أقدم أسير في العالم.. يحقق حلم أمه
لم تنم قرية كوبر الفلسطينية الصغيرة لليلتين متتاليتين، كان الصغار والكبار فيها منهمكين في عرس انتظروه لرجل القرية الأسير لدى السلطات الإسرائيلية منذ 34 عاما، وقد عاد من الأسر وتحقق حلم والدته الذي عبّرت عنه في أغنية بأن يتزوج ابنها في القرية ويقيم فيها بيته ويمر من حاراتها.
وأفرجت "إسرائيل" عن نائل البرغوثي وابن عمه فخري ضمن 477 أسيرا فلسطينيا فيصفقة تبادل الأسرى الأخيرة بين المقاومة والاحتلال في الثامن عشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وحضر العرس -الذي تعالت فيه الأغاني الوطنية وهتافات الإشادة بالمقاومة، وأقيم بمدينة البيرة وسط الضفة الغربية- حشد كبير من الأسرى المحررين وعائلاتهم، ومن قيادات ومسؤولين في السلطة والفصائل الفلسطينية، وسط حضور إعلامي هائل.
حلم
وكانت الأم قد أوصت نساء العائلة بأغنية تردد في عرس ابنها بعد الإفراج عنه، وغنت النسوة في ليلة الحناء، غناءً بفرح تتخلله الدموع والحزن معا:
"في خاطري يا نائل يا دار تبنيها
وعروس إلك يمه وأنا اللي أنقيها
في خاطري يا نائل الحارة تمرقها
وعروس إلك يمه أنا اللي أزوقها".
تحدي الاحتلالوفي استقبال العروسين، لم تسعف الكلمات شقيقته حنان التي كانت تغني وتبكي معا وهي مخضبة بالحناء، وقالت إنها كانت تتمنى لو أن والديها شهدا عرس ابنهما الذي غاب في السجون ثلاثة عقود وتوفيا دون أن يسمح له بحضور جنازتيهما.
لكن حنان التي كان عمرها 12 عاما عندما اعتقل شقيقها في نيسان عام 1978، قالت إن عرس نائل وزواجه يمثل فرحة تتحدى الاحتلال وكل من يحاول نزع السعادة من قلوب الفلسطينيين.
هدية الأموقدمت حنان لشقيقها نائل "إسوارتين" كانت والدته قد أوصت بهما لعروسه قبل وفاتها، وقالت "هذه هدية أمي لنائل وقد انتظرته ثلاثين عاما دون أن تفقد الأمل بأن يعود للبيت ويتزوج".
فرحة منقوصة
ووصف العريس نائل البرغوثي شعوره بالفرحة المنقوصة، وقال للجزيرة نت "أنا سعيد لأنني تمكنت من التحرر والزواج، ولكنني حزين لأنني أقف في فرحي بدون شقيقي الوحيد المعتقل في سجون الاحتلال وبدون أصدقاء كثر تركتهم في الأسر".
وبينما كان يشارك عدد كبير من أبناء قريته ومنطقة رام الله والبيرة في زفة فلسطينية تقليدية بالكوفيات والسيوف، قال البرغوثي إنه يشعر بأنه يوم وطني و"لم أتخيل هذا الالتفاف الشعبي حولي".
واختار نائل البرغوثي -الذي لقب خلال سنوات سجنه بـ"أبو النور"- واحدة من الأسيرات المحررات لتكون زوجته، في رسالة تحد كما يقول "للاحتلال الذي يظن أنه سيحبط عزيمتنا".
وأضاف "رغم مرور السنوات في الأسر دون تحرك حقيقي للإفراج عنا واستثنائنا من عدة صفقات تبادل، إلا أنني دوما كنت على قناعة بأنني سأخرج وأتزوج وأكون عائلة".
المصدر: الجزيرة نت