الأحد، 07 آب،
2022
لم تمر سوى دقائق معدودة على مغيب شمس السبت 6
آب/أغسطس الجاري، حتى كانت غربان "إسرائيل" في السماء بشتى أنواعها
تتحين الفرصة للانقضاض على "صيد ثمين"، فكان الأطفال كما العادة هم
الهدف الأبرز الذي يشبع غريزة الاحتلال الوحشية من الدم الفلسطيني.
لم يكن يدرك
أطفال مخيم جباليا الذين قضوا شهداء هذه الليلة أنّ أجواء المرح التي كانوا
يصنعونها رغم أجواء القصف والدمار والعدوان الإسرائيلي على القطاع، ستتحول في لحظة
واحدة إلى أجواء من الحزن والألم الذي يسكن بيوت ذويهم إلى الأبد حزناً على
فقدانهم.
ويلجأ أطفال
مخيم جباليا كباقي مخيمات القطاع لقضاء أوقاتهم خارج بيوتهم؛ بسبب ضيق الوحدات
السكنية، وهرباً من حر الصيف، وبحثاً عن مجالات أوسع للّعب والتقاء الأقران.
ورغم أنّ
الاحتلال يدرك هذا الحال الذي يعيشه الفلسطينيون رغماً عنهم، إلا أنّ تلك الظروف
المعيشية الصعبة لا تقف حجر عثرة أمام همجية الاحتلال وطائراته، فلا يأبه إن كان
المستهدف طفلاً أو امرأة أو مسناً، وهي منهجية يتخذها الاحتلال في غالب حروبه التي
يشنها على قطاع غزة.
وتزاحمت مواقع
التواصل الاجتماعي بصور الشهداء الأطفال التي تداولها عدد كبير من النشطاء، حيث
يحمل طفل منهم حكاية ويكشف عن مأساة وجريمة حرب حقيقية تؤلم قلوب الأحرار.
وعُرف من
شهداء قصف مخيم جباليا الفتى خليل إياد أبو حمادة (19 عاماً)، وهو وحيد والديْه
بعد معاناة استمرت 13 عاماً، كما عُرف الطفلان أحمد النيرب (10 أعوام) وشقيقه مؤمن
(5 أعوام)، في حين لا تزال أسماء بقية الشهداء مجهولة.
وأوقعت
المجزرة الإسرائيلية وسط المخيم الفلسطيني الأكثر اكتظاظاً شمال قطاع غزة، عددًا
كبيرًا من الجرحى غالبيتهم يعانون من جراح صعبة وخطيرة، عدا عن حالات البتر وغيرها
من الإصابات الحرجة.
تدّعي
"إسرائيل" أنها تستهدف المقاومين فقط؛ إلا أن الصور والمشاهد الآتية من
القطاع المكلوم الذي تتساقط عليه حمم الصواريخ، منذ عصر الجمعة، تضع حدًّا لكذب
الكيان الغاصب؛ "إسرائيل" لا تقتل إلا المدنيين والأطفال.
وفي رفح جنوب
قطاع غزة، ارتكبت "إسرائيل" مجزرة أخرى؛ قصفت منزلا على رؤوس الآمنين،
أسفر عن 8 شهداء و40 إصابةً جلهم من النساء والأطفال والمسنين.
أما في ساعات
صباح السبت، فقتلت "إسرائيل" أمًّا كانت تتجهز لزفاف نجلها، وحولت الفرح
إلى مأتم وعويل.
فقد دفعت
أجواء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة المسنة الفلسطينية نعامة طلبة أبو قايدة
(62 عاماً) إلى الاستعجال بإتمام مراسم نجلها الذي طال انتظاره، باقتضاب، إلا أنّ
الاحتلال أصرّ على تحويل حفل زفاف نجلها إلى بيت عزاء لها.
ووفق مصادر
عائلية فإنّ خشية المسنة أبو قايدة من إطالة أمد العدوان أو تعرض أحد أبناء
عائلتها لأي أذى بسببه، دفعها للإصرار على إتمام مراسم الفرح باقتضاب بعيداً عن
التكلف، فجهزت نفسها، وتزينت وارتدت ثوبها التي أعدته لهذا اليوم منذ أشهر طويلة.
استقلت المسنة
أبو قايدة سيارة زفاف ابنها العريس وهي تحث أبناءها وأحفادها على عدم التسبب
بمضايقة الناس، وعدم إظهار أي شكل من أشكال الفرح إلا بتواضع وبساطة بسبب أجواء
العدوان الإسرائيلي على القطاع.
لم تسع الفرحة
المسنة المعروفة بـ"أم وليد"، والتي تقطن إحدى القرى البدوية في بيت
حانون شمال قطاع غزة، وقد استطاعت بشق الأنفس الوصول إلى بيت العروس التي كانت في
استقبالهم.
وفور وصولها
استعجلت "أم العريس" المراسم، وتحركت السيارة بسرعة للعودة إلى منزلهم.
وخلال طريق
العودة إلى منزل العريس لإقامة حفل زفاف متواضع، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية
هدفاً ملاصقاً للسيارة التي تستقلها المسنة أبو قايدة بصحبة العروس والعريس، ما
أدى إلى استشهادها على الفور، ووقوع بعض الإصابات كان منهم عدد من الأطفال.
ونقلت الطواقم
الطبية جثة الشهيدة أبو قايدة من مكان الاستهداف إلى المستشفى الإندونيسي شمال القطاع
عبارة عن أشلاء.
وتبدل فستان
زفاف ابنها بالكفن الأبيض، في حين اصطف العريس وأشقاؤه لاستقبال المعزين باستشهاد
والدتهم بدلاً من استقبال المهنئين بزفافه.
وللطفلة آلاء
قدوم قصة ألم توجع القلب، فلم تشفع لها ألعابها أمام حمم الصواريخ الإسرائيلية،
قتلتها أثناء لهوها أمام منزلها في حي الشجاعية شرق مدينة غزة في اللحظات الأولى
لبدء العدوان.
ونقلت الطفلة
إلى جانب الجرحى إلى مشفى الشفاء، وفارقت هناك الحياة، متأثرة بجراحها خلال القصف
الذي خلّف 3 شهداء، إضافة لإصابة والدها بجراح حرجة، شيعت مساء الجمعة بعد أن كفنت
بعلم فلسطين.
جدها يبكي
والحزن على وجهه، يقول: "بأي ذنب تم قتل هذا الملاك الصغير، الذي كان يتجهز
للتسجيل في الروضة".
ومنذ مساء
الجمعة تشن قوات الاحتلال الصهيوني غارات واسعة على قطاع غزة، ضمن عدوان أطلقت
عليه ما يسمى "الفجر الصادق"، أدى لاستشهاد 24 مواطنًا، منهم 6 أطفال
وسيدة ومسنّة و203 إصابات بجراح مختلفة، وفق الحصيلة الرسمية الصادرة عن وزارة
الصحة، فضلا عن إلحاق دمار بالعديد من المنازل والمنشآت والبنى التحتية.
في المقابل
ردت المقاومة بإطلاق رشقات صاروخية (أكثر من 200 صاروخ) في عملية عسكرية أطلقت
عليها "سرايا القدس" "وحدة الساحات"، وأقرّ الاحتلال بإصابة
عشرات المستوطنين.