يوم النفير والرباط... شدّ الرحال للأقصى
الإثنين، 28 أيلول، 2015
في اليوم الثالث من أيام عيد الأضحى، ترك الحاج طه شواهنة
(69 عاماً) من بلدة سخنين في الشمال الفلسطيني المحتل عام 1948، بيته وأولاده وزوجته،
وشدّ رحاله إلى المسجد الأقصى ليرابط في داخله، تلبية لنداء النفير العام، الذي دعت
إليه لجنة المتابعة العربية والقوى الوطنية والإسلامية في الداخل، وشارك فيه أمس الأحد،
المئات من فلسطينيي الداخل وأهالي القدس المحتلة.
يقول الحاج شواهنة لـ "العربي الجديد": "تركت
أهلي وكل شيء لأجل الأقصى؛ فهو أغلى عندي من كل شيء، ثم توجهت إلى المسجد لمنع المستوطنين
من اقتحامه، لقد أغضبتني دعواتهم لاقتحامه هذا اليوم.
أشاهد المرابطين والمرابطات على أبواب المسجد الأقصى ممنوعين
من الوصول إليه بأمر من الاحتلال، فأنا حزين حينما أشاهد ذلك، والمستوطنون يعربدون
في الأقصى"، كما يقول شواهنة.
شواهنة المسن الستيني، بذل جهداً كبيراً في إطلاق التكبيرات
والهتافات، التي عادة ما يردّدها المرابطون في تصدّيهم للمستوطنين المقتحمين، لكنه
حث في الوقت نفسه المسلمين والعرب في جميع بقاع الأرض كي يبذلوا جهدهم في تحرير الأقصى،
وتساءل "إلى متى سيبقى الأقصى أسيراً في أيدي الاحتلال؟".
وفي الوقت الذي يسرد الشيخ الفلسطيني حكاية معركته من أجل
الأقصى، تجهّز الحاج طه، وهم بالعودة إلى منزله في سخنين؛ والتي تبعد عن الأقصى أكثر
من 200 كيلومتر، بعد ليلة ويوم من الرباط في المسجد الأقصى وما شهده من اقتحامات، كي
يتناول أدويته ويتزوّد بالراحة، التي يحتاجها للعودة مرة أخرى والانضمام إلى مسيرة
المرابطين اليومية.
نفير من الأقصى
وتمكن المئات من الفلسطينيين في الداخل الفلسطيني المحتل
عام 1948 وعدد من أهالي القدس المحتلة، من الدخول إلى الأقصى، منذ صباح أمس الأحد،
استجابة لنداءات النفير العام، من أجل التصدّي لاقتحامات المستوطنين، ما اضطر قوات
الاحتلال لإغلاق باب المغاربة ومنع اقتحامات المستوطنين، الذين هددوا باقتحامه، عشية
ما يسمى "عيد العرش" العبري.
في الوقت الذي تمنع فيه قوات الاحتلال أهالي القدس من المرابطين
من الوصول إليه، وأهالي الضفة الغربية وقطاع غزة، بسبب الحواجز العسكرية واستحالة الحصول
على تصاريح للوصول إلى القدس المحتلة.
في هذه الأثناء، رأى المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية
محمد حسين، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن ما يحدث في الأقصى يتطلب ضرورة
توحد العرب والمسلمين والفصائل الفلسطينية، أمام الخطر الداهم الذي يستهدف المدينة
المقدسة وساكنيها قبل فوات الأوان، إذ تجري خطة التقسيم الزماني والمكاني للأقصى على
قدم وساق، ما ينذر بتواصل الأعمال العدائية ضد الأقصى.
ودعا حسين إلى النفير العام دفاعاً عن المسجد الأقصى والمصلين
فيه، مستنكراً إعلان جماعات يهودية متطرفة عزمها على اقتحامه، أمس، وحمل سلطات الاحتلال
الإسرائيلي المسؤولية عن تبعات ذلك. ورأى أن ما يجري يندرج ضمن محاولات طمس الهوية
العربية التاريخية للمدينة المقدسة، ومحاولات السيطرة على الأقصى، بتمكين تلك الجماعات
مواصلة اعتداءاتها على المسجد.
وفي خطوة استباقية لنية تلك الجماعات اليهودية تنفيذ اقتحاماتها
للأقصى، اعتكف منذ ليل السبت، أكثر من 250 مرابطًا داخل المسجد القبلي للتصدّي لتلك
الاقتحامات، فيما منع يوم النفير، استفراد الاحتلال بالأقصى، في ظل منع المصلين من
القدس والضفة الغربية وقطاع غزة من الوصول إليه.
تعزيزات عسكرية للاحتلال
وشهد محيط المسجد الأقصى والبلدة القديمة من القدس إجراءات
عسكرية مشددة، منذ صباح أمس، في وقت تدفق فيه الفلسطينيون إلى باحات المسجد للمشاركة
في النفير. واشترطت شرطة الاحتلال لدخول الفلسطينيين إلى الأقصى "تسليم بطاقاتهم
الشخصية على أبواب المسجد، دون تحديد أعمارهم"، فيما منعت نائب رئيس الحركة الإسلامية
في الداخل (الجناح الشمالي) كمال الخطيب، من دخول الأقصى، فما كان منه إلا أن اعتصم
مع عدد من النشطاء بالقرب من باب الأسباط احتجاجاً على ذلك.
ومنذ ساعات الصباح أمس، اشتبك المئات من الشبان الفلسطينيين
مع شرطة الاحتلال الخاصة التي اقتحمت باحات الأقصى، وانتشرت في أروقته الغربية وعند
العديد من بواباته، وأطلقت الأعيرة المطاطية والقنابل الصوتية باتجاه الشبان، الذين
رشقوها بالحجارة والزجاجات الفارغة، ونصبوا المتاريس عند بوابات المسجد القبلي في الأقصى
لمنع اقتحامه.
ويعتبر يوم أمس، الأقل في عدد الاقتحامات من قبل المستوطنين،
وإن تخلله بعض المواجهات بين المرابطين وشرطة الاحتلال، إذ بذل مسؤولون بالأوقاف الإسلامية
في القدس جهوداً من أجل تهدئة الأوضاع.
مسيرات داخل الأقصى
ونظم فلسطينيو الداخل مسيرات جابت ساحات المسجد الأقصى، تقدّمها
عدد من القيادات الفلسطينية في الداخل وشخصيات مقدسية وأعضاء فلسطينيون في "الكنيست"
الإسرائيلي، ورفع المشاركون لافتات تحذر مما يجري في الأقصى.
وفي مهرجان خطابي أعقب تلك المسيرات، حذر المتحدثون فيه من
نتائج ما تفعله إسرائيل بحق الأقصى، وما يتخلل ذلك من اعتداءات واقتحامات، وما يتم
من تقسيم زماني للمسجد.
وحاولت سلطات الاحتلال إحباط فعالية النفير العام قبل أيام
من حدوثها، إذ اعتقلت عدة شبان مقدسيين تتهمهم بالوقوف وراء التصعيد في الأقصى، وأصدرت
كذلك أوامر إبعاد عن المسجد بحق عددٍ من فلسطينيي الداخل المحتل عام 1948، واستدعت
مدير عام المركز الإعلامي المتخصص بشؤون القدس والمسجد الأقصى "كيوبرس" حكمت
نعامنة، للتحقيق معه.
وكانت الأحداث التي جرت في القدس والمسجد الأقصى، خلال الأسبوعين
الماضيين، قد أدت إلى اعتقال نحو 150 فلسطينياً في القدس المحتلة، بينهم عدد من المرابطين
في المسجد الأقصى، إضافة إلى 60 آخرين تمت إصاباتهم خلال اعتداءات لقوات الاحتلال،
والذين نقلوا إلى المستشفيات لتلقي العلاج.
من جهة ثانية، اعتقلت شرطة الاحتلال أربعة شبان فلسطينيين
بزعم إلقاء الحجارة على سيارة إسرائيلي مما تسبب بحادث سير أدى إلى مقتله. وتتراوح
أعمار الشبان ما بين 16 و19 عاماً وهم سكان في حي صور باهر في القدس الشرقية المحتلة.
المصدر: العربي الجديد