القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

أهالي غزة.. 2015 أمل بالإعمار أم مزيد من الانتظار؟

أهالي غزة.. 2015 أمل بالإعمار أم مزيد من الانتظار؟

/cms/assets/Gallery/1569/1702802879.jpg

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام

لا زال المواطن محمد السعودي يفترش جسده مع عائلته على ركام بيته في خيمة لا تقيهم برد الشتاء، ولا حتى حر الصيف، فما أمامه من حل آخر بعد أن تهدم أكثر 25 منزلاً يعود لعائلته في منطقة حي الشعف، ما جعل الحياة صعبة لديهم.

الدمار الذي خلفته آليات العدو الصهيوني في حربها الأخيرة على غزة والتي استمرت 51 يومًا، في مناطق غزة جعلت الكثير منها في حي الشجاعية والشعف وخزاعة وبيت حانون والكثير من المناطق الأخرى في محافظات قطاع غزة المحاصرة عبارة عن مدينة أشباح يسودها الدمار والصمت الذي تحركه معاناة أصحاب البيوت المدمرة.

وتزداد هذه المعاناة في فصل الشتاء؛ حيث البرد القارس والأمطار ويزداد الأمر صعوبة في قدوم المنخفض الجوي.

وبنبرات الألم تحدث بها السعودي لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": "لقد تهدم منزلي ومنزل أفراد عائلتي فلم يعد لي بيت ولا حتى لأقربائي للذهاب إليهم فحال العائلة الكبيرة مثل بعضها البعض، فكل ما تبقى من المنازل هو ركامها بعد أن خرجنا بالملابس التي علينا فقط".

وذكر أن معاناته تزداد بكل يوم خاصة في فصل الشتاء؛ حيث البرد القارس الذي يصعب عليه أن يجد من خلال خيمة يفترشها على ركام بيته المدمر أي نوع من الدفء والأصعب من ذلك حينما تعتلي صرخات أطفاله جراء البرد ولا يجد لهم مصدر دفء إلا احتضانهم بجسده البارد.

وعبر عن خشيته أن تطول فترة البدء بالإعمار خاصة أنه بعد انتهاء الحرب إلى الآن لم يشهد أي تحرك فعلي في إعادة البناء، قائلاً: "سوف أنتظر أن يتم إعمار منزلي فليس باليد حيلة".

نار الكرفانات

والحال ذاته لم يختلف مع المواطنة الغزية "أم صابرين النجار" التي دمر منزلها بالكامل ومنازل أبنائها في منطقة خزاعة بمدينة خانيونس، لتنتقل بها الحال مع أفراد عائلتها للعيش في كرفان لاتزيد مساحته عن 30 مترًا.

وقالت بنبرات صوتها المتألمة ولون وجهها الذي أخذ يقترب أكثر من اللون الأصفر جراء البرد الشديد الذي تعانيه،: "لقد تهدم منزلي المكون من 3 طوابق ما أدى إلى تشتت أفراد عائلتي فلم يعد لنا بيت يجمعنا".

وتابعت، بحزن شديد،: "لم يكن أمامي إلا العيش في كرفان صغير في ظروف صعبة غير صالحة للسكن الآدمي، فلا يعقل أن يعيش 8 أفراد في مكان لا تزيد مساحته عن 30 مترًا!".

وبينت أن المكان بارد جدًّا والأصعب من ذلك حينما تهطل الأمطار الأمر الذي يؤدي إلى غرق الكرفان وكثير من الوقت تختلط مياه الأمطار مع مياه الصرف الصحي مما يجعل الوضع أصعب من أن يطاق.

وأخذت تردد بحرقة: "حسبنا الله ونعم الوكيل.. وافقت على العيش بالكرفان مضطرة فلا بديل أمامي.. فلا مكان آخر لنا".

ولفتت إلى أنه كل ما تحصل عليه هي عبارة عن مساعدات بسيطة خاصة إذا تم مقارنتها بحجم ألم أصحاب البيوت المدمرة الكبير؛ حيث يفتقدون لكثير من الأشياء الأساسية فلا يملكون بطانيات كافية، ولا حتى ملابس شتوية تكفيهم، ولا يملكون ثمنًا لشراء احتياجاتهم، ولا يعرفون متى ستكون العودة لمنازلهم.

