القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

«إسرائيل» تحشـد دولياً لإجهاض «المصالحـة» الفلسـطينيـة

وفد «فتح» وصل إلى القاهرة من دون علم بقبول «حماس» التوقيع:
«إسرائيل» تحشـد دولياً لإجهاض «المصالحـة» الفلسـطينيـة
 
الجمعة، 29 نيسان 2011

شرعت «إسرائيل» الرسمية أمس بحملة دولية لحرمان المصالحة الفلسطينية من حق الرعاية الدولية وتسويقها على أنها خطر داهم على «إسرائيل». وبعد إنذار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الرئيس الفلسطيني محمود عباس جاء دور تهديدات الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. في المقابل بدأت السلطة الفلسطينية حملة مضادة استهلتها بمحاولة تسويق المصالحة لأنصار السلام الإسرائيليين عبر اجتماع عباس بهم في رام الله.

وقد عقد نتنياهو يوم أمس اجتماعا طارئا لـ«السباعية» الإسرائيلية المسؤولة عن شؤون الأمن والسياسة للبحث في عواقب قرار المصالحة الفلسطينية. وحضر الاجتماع إلى جانب الوزراء السبعة عدد من قادة الجيش والاستخبارات لتقديم تصوراتهم حول الموقف. وكان قد سبق الاجتماع توجيه اتهامات للاستخبارات بأنها لم تقدم معلومات حول الاتفاق وأنها فوجئت كما الآخرون.

وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية فإن الخط العام للحكومة الإسرائيلية تقرر فور إعلان الاتفاق وذلك عبر الإنذار الذي وجهه نتنياهو للرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن عليه أن يختار بين «إسرائيل» وحماس. وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إنه «ليست هناك فرصة البتة للتباحث مع حكومة وحدة فلسطينية حتى إذا أفلحوا في إقامتها. وسنطلب من أصدقائنا في العالم عدم الاعتراف بها إلا إذا اجتازت طريق التغيير العميق».

وأشار المراسل السياسي للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي إلى مختلف السيناريوهات التي قرئت في المصالحة الفلسطينية. فاليمين يرى أن نتنياهو وجه إنذارا لأبو مازن، لكن الاتفاق مع حماس يوفر في الوقت نفسه فرصة. وتكمن الفرصة في القول إنه ليس في الجانب الفلسطيني شريك إذ إن حماس ستسيطر فعلا على السلطة كما أن هذه السلطة ستضطر للتصلب في مواقفها وستقود إلى قطع التعاون والتنسيق الأمني وستفرج عن معتقلي حماس في الضفة. وهذا يسمح لـ«إسرائيل» بإقناع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأن التحالف بين فتح وحماس ضار والنتيجة أنه ليس هناك شريك. وحينها تطالب «إسرائيل» بإيقاف أميركا والاتحاد الأوروبي للدعم المالي الذي يقدمانه للسلطة والكف عن تأييد إقامة دولة فلسطينية على حدود العام 1967.

ولاحظت «إسرائيل» أن الولايات المتحدة تصر على تنصل حماس من الإرهاب والاعتراف بـ«إسرائيل» كما أن أوروبا تطلق إشارات إيجابية من وجهة نظر «إسرائيل». فقد أعلن وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله أنه من البديهي أن الشرط اللازم للمصالحة الناجحة ينبغي أن يكون التنكر للعنف والاعتراف بـ«إسرائيل».

ومع ذلك هناك في السباعية الإسرائيلية خشية من أن لا يصل الأوروبيون إلى هذا الحد في موقفهم وأن يوافقوا على المصالحة الفلسطينية من دون اشتراط الاعتراف بـ«إسرائيل». ويذهب بعضهم إلى ما يسميه السيناريو العربي الذي يتجه نحو وحدة قوية تقوم على فكرة سيطرة أبو مازن على السلطة وبسطها في غزة. ثم تسويق ذلك على أنه خطوة ديموقراطية وجزء من عملية الإصلاح الجارية في المنطقة العربية. ويعتبر ذلك إنجازا يطالب العالم بالاستناد إليه في اعترافه بالدولة الفلسطينية. وضمن هذا السيناريو فإن حماس تنال مشروعية وعزلة «إسرائيل» ستتعمق ولكن سيسود الهدوء في الجنوب.

ولهذا السبب قررت السباعية بذل أقصى الجهد مع أوروبا وجندت لهذه المهمة أيضا كلاً من الرئيس شمعون بيريز وزعيمة المعارضة تسيبي ليفني. وأعلن بيريز أن المصالحة الفلسطينية خطأ وأنها تفقد السلطة سعيها من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وتساءل عمن سيقود حكومة الوحدة هذه. «فإذا فازت حماس في الانتخابات وهي تملك ميثاقا يدعو لتدمير «إسرائيل» وتواصل كونها حركة إرهابية ماذا ستكون خيارات «إسرائيل»؟».

وقالت ليفني إن ««إسرائيل» تواجه اليوم مزيجاً جديداً. وفي المستقبل سوف نكتشف ما إذا كان هذا المزيج سيقوي حماس وهو ما يعني التأثير على قدرتنا لتحقيق السلام».

وهناك، وفق الرؤية الإسرائيلية سيناريو وسطي: حكومة انتقالية يسيطر عليها أبو مازن تقوم على أساس برنامج عمومي لا يتضمن الاعتراف بـ«إسرائيل» ويبقي أمور الأمن والسياسة الخارجية بيد منظمة التحرير وهو ما يدفع العالم لقبول الوحدة الفلسطينية كأمر واقع. وبعد ذلك يأتي الاعتراف بالدولة الفلسطينية في ظل استمرار الجمود في المفاوضات.

وفي كل حال فإن التقدير الشائع في «إسرائيل» بأن الاتفاق الفلسطيني لن يصمد طويلا و«إسرائيل» تعمل من أجل فرض عقوبات على السلطة في حال توقيع أبو مازن على الاتفاق مع مدير المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في القاهرة. وقد طالب كل من ليبرمان وموشيه يعلون في مداولات السباعية بفرض عقوبات على السلطة ولكن لم تتخذ قرارات بهذا الشأن. ولكن نتنياهو يعتقد أن أبو مازن أخطأ في تقديره وذهابه للاتفاق مع حماس. فهذا الاتفاق يشجع الدول الأوروبية على عدم تأييد إعلان الدولة الفلسطينية ومن دون هذا الدعم لا مكان، في نظر نتنياهو، لدولة فلسطينية. وفي السباعية قال أحد الوزراء إنه إذا كان أبو مازن هو من يسيطر على السلطة فإن أول طلب منه هو تفكيك منظومة الصواريخ التي أقيمت في قطاع غزة.

وفي اجتماع عقده الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله يوم أمس مع وفد من أنصار السلام الإسرائيليين أكد أنه في رده على إنذار نتنياهو يختار السلام مع نتنياهو وحماس على حد سواء. وقال إن حماس جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني في حين أن نتنياهو شريك للسلام. وأشار إلى أن الحكومة الفلسطينية التي ستنشأ ستتصرف وفق السياسة التي يخطها هو وأن ممثلي منظمة التحرير هم من سيواصلون إدارة المفاوضات مع «إسرائيل».

ولاحظ مراقبون اختلافا في هذا الجانب بين ما أعلنه عدد من قادة حماس بعد توقيع الاتفاق وما أشار إليه أبو مازن. فقد رفض رئيس وفد حماس لاتفاق القاهرة موسى أبو مرزوق شروط الرباعية وقال إنها سقطت كما أن عضو الوفد الدكتور محمود الزهار قال إن «خطتنا لا تشمل إجراء مفاوضات ولا اعترافا بـ«إسرائيل»»

وفاجأ ابو مازن الحضور الإسرائيلي بالقول إن وفد فتح وصل إلى القاهرة من دون أن يعلم أن حماس ستقبل التوقيع على الورقة المصرية. وكان الزهار قد أبلغ مراسلاً للتلفزيون الإسرائيلي أن أبو مازن لم يكن يعلم بنية التوقيع على الاتفاق لكن المسؤولين المصريين كانوا في صورة الأمر.

وكان ليبرمان قبيل اجتماع السباعية قد أعلن أن قيادة حماس في ضائقة جراء ما يجري في سوريا مثلما أن الرئيس عباس الذي استند طويلا إلى الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك يخشى من سيطرة «الإخوان المسلمين» على الحكم في مصر. وشدد على أن الاتفاق يعني الإفراج عن «مئات المخربين الذين سيغرقون يهودا والسامرة»، مما يستدعي وجوب «الاستعداد لمواجهة الوضع حتى من الناحية العسكرية».

المصدر: جريدة السفير