إجراء جديد لعزل فلسطينيي 48 وتهجيرهم
إســرائيل تعــدّل قانــون المواطنــة لمنــع لمّ شمل عائلات متزوجين من أراضي الـ67
الجمعة، 13 كانون الثاني، 2012
صادقت المحكمة العليا الإسرائيلية أمس الأول على تعديل قانون المواطنة الإسرائيلية بشكل يمس بشكل فاضح بحقوق الأقلية العربية في إسرائيل ويشرّع التمييز العنصري ضدهم. وقد أدخل تعديل قانون المواطنة هذا في العام 2003 في ذروة انتفاضة الأقصى كخطوة عقابية ضد الفلسطينيين من مواطني الدولة العبرية لتحديد مكانتهم في المجتمع الإسرائيلي بعد مشاركتهم في أحداث الانتفاضة. ومثل هذا التعديل بداية الحملة على الحقوق الأساسية للمواطنين العرب في إسرائيل والتي انتهت مؤخرا إلى حملة فاشية على أوجه الديموقراطية المتبقية في إسرائيل من حرية تعبير وحرية انتظام.
وكانت الكنيست الإسرائيلية بغالبية يمينية قد أقرت التعديل في الكنيست العام 2003 ليحظر لمّ شمل العائلات إذا كان أحد الزوجين من الأراضي الفلسطينية المحتلة. وحظر القانون دخول فلسطينيين من سكان المناطق الى دولة اسرائيل، منع اقرار مكانتهم كمقيمين ومنع اقرار التصاريح الآنية لمكوثهم في اسرائيل وتضمن استثناءات قليلة على الحظر. وهكذا بات بوسع إسرائيلي أن يتزوج من أي مكان في الأرض إلا من الأراضي المحتلة التي شكل التواصل بينها وبين فلسطينيي الـ 48 جسر التواصل مع الأمة العربية. وكان هذا الأمر يتعرض طوال عقود لحملات شديدة من جانب القوى التي تنظر للخطر الديموغرافي وترى في التزاوج بين الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر تجسيدا زاحفا لحق العودة.
وقد دأبت إسرائيل على تمديد هذا التعديل بشكل سنوي وضمن قانون الطوارئ ولكن بعد أن أقرت المحكمة العليا بأغلبية ستة قضاة ضد خمسة رفض الالتماسات ضده بات الطريق معبدا لإقراره بشكل نهائي. والواقع أن النقاشات على مر السنين وخصوصا في المداولات الأخيرة للمحكمة العليا أظهرت حدة التباين بين من يرون في حقوق المواطنة كلا لا يتجزأ وبين من يعتبرونها مواطنة مشروطة خصوصا إذا كانت للعرب. وليس صدفة أن التعديل تم أساسا بفعل قانون الطوارئ كما أن المصادقة الفعلية عليه في المحكمة العليا تمت بتبريرات أمنية.
وأشارت صحيفة «هآرتس» إلى أن قضاة الغالبية أقروا بوجود حق دستوري في الحياة العائلية، الناشئ من حق كرامة الانسان، ولكنهم رأوا أن حجم الحق غير واجب التحقق في اسرائيل بالذات. كما تقرر بانه حتى لو كان هناك مس بحقوق دستورية، بما فيها الحق في المساواة، فان هذا المس يفي بالشروط المحددة في القانون الاساس.
أما قضاة الاقلية فاعتقدوا بان الحق الدستوري في الحياة العائلية للزوج الاسرائيلي يتضمن أيضا الحق في اقامة عائلة في اسرائيل، وان المس بالحق لا يفي بشرط فقرة القيد في القانون الاساس. اضافة الى ذلك اعتقد قضاة الاقلية بان الاشكالية التي في القانون تنبع أيضا من أن القيود المفروضة بقوة القانون على لم شمل العائلات تنطبق في غالبيتها الساحقة فقط على مواطني اسرائيل العرب.
وجاء قرار المحكمة العليا ردا على التماسات رفعتها عدة منظمات لحقوق الإنسان أبرزها منظمة «عدالة» العربية وجمعية حقوق المواطن ومركز «هموكيد» لحماية الفرد.
وبرزت في معارضة قرار المحكمة رئيسة المحكمة القاضية دوريت بينيش والمدعية العامة السابقة عيدنا أربيل والقاضي العربي الوحيد في المحكمة العليا سليم جبران والقاضية إستر حايوت والقاضي أدموند ليفي. واستند هؤلاء جميعا إلى أن التعديل يمس بحقوق الفرد ومن شأنه أن يظهر «تصنيفا عرقيا».
أما قضاة الغالبية فبرز بينهم الرئيس المرشح الذي عمل اليمين كثيرا من أجل ترشيحه القاضي أشير غرونيس والذي أكد أن الديموقراطية يجب أن تدافع عن نفسها وأن الأمن يتقدم عن حقوق الفرد. ومن الجائز أن توفر هذه الغالبية في المحكمة العليا شهادة على حجم التغيير الذي طرأ على هذه المحكمة التي حاولت طوال الوقت الوقوف كحارس معتدل مدافع عن القيم الديموقراطية وحقوق الفرد.
وليس صدفة أنه كان بين أول المدافعين عن القرار وزير العدل السابق دانييل فريدمان الذي كتب في صحيفة «يديعوت احرونوت» تحت عنوان «لا لحق العودة» أنه ينبغي الترحيب بقرار المحكمة العليا رفض الالتماسات ضد تعديل القانون. وكتب أن «الغاء هذا القانون كان سيفتح الباب امام حق العودة الفلسطيني من خلال الزواج، ويعرض للخطر وجود دولة اسرائيل. هذا فضلا عن المخاطر الامنية العادية التي ينطوي عليها دخول سكان الضـفة وقطاع غزة الى نطاق الخط الاخضر».
تجدر الإشارة إلى أن المصادقة على القانون في المحكمة العليا يفتح الباب لخراب بيوت الكثير من العائلات العربية في إسرائيل والتي تسمح من الآن فصاعدا لوزير الداخلية بحرمانها من حق الإقامة وبالتالي التفريق بين الأزواج واقعيا. كما أن أحد تجليات هذا التعديل أن كل زوجين أحدهما من الجانب الآخر للخط الأخضر صار مضطرا للعمل على الذهاب لدولة ثالثة للعيش هناك مما يشجع الهجرة من الأراضي الفلسطينية سواء المحتلة العام 1948 او المحتلة عام 1967.
المصدر: السفير