أبو غزالة: "إسرائيل” تضع العراقيل
أمام أي حل للقضية الفلسطينية
عمان - الدستور - حوار: نيفين عبد
الهادي
ينقلك الحديث مع الامين العام
المساعد لشؤون الاعلام لامين عام جامعة الدول العربية الدكتورة هيفاء أبو غزالة
الى مسافات واسعة من السياسة والامن والاقتصاد والاعلام بصورة تجمع العالم بأسره أمام عينيك ترى به
حقيقة واحدة تتمثل بقدرة المرأة الأردنية على الانجاز والتميز والابداع ليس فقط
محليا انما عربيا ودوليا.
هيفاء أبو غزالة، التي تحمل ملف
الاعلام في جامعة الدول العربية، بعدما تبوأت مناصب وزارية وادارية هامة في وطنها
الأردن، ليقودها عملها نحو تميز عربي يقربك من تفاصيل الواقع العربي بصورة متزنة
وعملية بحضور أردني بنكهة وطنية يتقدم بها الأردن على أي أمور اخرى.
أبو غزالة، في حوار شامل خاص
لـ»الدستور» تناولت كافة مستجدات المرحلة بدءا من السعي الاسرائيلي لرفع الوصاية
الهاشمية على المقدسات في القدس، مرورا بالشأن الفلسطيني والمفاوضات الفلسطينية
الاسرائيلية، مرورا بالازمة السورية، والعراقية، وصولا الى احتضان الاردن لاطلاق
شبكة ادارة الازمات العربية، وموقف الجامعة العربية حيال هذه القضايا والملفات
كافة.
ودعت ابو غزالة في لقائنا معها الذي
استمر لاكثر من ساعة لضرورة ان يكون الاعلام ناقل حقيقة بكل مهنية بعيدا عن صناعة
الحدث كما يناسبه، ذلك ان الاعلام اصبح اداة خطيرة وحساسة خلال الفترة الحالية
ولها تأثير كبير على رأي الشارع العربي، الامر الذي يتطلب معاملة دقيقة مع الرسالة
الاعلامية خلال المرحلة الحالية.
ابو غزالة تناولت الكثير من القضايا
بكل شفافية، كاشفة عن خطط لجامعة الدول العربية تتعلق بسوريا والمخيمات الفلسطينية
في سوريا، مثمنة دور الاردن باستضافة اللاجئين السوريين وما يتحمله من اعباء كبيرة
وصلت الى حد تجاوزات امنية باتت تلحق به نتيجة لهذه الاستضافة، واصفة المحاولات
الاسرائيلية لرفع الوصاية الهاشمية عن المقدسات في القدس «بالخسيسة» وملفات اخرى
نقرأ تفاصيلها في الحوار الخاص الذي اجرته «الدستور» مع الدكتورة هيفاء ابو غزالة
التالي نصه..
* الدستور: بداية، نود ان نعرف ما الجديد لدى
جامعة الدول العربية الخاص بالشأن الفلسطيني، سيما وان موعد انتهاء «خطة كيري»
اقترب، مع نهاية نيسان الجاري؟.
- أبو غزالة: الملف الفلسطيني اهم
ملفات جامعة الدول العربية، فهو ملف رئيسي، ونحن نعلم ان هناك تسويفا مستمرا من "إسرائيل”
فكل يوم يخرجوا لنا بقضية جديدة تؤخر اي تقدم، لوضع العراقيل في سبيل اي حل.
الان نحن نتأمل ان يكون هناك نتائج
ايجابية لجهود وزير الخارجية الامريكي بتحقيق تقدم ملموس في موضوع المفاوضات
الاسرائيلية الفلسطينية، وبصورة عامة الدول العربية جميعها متفقة وداعمة للجانب
الفلسطيني واي مطلب.
والأردن بشكل خاص من الدول الداعمة
باستمرار لاي مطلب فلسطيني ويسعى جادا لتنفيذه.
* الدستور: كيف ترى جامعة الدول العربية تجاه
اجراءات "إسرائيل” حيال سحب الوصاية الهاشمية عن المقدسات في القدس؟.
- أبو غزالة: محاولات "إسرائيل” والكنسيت
لرفع الوصاية الاردنية عن المقدسات في القدس، وهذه المحاولات لا يمكن وصفها الا
كما وصفها امين عام جامعة الدول العربية بأنها محاولات «خسيسة»، فهذا الامر بعيد
عن منالهم فالوصاية موجودة، ولا يستطيعون تغييرها بالمطلق.
* الدستور: هل ننتظر من جامعة الدول العربية خلال
فترة قريبة اجراءات عملية تجاه الازمة السورية؟.
- أبو غزالة: الملف السوري تعاملت
معه الجامعة منذ بداياته، ولكن بعدما تم «تدويله» اصبح الان بيد مجلس الامن، وكنا
قد ارسلنا بعثة بداية الازمة وحاولت حل الازمة بشكل سلمي، لكن الان اصبح الملف
دوليا، هناك مبعوث للامم المتحدة وجامعة الدول العربية هو من يقود العمل بهذا
الشأن.
وجامعة الدول العربية تدعو باستمرار
لانهاء النزاع الموجود في سوريا، وايصال المساعدات الانسانية، وجمع جميع اطراف الخلاف
على طاولة البحث، هي اساسيات ما تطالب به الجامعة، ونأمل ان نجد شيئا ملموسا على
ارض الواقع قريبا.
وما دام الملف قد تم تدويله فان قرار
وقف اطلاق النار اصبح بيد مجلس الامن، والامم المتحدة، وللاسف ان العالم يشهد الان
ازمات كثيرة أخرت من الاهتمام بالملف السوري دوليا، فملفات الازمات والنزاعات غدت
كثيرة في العالم.
* الدستور: ماذا بشأن المخيمات الفلسطينية في
سوريا، هل يمكن ان نسمع قريبا بدور لجامعة الدول العربية بتقديم المساعدات
لقاطنيها؟.
- أبو غزالة: جامعة الدول العربية
تبنت وتسعى للسعي لتقديم المساعدات الانسانية لمحتاجيها داخل الاراضي السورية،
ولتنظيم هذا الامر تسعى لوضع الية لهذه الغاية.
ونحن نسعى من هذه المساعدات تقديمها
لكافة من هو موجود داخل الارض السورية، بما فيها من يحتاج لايصال المساعدات ومنها
المخيمات ان احتاجت لذلك و أي مناطق بحاجة للمساعدات سنحاول ايصالها بطرق مختلفة.
* الدستور: كيف تقيم جامعة الدول العربية الدور
الاردني في تحمل اعباء استضافة اللاجئين السوريين؟.
- أبو غزالة: الجامعة تقدر عاليا ما
يقوم به الاردن تجاه الازمة السورية واستضافة اللاجئين، وما يلحق بها من اعباء
ضخمة نتيجة لاستضافة مليون و300 الف لاجئ سوري، وكلنا نعلم ان الاردن بلد امكاناته
متواضعة، فكيف يمكن ان تتحمل الدولة هذا العبء بالتالي نحن ندعو جميع دول العالم
تقديم كافة اشكال الدعم للاردن الذي لم يغلق ابوابه امام اي لجوء من اي دولة
مجاورة، بالتالي لا بد من تقديم المساعدة.
ولا بد من وجود اليات لاعادة هذه
الاعداد الى سوريا بعد انتهاء الازمة، فنحن لا نريد توطينهم في الدول المجاورة،
الهدف فيما بعد اعادتهم لدولهم وهذا ما نأمله بعد وقف اطلاق النار، وعلينا ان لا
ننسى ايضا المهجرين داخل سوريا ممن تركوا مدنهم ويعيشون بمدن اخرى داخل سوريا،
ايضا يجب ان تحل مشاكلهم.
* الدستور: مشكلة الازمة السورية انها لم تتوقف
عند حد معين فتبعاتها تجاوزت الاعباء المالية واثرها على واقع العمالة، والمياه
والبنية التحيتة، وباتت تشكل تهديدات امنية للاردن وللدول المضيفة للاجئين
السوريين، كيف تنظر جامعة الدول العربية لهذا الامر؟.
- أبو غزالة: الجامعة تعي جيدا ما
يتحمله الاردن من تبعات استضافة اللاجئين السوريين في جوانب الحياة كافة، وبطبيعة
الحال الجانب الامني فلكل دولة سيادتها ولها الحق ان تقبل او ترفض اي انسان يدخل
اراضيها كونها مسؤولة عن حماية البلد من اي خطر يأتيها من الخارج، وهذا عبء كبير
يتحمله الاردن نتيجة استضافة اللاجئين الى جانب تحمل اعباء المسكن والطعام والشراب
والكهرباء وغيرها انما اعباء اخرى مختلفة.
* الدستور: وماذا بشأن الملف العراقي، هل لدى
جامعة الدول العربية جديد بشأنه؟.