وأشارت، إلى أنها خرجت من المنزل فقط بالملابس التي على جسدها ولا تحمل معها شيء، حالها حال كل من فقد منزله لهول القصف الذي استهدفهم في حرب غزة الأخيرة.

ويذكر أن أصحاب البيوت المهدمة يعيشون في معاناة صعبة، خاصة أنه إلى اليوم ورغم انتهاء الحرب ما يقارب 4 شهور إلا أنه يوجد عائلات تسكن في المدارس والبعض وضع لنفسه خيمة على ركام منزله.

أزمة إنسانية

بدوره، قال الخبير الاقتصادي ماهر الطباع لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": إن "تأخير عملية إعادة الإعمار تسبب كارثة بالدرجة الأولى على المدمرة منازلهم خاصة في فصل الشتاء".

وتابع حديثه: "بالسابق كانت محدودية في الوحدات السكنية والآن أصبح الأمر أكثر صعوبة والحلول المؤقتة منها الكرفانات في قطاع غزة لا يمكن أن تكون حلاً للأزمة الإنسانية والاجتماعية لهم".

وأشار إلى أن حجم الدمار الهائل الذي خلفته الحرب الأخيرة على قطاع غزة كان في كافة مناحي الحياة وخاصة في منازل المواطنين حيث حوالي 50 ألف وحدة سكنية ضرر جزئي وعشرة آلاف وحدة سكنية تدمير كلي.

وأكد أن ما يشهده قطاع غزة حالة من الكارثة الإنسانية خاصة لأصحاب البيوت المهدمة مع قدوم فصل الشتاء. ولفت إلى أن أكثر من 90 ألف غزي بلا مأوى جراء تدمير الوحدات السكنية الخاصة به.

وأضاف: "قطاع غزة يعاني من حصار خانق منذ ما يزيد عن 8 سنوات ويمنع الاحتلال دخول مواد البناء للقطاع، ما يزيد المعاناة بعد العدوان".

وأشار إلى أنه حتى هذه اللحظة حالة المعابر كما هي، والكمية والنوعية من السلع التي يتم إدخالها كما هي كذلك، مبيناً أن وجود رقابة على مواد البناء سوف يؤخر عملية الإعمار إلى عشرين سنة مقبلة.

وأوضح، أن أغلب أصحاب البيوت المدمرة هم بالأساس من الفقراء واليوم جزء كبير انضم لهم، فهذه الشقق السكانية والمنازل هي "تحويشة العمر" والأصعب من ذلك أنها قائمة على دفع أقساط فمن الصعب تدمير البيت وصاحبه لا يزال عليه دفع الأقساط.

عام جديد مثقل

ويرى المحلل الاقتصادي معين رجب، أن العام الجديد (2015) سيأتي وفيه حالة من الضبابية نظرًا لعدم الوضوح في موضوع الإعمار.

وقال لـ"المركز الفلسطيني للإعلام": إننا "لا زلنا نعيش أمورًا لم يتم حسمها رغم الاتفاق عليها، فهنالك حكومة توافق لم تتم ممارسة أعمالها بغزة، وهنالك مصالحة فلسطينية لم يتم تطبيقها على أرض الواقع بعد".

وذكر قائلاً: "هنالك خطة إعمار لا نملك لها بديلاً فنحن مكبلين بها.. وهذه الأوضاع مع الحصار تلقي غاية الصعوبة لعام 2015 واستمرار الأوضاع سيكون لها الأثر على إعادة الإعمار".

وأضاف: "لكن في حالة حدوث شيء جديد من الانفراج سينعكس ذلك على خطة الإعمار، فلابد أن يكون بمستوى يسمح به إدخال مواد البناء الكافية للإعمار".

وبين أن "هنالك العديد من التراكمات عبر ممارسات العدو الصهيوني ليس بالحروب الثلاثة السابقة فحسب؛ بل في سياسة ممنهجة مستمرة من جانب الاحتلال فيما يحدث بقطاع غزة".

ورأى أن تراكم هذه الأوضاع الصعبة بوجود الحصار، تمثل عقوبات صارمة على قطاع غزة، من أجل أن يتجه الإنسان الفلسطيني إلى الإحباط.