماء». يصمت، ثم يردد «الحمد لله رب العالمين»، لتخفف عنه حجم الخسارة. يضيف «إنهم يرونه بعيداً ونراه قريبا». أما شقيقه زياد فرفض التحدث إلى الصحافيين، يجلس في طرف الصالون محاطاً بمجموعة من أصدقائه وأقاربه، يسأل أخاه الشهيد: «لماذا سبقتنا إلى الشهادة؟». كان زياد إلى جانب شقيقه لحظة إصابته أمس الأول، استمر يرشق العدو بالحجارة، وبعد انفضاض الجمع عاد ليسأل عن شقيقه ليجده عند الحادية عشرة والنصف في «مستشفى بنت جبيل» مستشهدا. رفاق الشهيد يهتمون بتفاصيل مراسم دفنه. خالد عصب رأسه بعصبة سوداء. يقول: «كانت قوات العدو والمتسوطنون ترمي علينا النار، على الرأس مباشرة. وكانت كل صلية تصيب أربعة شبان، حتى إن بعض الطلقات من قناصين كانت تخرق جسد شابين».

نكّس مخيم الجليل الأعلام أمس، وأعلن إضرابا عاماً في المؤسسات والمدارس والمحال التجارية، واتشح مدخله بالريات السوداء حزنا على ابنه الراحل. وشيع بشيبه وشبانه ونسائه وأطفاله شهيد العودة خليل. وعاش المخيم يومه الثاني بعد رحلة العودة ذكريات الرحلة وقصصها، وأين موقع كل فرد منهم «على أرض المعركة مع العدو». واعتبر أبناء المخيم «يوم العودة»، يوماً تاريخياً في مسار النضال الفلسطيني، كما قال أبو علاء، أمين سر اللجان الشعبية في منطقة البقاع. ورأى أن «الرحلة أكدت على تمسك الشعب الفلسطيني بحق العودة ورفضا للتوطين، حيث لا بديل عن فلطسين أرضا للفلسطينيين». واعتبر عبد الكريم طه من «حركة حماس» أن «انتفاضة جديدة أطلقها شعبنا في الداخل والشتات، بعد الثورات العربية التي أحدثت تحولات في نبض الشارع العربي». أما عماد الناجي فرأى أن «حماسة الشعب الفلسطيني اكدت من جديد أن شعبنا متمسك بحق العودة، وبالقرار 194، ومستعد للتضحية بكل ما لديه من أجل العودة إلى الأرض. ولن يألو الشعب جهداً ودماً من أجل ذلك بعلبك ومخيم الجليل يشيعون الشيخ احمد.

وفي جو مفعم بالحماسو قلما شهده مخيم الجليل على امتداد عشرات السنين الماضية شيع جثمان الشهيد بمشاركة جماهير مخيم الجليل واهالي مدينة بعلبك. وانطلق موكب التشييع من منزل آل الشهيد في حي قبة دورس إلى مسجد بلال بن رباح، حيث أمّ صلاة العصر مفتي بعلبك – الهرمل الشيخ خالد صلح. وجاب الموكب أرجاء المخيم، وسط صيحات التكبير، ونثر الأرز والورود وطلاق النار في الهواء، فيما أدّت ثلة من رفاقه التحيّة له وأطلقت له 21 طلقة وداعاً. وأمّ الصلاة على الجثمان الشيخ داوود مصطفى، بحضور المفتي صلح، والنائب كامل الرفاعي، وقائمقام بعلبك عمر ياسين، ومسؤول منطقة البقاع في «حزب الله» الحاج محمد ياغي، ومسؤول الوحدة الاجتماعيّة الشيخ علي فرحات، وعلماء، ورئيس بلدية بعلبك هاشم عثمان، وممثلي الفصائل الفلسطينية، واللجان الشعبية والأحزاب والقوى الوطنيّة والقوميّة والاسلاميّة اللبنانيّة، مخاتير وفعاليات اجتماعيّة. وقد ووري الشهيد في الثرى في مدافن الشهداء في المخيم.