- أبو غزالة: الجامعة تدعم
باستمرار اي دولة تتعرض لازمة ونحن نتأمل
ان يعود الاستقرار الى الشقيقة العراق، وان تقوى مؤسسات الدولة بشكل تتمكن فيه من
مواجهة العنف.
* الدستور: وسط هذه الازمات وما يلفها من حديث حول
العنف والارهاب، هل يمكن ان نسمع عن مبادرة من جامعة الدول العربية تحسم مسألة
العنف، وتمنع امتداده و»تفريخه»؟.
- أبو غزالة: قدمت مصر لجامعة الدول
مبادرة لمحاربة الارهاب ورفعت الى الامم المتحدة، وجميع الدول العربية كانت قد
وقعت على اتفاقيات لمحاربة الارهاب، وهو ملف هام لدى جميع هذه الدول لمحاربة
الارهاب وتعاون ما بين الدول لمحاربته واجتثاثه بشكل عملي.
* الدستور: تشارك جامعة الدول العربية في مؤتمر
لانشاء شبكة لادارة الازمات بالاردن، الى اي حد يمكن ان يكون للاردن اثر ايجابي في
انشاء هذه الشبكة التي تنطلق لبنتها الاساسية من اراضيه؟.
- أبو غزالة: بداية، ونحن نتحدث بهذا
الشأن لا بد من التأكيد على اننا في جامعة الدول العربية سعيدون بوجودنا بالاردن
واحتضانه للشبكة، وتحديدا انها جاءت برعاية من جلالة الملك للمؤتمر الاقليمي الاول
الذي تقوم به جامعة الدول العربية بالتعاون مع الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة،
كما ان وجود رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور ايضا منحه دعما على المستوى
الرسمي بالاردن.
وما من شك ان انطلاقة الشبكة العربية
لادارة الازمات من الاردن مسألة غاية في الاهمية، نظرا لنجاح التجربة الاردنية
بهذا المجال ووجود مركز ادارة ازمات لديه بمواصفات عالمية سيتم اعتماده كنموذج لتطبيقه
بالدول العربية.
* الدستور: هل سيساهم الاردن في تأسيس عملي
للشبكة؟.
- أبو غزالة: بالطبع الاردن لاعب
اساسي في تأسيس الشبكة، كونه احتضن خطوات تأسيسها، ولديه خبرة متميزة بموضوع
الازمات، نأمل ان يكون لاعبا اساسيا للانضمام للشبكة والاستفادة من خبرته بهذا
المجال.
* الدستور: ليست المرة الأولى التي تتحدث بها
جامعة الدول العربية عن اهمية غرف ادارة الازمات، هل لنا ان نأخذ لمحة عن عملكم
بهذا الخصوص؟.
- أبو غزالة: بالفعل، والمؤتمر الذي
استضافته الاردن جاء في نهاية مرحلة اولى من مراحل مشروع ادارة الازمات الذي بدأته
الجامعة مع الاتحاد الاوروبي قبل سنتين وبموجبه تم انشاء غرفة للازمات في جامعة
الدول العربية، حيث استطاعت ان تقوم من خلاله بالعديد من البرامج والانشطة كان
منها تدريب حوالي (300) دبلوماسي وكوادر مختلفة من الدول العربية على التعامل مع
الازمات.
وقد انشئت هذه الغرفة بتكنولوجيا
مختلفة، وتم تأسيسها لغايات متعددة من بينها مراقبة الانتخابات بدول مختلفة، وتم
استخدامها في متابعة الاستفتاء على الدستور في مصر وقمت بهذا الاجراء شخصيا بصفتي
رئيسة لجنة جامعة الدول العربية لمتابعة الانتخابات المصرية، وسنستخدمها لمتابعة
الانتخابات الرئاسية المصرية، وكذلك سيتم استخدامها لمتابعة الانتخابات الرئاسية
بالجزائر.
* الدستور: لماذا الآن الحديث عن انشاء شبكة عربية
لادارة الازمات، هل للربيع العربي علاقة بهذا الاجراء؟.
- أبو غزالة: بعدما قطعنا شوطا في
الجامعة بموضوع ادارة الازمات، وجدنا في المشروع الان ان ندعو لادارة الازمات في
كافة الدول العربية خاصة الدول التي لديها ازمات او شكل من اشكال الازمات، ولا
يمكن ان ننكر بأي شكل اننا نعيش في منطقة ازمات. وفكرة مؤتمر الشبكة واللقاءات
العربية بهذا الاطار، هدفه ان نتحدث فيما بيننا كيف يمكن ان ننشئ حالة عربية
لادارة الازمات، وستكون جامعة الدول العربية مركزا للشبكة العربية المنوي انشاؤها.
* الدستور: هل سيكون الأمر اجباريا للانضمام
للشبكة العربية لادارة الأزمات؟.
- أبو غزالة: كل دولة عربية لها حرية
للانضمام لها، وسنضع آلية لكيفية استفادة الدول العربية منها، وتسخير الخبرات كافة
بهذا الاطار، تحديدا من الدول التي تملك آليات وخططا ومنهجية لادارة الازمات وفي
مقدمتها الاردن بطبيعة الحال.
* الدستور: هل هناك دول عربية أخرى لديها غرف أو
مراكز أزمات غير الأردن؟.
- أبو غزالة: بعض الدول العربية وليس
جميعها لديها أشكال مختلفة من الادارات للازمات، بالتالي نحن نطرح صيغة لكيف يمكن
ان نستفيد منها، وتحديدا التجربة في الاردن فهناك ادارة متميزة نفتخر بها ليس في
الاردن فقط وانما في الوطن العربي على كافة المستويات، ونضعها امام الدول العربية
للاستفادة منها وتبادل الخبرات فيما بينها بهذا الخصوص.
* الدستور: لعل السؤال الذي يفرض نفسه هنا، حول
نتائج المؤتمر وضمانات استمرارية توصياته وتطبيقها على ارض الواقع يضمن انشاء شبكة
ادارة الازمات؟.
- أبو غزالة: سنرفع توصيات هذا
الاجتماع الى الجهات المختصة، وسنعمل في الجامعة لان يكون لدينا شكل من اشكال
البروتوكول بين الدول العربية لمن ترغب الانضمام لهذه الشبكة، وحتما اي دولة عربية
ستستفيد من الانضمام لها من خلال الخبرات التي سيتم تبادلها بهذا الاطار.
* الدستور: هل الشبكة ستعنى فقط بالازمات السياسية
والامنية؟.
- أبو غزالة: ليس بالضرورة، فالازمات
نوعان الاولى سياسية وامنية وهي من صنع الانسان، وازمات طبيعية تأتي مثل الزلازل
او البراكين او التلوث البيئي والمائي وغيرها، وهذه الشبكة ستعنى بجميع اشكال
الازمات.
* الدستور: رغم ان المنطقة برمتها مليئة بالازمات،
الا ان سوريا تعتبر الاكثر تأزما بها، هل هناك حضور سوري في مؤتمر تأسيس الشبكة،
وكيف ستتعاملون مع الملف السوري تحديدا؟.
- أبو غزالة: سوريا لم تحضر ولا
تمثيل لها في المؤتمر، وكما هو معروف فان حضور سوريا تابع لقرار جامعة الدول
العربية في كونها دولة عربية عضوا موجودا في الجامعة كدولة، لكن عضويتها ما زالت
مجمدة الى حين حل الازمة السورية التي نأمل ان يكون هنالك حلا سلميا قريبا.
وفيما يتعلق بمساعدة سوريا بهذا
الشأن، فانه بموجب قرار القمة الاخير وضعنا على اجندة توصياتها انشاء آلية لارسال
مساعدات انسانية هدفها مساعدة الدول وايصال المعونات للدول التي تحتاج لمعونات مثل
سوريا وتم اقرارها، والان الجامعة تدرس شكل هذه الالية حتى نتمكن ان نقدم مساعدات
انسانية، والشبكة ستتعاون مع الالية التي ستقدم المساعدات الانسانية عندما تكون
ازمة ستكون هناك مساعدات.
* الدستور: وانت تشغلين منصب الامين العام المساعد
لشؤون الاعلام في جامعة الدول العربية، ومن وجهة نظر اعلامية ما هي نوعية الرسالة
الاعلامية المطلوبة خلال المرحلة الحالية للتعامل مع متطلبات المرحلة وطبيعة
ظروفها؟.
- أبو غزالة: آمل بأن يكون الاعلام
حقيقيا وواقعيا، وحياديا، وينقل الصورة الحقيقية بدون اضافة اي شيء، بمعنى ان لا
يصنع ما يشاء انما ينقل ما يحدث والصورة واضحة كما هي، ذلك ان الاعلام الان اصبح
قوة كبيرة جدا وله تأثير على الشارع العربي وكافة مناحي الحياة، فلا بد من التعامل
معه بشكل دقيق ومهني وناقل للحقائق لا صانع للحدث.