أول دعوى قضائية تطالب بتعويض مليون دولار ضد
تعذيب السلطة

الجمعة، 14 آب، 2015
تقدمت الهيئة الأهلية
لاستقلال القضاء وسيادة القانون (استقلال) بتسجيل أول دعوى بالحق المدني في المحاكم
الفلسطينية للمطالبة بتعويض مالي قيمته مليون دولار لصالح مواطن فلسطيني أفاد بأنه
تعرض للتعذيب والمس بكرامته الإنسانية أثناء احتجازه في أحد مراكز التوقيف التابعة
للسلطة الفلسطينية.
فقد تم تسجيل دعوى مدنية في محكمة بداية نابلس من قبل المواطن
أحمد بلال عبد الله الديك بواسطة المحاميين محمد سقف الحيط وحسام الديك ضد مواطنين يعملان في المباحث الجنائية وضد جهاز
الشرطة ووزارة المالية والنائب العام، ومطالبتهم بتعويض مالي بقيمة مليون دولار للتعويض
عن ضرر ناجم عن التعذيب، وحدد تاريخ 20-10-2015 موعدا لعقد أول جلسة للمحكمة.
وقالت "استقلال" في بيان صحفي أصدرته أنها تهدف
بهذه القضية الى تشجيع الأشخاص الذين تنتهك حقوقهم القانونية خاصة في حال تعرضهم للتعذيب
على اللجوء إلى المحاكم الفلسطينية للمطالبة بالتعويض وتسجيل دعاوى مدنية ضد الدولة
بصفتها مسؤولة عن موظفيها وضد الأشخاص الذين يمارسون التعذيب، وهذا يساهم في بناء دولة
القانون القائمة على أساس احترام حقوق الإنسان.
ووفقاً للائحة الدعوى التي سجلت فإن المدعي مواطن فلسطيني
من قرية كفر الديك قضاء سلفيت، وهو طالب في جامعة القدس المفتوحة يعمل عاملا في مجال
الطباعة، وهو من مواليد25-9-1992. وبتاريخ 3-7-2015 المصادف ليوم الجمعة نشر المدعي
وعلى صفحته عبر موقع التواصل الاجتماعي تذمراً من أداء بلديّة كفر الديك، وتقدّم رئيس
البلديّة بشكوى لدى شرطة محافظة سلفيت بهذا الخصوص، وفي تلك الفترة قام جهاز الشرطة
بتاريخ 5-7-2015 باعتقال المدعي وتوقيفه مدة 5 أيام.
وخلال مدّة التوقيف أقدم الشخصان المدعى عليهما، وأسماؤهما
محددة بلائحة الدعوى بتعذيب المدعي بشتّى أنواع التعذيب وشبحه وضربه وحرمانه من النوم
وكذلك بضربه بالعصيّ والهراوات؛ ما أدّى إلى تكسّر بعض العصيّ (عصاة المكنسة) على جسد
المدعي لقسوة التعذيب. وخلال فترة توقيف المدعي
تعرض الأشخاص المدعى عليهما بأقسى عبارات الإهانة
اللفظية والشتائم بقصد إهانته وإذلاله وكذلك بإلزامه على القيام بحركات تحط من الكرامة
البشريّة.
وجراء ما لحق بالمدّعي من أذى أقدم جهاز الشرطة على إخلاء
سبيله خشية على حياته لما آل إليه الوضع الصحي للمدعي في اليوم الأخير من وجوده في
السجن التابع له، وفور خروج المدعي من السجن جرى عرضه على الطبيب المختص في مستشفى
ياسر عرفات والذي زوده بالتقرير الطبيّ الذي يفيد أن ما لحق به من كدمات وما أصابه
من أذى هو نتيجة هذا التعذيب ومنحه إجازة نتيجة ذلك ترنو عن الشهر.
وأشارت لائحة الدعوى إلى أن إقدام الشخصين المدعى عليهما
على تعذيب المدعي يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان، ويؤدي الى إهدار ثقة المواطن
الفلسطيني بمنظومة العدالة ككل، وكما أنه يلحق بالغ الأذى بالمدعي؛ وحيث إن المدعي
نتيجة لما لحقه من تعذيب تعطّل عن عمله ولم يعد قادراً على أداء وظيفته بالشكل المناط
به القيام عليه، وأن ذلك أدى إلى تراجع تحصيله الدراسيّ، وكذلك أدى الى وجود أذىً نفسيّ
كبير لحق به؛ تمثّل بطول فترة السَّرَحان والتشتت وعدم الالتفات إلى الموجودين، وكما
تجسّد هذا الأذى النفسيّ بقلة ساعات النوم لكثرة التفكير بالليالي الأليمة التي كان
الأشخاص المدعى عليهما بحكم وظيفتهما يسومونه سوء العذاب.
وأشارت لائحة الدعوى أن جهاز الشرطة والنيابة العامة مسؤولون
بحكم القانون عن أفعال موظفيهم، وقد قصّرا أيّما تقصير في الرقابة على مركز توقيف شرطة
سلفيت والذي جرى فيه التعذيب، والذي أدى إلى النتيجة التي جرى بيانها في بنود هذه الدعوى.
وقالت لائحة الدعوى، إن ما أقدم عليه المدعى عليهم مخالفة
صارخة لأحكام المادة 13 من القانون الأساسي الفلسطيني والتي جاءت تنص على أنه
"لا يجوز إخضاع أحد لأيّ إكراه أو تعذيب ويعامل المتهمين وسائر المحرومين من حرياتهم
معاملة لائقة".
وأشارت الدعوى إلى أن ما أقدم عليه الشخصان المدعى عليهما
بحكم وظيفتهما يشكل مخالفة لالتزامات دولة فلسطين وتصديقها على المعاهدات الدولية الناظمة
لموضوع التعذيب ونشير إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة
القاسية أواللا إنسانية أو المهينة الصادرة عن الأمم المتحدة في 26-6-1987.
والتي عرفت التعذيب على أنه "أى عمل ينتج عنه ألم أو
عذاب شديد، جسديا كان أم عقليا، يلحق عمدا بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من
شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه،
هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه هو أو أى شخص ثالث - أو عندما يلحق مثل هذا الألم
أو العذاب لأى سبب يقوم على التمييز أيا كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت
عنه موظف رسمي أو أي شخص يتصرف بصفته الرسمية ولا يتضمن ذلك الألم أو العذاب الناشئ
فقط عن عقوبات قانونية أو الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها."
وأشارت اللائحة إلى أن محكمة بداية نابلس هي صاحبة الاختصاص
بنظر هذه الدعاوى لقيمتها ولمكان نشوء الضرر،
ولمكان إقامة الأشخاص المدعى عليهما ضمن اختصاص
هذه المحكمة الموقرة. ونتيجة لما جرى بيانه
استحق للمدعي لدى المدعى عليهما تعويضاً عن ما لحق به من ضرر يقدره المدعي بمليون دولار
أمريكي لغايات إقامة هذه الدعوى، ويحتفظ لنفسه بحقّ تسمية الخبراء والأطباء لغايات
تقدير قيمة الضرر وفق الأصول الناظمة لهذا الأمر.
وطالب المحامي المحكمة بتبليغ المدعى عليهما لائحة الدعوى
ومرفقاتها ودعوتهما للمحاكمة، والحكم بإلزام المدعى بمبلغ مليون دولار أمريكي أو المبلغ
الذي يقدره الخبراء وفق الأصول والقانون، وإلزام المدعى عليهم بالرسوم والمصاريف وأتعاب
المحاماة وربط المبلغ بالفائدة القانونية حتى السداد التام.
يذكر أن الهيئة الأهلية لاستقلال القضاء وسيادة القانون
(استقلال) هي جمعية أهلية فلسطينية تضم في عضويتها قضاة سابقين وقانونيين وحقوقيين
وشخصيات مجتمعية، وتعمل على تعزيز استقلال القضاء الفلسطيني، وتحقيق مبدأ سيادة القانون.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام