«يوم الغفران».. نكبة متجددة في القدس المحتلة
الثلاثاء، 22 أيلول، 2015
بعد أسبوع من احتفالهم بما يسمى "رأس السنة العبرية"،
وما تبع ذلك من اعتداءات وانتهاكات بحق المقدسيين، يحتفل المستوطنون هذا الأسبوع بما
يسمى "يوم الغفران"، قبيل حلول عيد الأضحى المبارك وتزامنا مع استعدادات
المسلمين في القدس المحتلة للاحتفال بهذه المناسبة؛ ما يزيد من حالة الشحن القائمة
في المدينة المقدسة.
فبعد 10 أيام من "رأس السنة العبرية"، يأتي
"يوم الغفران اليهودي"، وهو بحسب مختص في شؤون القدس يوم صيام لا عيد، وحرمته
أشد من حرمة يوم السبت بالنسبة لليهود، ولذلك فإن الاحتفال بهذا اليوم هذه السنة يبدأ
مساء الثلاثاء (21-9) وينتهي مساء الأربعاء (22-9).
ويوضح الباحث التاريخي روبين أبو شمسية، أن هذا اليوم هو
في الأصل حركة ظهرت بمفهوم ديني للتكفير عن الخطايا التي يرتكبها اليهود طوال العام،
وهو مخصص لأداء الطقوس التلمودية في البيت أو الكنيس. ومن هذه الطقوس يوضح الباحث إيهاب
الجلاد أن المستوطنين يحضرون دجاجة ويضعونها فوق رأس كل فرد من الأسرة، لتسحب الخطايا
منه، ثم يقومون بذبحها.
لكن ما علاقة القدس وأهلها والمسجد الأقصى ليدفعوا ثمن هذه
الطقوس وهذه المعتقدات؟! يجيب الجلاد بأن اليهود يزعمون بأنه في هذا اليوم يصعد ما
يسمى بـ"الحاخام الأكبر" إلى "قدس الأقداس"، ويدعو للشعب اليهودي
بالمغفرة، موضحا أن "قدس الأقداس" وفق الزعم الصهيوني هي قبة الصخرة، حيث
يوجد الهيكل المزعوم.
ويوضح مختص في شؤون القدس والأقصى، أن منظمات الهيكل المزعوم
تعدّ "يوم الغفران" فرصة مهمة لخدمة مشاريعها التهويدية، فهي تستغل المناسبة
والمرجعية الدينية المزعومة له في تكثيف اقتحامات المسجد الاقصى، وأداء ما يسمونها
"صلوات شكر الرب" من أجل الغفران داخل المسجد.
ويشير إلى أن يوم الأربعاء سيخلو على الأغلب من أي يوم اقتحام،
بسبب حرمته التي تفوق حرمة السبت، لكن اليوم التالي له أي الخميس سيكون شديد الوطأة
على المسجد الأقصى؛ ففيه سيحاول المستوطنون أداء طقوس تهويدية خاصة، ما سيجعل هذا اليوم
شديد السخونة، كونه يصادف عيد الأضحى المبارك، ما يعني أن الاحتلال سيكون بين نار غضب
الفلسطينيين من أي محاولة للمساس بعيدهم، مقابل دعوات المستوطنين لتأمين احتفالاتهم
في الأقصى.
ويضيف، إن تواجد المقدسيين في المسجد الأقصى هو الضمان الوحيد
لعدم ارتكاب الاحتلال انتهاكا جديدا بحق المسجد، بهدف إرضاء التطرف اليهودي المتزايد
تجاه الأقصى، قبل أن يتجدد الخطر الأسبوع المقبل مع عودة الأعياد اليهودية بين الاثنين
والخميس.
سلاح الصمود
يقيم الاحتلال الدنيا ولا يقعدها في القدس تزامنا مع كل مناسبة،
فعلاوة على استراتيجيته الثابتة منذ احتلال المدينة والقاضية بتهجير أهلها وقلب الواقع
الديموغرافي فيها، تمثل الأعياد فرصة لفرض الطابع اليهودي على المدينة المقدسة، وتقديمها
كما لو كانت مدينة إسرائيلية يهودية.
ويدفع أهل البلدة القديمة الثمن الأكبر في هذه الاحتفالات؛
إذ يقول علي الصالحي صاحب محل "سينتواري" بالقرب من باب السلسة (أحد أبواب
الأقصى)، إن هذه المنطقة تكون الأكثر تضررا من أعياد اليهود، لأنها تؤدي لحارة الشرف
التي تسمى "حارة اليهود".
ويوضح الصالحي، أن الاحتلال يغلق الطرق متسببا بتأخير فتح
المحلات التجارية، فبدلا من أن يبدأ يوم العمل في هذه المحلات عند الثامنة صباحا، يبدأ
عند الحادية عشرة ظهرا بعد أن ينهي المستوطنون فترة الاقتحام الصباحية.
ويضيف، إن شرطة الاحتلال تشن حملة ضرائب شرسة في فترة الأعياد
اليهودية، عدا عن المناوشات التي تقع مع المستوطنين والشرطة بسبب التصرفات الاستفزازية
للمستوطنين، والتي أدت العام الماضي لاعتقاله وأبنائه، وفرض غرامات مالية عليه.
ويقول تاجر آخر يبيع المفروشات المنزلية في باب المجلس، إنه
رغم اقتراب موعد عيد الأضحى، إلا أن الوضع صعب والحركة ضعيفة، مبررا ذلك بالإغلاقات
التي يفرضها الاحتلال والملاحقات والمضايقات لكل من يمر في الطريق من الجنسين ومن جميع
الفئات العمرية.
ويضيف التاجر الذي طلب عدم ذكر اسمه -تجنبًا لمزيد من عقوبات
الاحتلال وتضييقاته- أنه بسبب الأحداث الأخيرة أُجبر على إغلاق محله لخمسة أيام، ما
زاد من خسائره المتوالية منذ ثلاث سنوات، والتي وضعته على حافة الإفلاس وتكاد تجبره
على إغلاق محله، بعد أن كان عيد الأضحى آخر آماله لإنقاذ خسائره، مشيرا إلى أنه أب
يعيل عائلة من خمسة أشخاص.
وكانت ما تسمى بـ"وحدة جبل الهيكل" في شرطة الاحتلال
قد أصدرت بيانا أعلمت فيه المستوطنين عن توفيرها الحماية الكاملة لهم خلال اقتحاماتهم
للمسجد الأقصى، محددة مواعيد لهذه الاقتحامات؛ ما يمثل دليلا جديدا على عنف الحرب التي
تشنها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على هوية المسجد الأقصى الإسلامية وسعيها لفرض وجودها
الغريب فيه.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام