
الإثنين، 23
حزيران/ يونيو، 2025
في ظل استمرار
حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، تتبدد أحلام وآمال
عشرات الآلاف من طلبة الثانوية العامة الذين يجدون أنفسهم محرومين من حقهم في
التعليم ومستقبلهم الأكاديمي. للعام الثاني على التوالي، تغيب قاعات الامتحانات عن
طلاب القطاع، في مشهد يعكس حجم الكارثة الإنسانية والتعليمية التي تضرب غزة.
يعيش الطالب
أحمد أيوب حالة من الإحباط العميق، فبعد أن كان يحلم بالالتحاق بالجامعة لدراسة
الصيدلة السريرية، باتت أحلامه مؤجلة إلى أجل غير مسمى. يحاول أحمد التقاط إشارة
الإنترنت لمتابعة أخبار اليوم الأول من امتحانات الثانوية العامة في الضفة
الغربية، مستعرضًا صور وفيديوهات الطلاب وهم يتقدمون لاختباراتهم، بينما تملأ أذنه
أصوات الرصاص والقذائف بدلاً من جرس المدرسة الذي لم يسمعه منذ 21 شهرًا.
"حرصت على حضور الحصص الرقمية والتحقت بمراكز الطوارئ التعليمية، لكن والدي
منعني لخطورة الطريق"، يقول أحمد الذي بدا عليه الهزال جراء حرب التجويع.
الوضع لا
يختلف كثيرًا بالنسبة لروان الشرفا، الطالبة المتفوقة التي تبدل حالها كليًا بعد
أن فقدت والدها وأختها في قصف إسرائيلي. تصف روان محاولاتها اليائسة لاستكمال
الدراسة تحت الخيمة، وسط الضجيج وانعدام الخصوصية ونقص الخدمات الأساسية.
"كيف أدرس والسماء تمطر نارًا؟ كيف أستعد والقلق يلتهمني على أخي الصغير
المصاب بالصدمة؟"، تتساءل روان بمرارة.
ندى صلوحة،
طالبة أخرى تواجه المصير ذاته، فقد أفقدها تأجيل الامتحانات المتكرر الشغف بمواصلة
دراستها. رغم تحديها للظروف ورغبتها في دراسة الهندسة، إلا أن الواقع المؤلم
والتأجيل المتكرر لمواعيد الامتحانات أورثها حالة من اليأس والإحباط.
"مستقبلنا يضيع بينما ننتظر تقديم الامتحانات النهائية، والتوجيهي سنة مهمة
إذ تتبعها الجامعة"، تقول ندى.
تكشف معطيات
وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أن نحو 78 ألف طالب وطالبة من قطاع غزة قد
حرموا من تقديم اختبارات الثانوية العامة على مدار العامين الأخيرين. فمنذ 7
أكتوبر 2023، أدت حرب الإبادة إلى استشهاد أكثر من 16,470 طالبًا وطالبة، وإصابة
25,374 آخرين. كما استشهد 914 معلمًا وإداريًا، وأصيب 4,363 بجروح. وتُقدر الوزارة
أن حوالي 4 آلاف طالب توجيهي كانوا سيخضعون للامتحانات قد قُتلوا بفعل عدوان
الاحتلال.
لم تسلم
البنية التحتية التعليمية من هذا الدمار، حيث دُمرت 143 مدرسة وجامعة ومؤسسة
تعليمية بشكل كلي، و366 بشكل جزئي، وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة. هذه
الأرقام المروعة تعني أن ما يزيد عن 785 ألف طالب وطالبة في غزة محرومون من
التعليم منذ 21 شهرًا.
تستمر
إسرائيل، بدعم أميركي، في حرب الإبادة الجماعية على غزة التي خلفت نحو 186 ألف
فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود
ومئات الآلاف من النازحين ومجاعة متفاقمة، مما يضع مستقبل جيل كامل على المحك.